من المعروف أن الإنسان لديه القدرة على التأقلم مع ظروفه، والتعايش معها، حينما يحتاج لذلك. ولكن إظهار هذه القدرة مرتهن بمدى الحاجة إليها. فمن يذهب إلى الحج مثلا، يتحمل حرارة الجو والازدحامات، وربما يكتفي بأقل القليل من الطعام والشراب في تلك الأيام، لأنه لا يتوقع الراحة الكاملة التي يجدها في بيته.
ومع إمكانية توفر الظروف «المثالية» من التكييف والتحكم في ظروف المناخ داخل بيوتنا، صرنا نطلب بيئة مريحة جدا داخل بيوتنا، وبشكل دائم! كما صار استخدام الفراغات الخارجية غير مريح، ربما بسبب مجرد زيادة بسيطة في درجة الحرارة.
التقنيات الحديثة تساعد الآن في جعل الظروف مريحة أكثر، ولكنها في الوقت نفسه جعلتنا نعتمد عليها كثيرا، لدرجة أن اعتيادنا عليها جعل من الصعب على بعض الأشخاص العيش بدونها. ولعل من تلك الإشكالات ما نراه حينما يزور بعض الشباب كبار السن، فالشباب يريدون تكييفا باردا، بينما يفضل الكبير الجو المعتدل، ولاسيما إن كان ممن يعانون من آلام المفاصل أو الروماتيزم؛ مما يجعل بعضهم يقلل وقت الزيارة والجلوس مع هذا الكبير. الشيء نفسه نراه في بعض المساجد أيضا من قيام بعض الشباب بزيادة البرودة، غير عابئين بالوضع الصحي لكبار السن الذين يتعبهم التكييف البارد!
الترشيد في الاستهلاك، والاستخدام الكفء للفراغات، يتطلب أن نستفيد من بعض التقنيات لتخفيف الظروف القاسية لتكون مقبولة، مع الاعتياد على المرونة المعقولة. ومن ذلك ما يستخدم أحيانا من التكييف الصحراوي أو الرشاشات المائية لتلطيف الجو في الفراغات الخارجية؛ وبالتالي، لا يصبح الجو عائقا أمام استخدامها. ويبقى التركيز على تهيئة المكان ليصبح مناسبا للمتطلبات النفسية والاجتماعية.
د. محمد بن عبد العزيز الشريم
أستاذ العمارة والسلوك البيئي المشارك
كلية العمارة والتخطيط
إضافة تعليق جديد