دليلك لتعزيز الذاكرة والوقاية من ألزهايمر

 

 

 يعد مخ الإنسان المسئول عن التحكم في وظائف الجسم المختلفة مثل التعلم والتفكير والذاكرة وغيرها، وبالتقدم في العمر قد يفقد المخ وظائفه تدريجيا ويكون الإنسان عرضة   لفقد التركيز والتذكر والقدرة على التعلم والإصابة بالنسيان والخرف وألزهايمر خصوصا مع وجود الاستعداد الجيني لهذا المرض  ، وهذا من سنن الله في خلق الانسان، قال الله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).  وقد يحدث تلف خلايا الدماغ في سن مبكرة بسبب استمرا  الوتر والقلق  وتناول الأطعمة المدمرة لخلايا المخ  التي تحتوي علي غلوتامات أحادية الصوديوم “MSG”، وكذلك تعاطي المخدرات والكحول وغيرها. ينتج عن كل ذلك التحفيز الزائد للخلايا العصبية   “Excitotoxicity”، والزيادة الشديدة للناقل العصبي “الغلوتومات» وغيره من النواقل العصبية المنبهة لخلايا المخ ، هذه المواد تسبب تلف الخلايا العصبية فتؤثر سلبياً على الذاكرة و التفكير والمهارات السلوكية والادراكية والاجتماعية و التعلم المتجدد وغيره. وقد يؤدي ذلك الاصابة بألزهايمر والخرف، نتيجة لتحول البروتين Amyloid Precursor Protein الذي يلعب دورا محوريا في وظائف الخلايا العصبية، الي البروتين  «أميلويد بيتا» Amyloid Beta Protein”، المدمر للخلايا العصبية. كما ينتج عن ذلك قلة الناقل العصبي «الأستيل كولين» الضروري لصحة الخلايا العصبية وتنشيط الذاكرة والتعلم. أضف الي ذلك يعد قصور المايتوكندريا وانخفاض انتاج الطاقة  في الدماغ من العوامل الرئيسية لتدمير الخلايا العصبية والإصابة بألزهايمر و الخرف وفقدان الذاكرة.  ويحدث كل ذلك بسبب الإجهاد التأكسدي والطفرات الجينية والالتهابات المرتبطة بالسكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وغيرها من الأمراض المزمنة والتلوث البيئي.

 وبالرغم من التقدم في المجال الطبي الا أنه يصعب التنبؤ بألزهايمر ولا يوجد علاج فعال له، فالعلاجات المتوفرة تحفظ  سلامة ما تبقي من  الخلايا العصبية وتقلل من تكوين البروتينات السامة وتزيد مستوى الأستيل كولين. وحيث أنه لا يمكن السيطرة على الشيخوخة  والاستعداد الجيني لمرض ألزهايمر، فيمكن  تقليل الإصابة به  بالطرق الطبيعية التي قد تؤدي الي  تحفيز تحول الخلايا الجذعية العصبية إلى خلايا عصبية ناضجة تحفظ وتجدد خلايا المخ مدى الحياة. ويمكن ذلك من خلال الحفاظ على النشاط البدني والعقلي والحفاظ على الوزن الصحي، والبعد عن  الأطعمة المحفوظة والاسراف في تناول المنبهات والتدخين والمخدرات والكحول والحفاظ على ضغط الدم والسكر والكوليسترول عند المعدلات الطبيعية.  كذلك يساعد الحصول على قسط جيد من   النوم  من 7 الى 9 ساعات ليلا على زيادة هرمون الميلاتونين الذي يدعم الخلايا العصبية. ويلعب الغذاء الصحي المتوازن دورا هاما في امداد الجسم بالمواد اللازمة لإنتاج الطاقة ودعم الميكروبيوم الصحي وتقليل الالتهابات وتحفيز الالتهام الذاتي  ودعم  عمل خلايا الدماغ ، وبذلك يقلل من الإصابة بمرض الزهايمر. كذلك للغذاء دورا حيويا في تخليق النواقل العصبية مثل الميلاتونين والسيروتونين والدوبامين والأستيل كولين وأكسيد النيتريك الضرورية  لوظائف الدماغ وجميع أعضاء الجسم.  فالأطعمة الغنية بالأحماض الأمينية الضرورية وفيتامين «ب المركب» وفيتامين “ب 12” ضرورية لتكوين الموصلات العصبية وغلاف الخلايا العصبية «المايلين»، والكريات الحمر ونقل الأكسجين وتحسين إنتاج الطاقة وتحسين الأداء العقلي،  كذلك تناول  الأملاح المعدنية مثل الحديد والكالسيوم و الماغنسيوم والزنك والسيلينيوم وغيرها. كما يساعد   حمض الفوليك على خفض مستويات الأحماض الكبريتية التي تسبّب تصلب الشرايين وتراجع عمل المخ.  أيضا يعد صفار البيض والشمندر من الأطعمة الضرورية لتعزيز انتاج الأستيل كولين وغيره من المواد الضرورية للحفاظ على وظائف المخ وتعزيز الذاكرة، كذلك تناول الخضراوات  لغناها  بمضادات الأكسدة و»فيتامين K « ا الضروري لصحة العظام و يمنع تكلس الأنسجة  ويحفظ توازن التخثر الدموي، كما أن للعنب والتوت والكركم والقرفة والقرنفل والزنجبيل وغيرها من البهارات  دورا حيويا في تقليل الالتهابات وخلق بيئة مثالية لتجديد خلايا الدماغية بتعزيز تحول الخلايا الجذعية الدماغية. أضف الي ذلك الشاي الأخضر الغني بمضادات الأكسدة « EGCG «  التي تمنع التلف الخلوي وضآلة الأيض الناشئة عن كثرة الجذور الحرة، وبذلك يعمل  الشاي الأخضر كمنشط   للأعصاب ويمنع الضرر المعرفي.  كما تحتوي الشوكولا على مركب الفلافانول الذي يزيد التدفق الدموي إلى أجزاء المخ المسؤولة عن التعلم والذاكرة. كما ينصح بتناول الدهون الصحية الموجودة في الأسماك  والمكسرات والزيوت النباتية مثل  الزيتون وجوز الهند  والأفوكادو والكانولا وغيرها  لغناها « بفيتامين E « وقدرتها على تنظيم استقلاب الكوليسترول وتعزيز التمثيل الغذائي للخلايا العصبية وتعزيز الذاكرة والقدرات المعرفية ،كما تعمل الزيوت النباتية العطرية مثل النعاع  والريحان والورد والخزامى   وغيرها لنفس الغرض.  ويحتوي البطيخ والرمان والشمندر والتوت على مواد تحفز إنتاج «أكسيد النيتريك» الضروري لتحسين التدفق الدموي الى الجهاز العصبي. كما أن الصيام يعزز تجدد الخلايا العصبية حيث ينخفض هرمون اللبتين فيرسل المخ إشارات كيميائية للخلايا العصبية لإنتاج المزيد من الطاقة. كما تسهم ممارسة الرياضة في زيادة عوامل التغذية العصبية المستمدة من الدماغ التي تساعد على تجديد الخلايا العصبية. أيضا تعلم أشياء جديدة والقراءة  والتأمل والإيجابية واجراء العمليات الحسابية وحفظ القرآن الكريم وتدبره وأداء العبادات  بخشوع من العوامل المساعدة على تنشيط خلايا المخ وتعزيز الذاكرة  وتحصيل العلم  والوقاية من الاكتئاب والخرف والزهايمر بإذن الله.

أ. د. جمال الدين ابراهيم هريسه

أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي

كلية الصيدلة 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA