آمناً في سربه ..

 

 

 

 

الأمن مطلب فطري ومبتغى بشري، تشرئبّ له الأعناق، وتميل إليه كل نفس وتشتاق، وقد جعله الله أعظم نعمِهِ على خلقه، فقال سبحانه ممتنًا على عباده: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ)، وقال جلَّ ذكره في الآية الأخرى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً للنَّاسِ وأَمنًا). 

وقد كان الأمن المطلب الأول في دعوة نبينا إبراهيم عليه السلام، يقول تعالى مخبرًا عنه: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) فبدأ بالأمن قبل الرزق، إذ لا بقاء للرزق من غير أمن.

ويؤكد نبينا عليه الصلاة والسلام هذا المعنى، ملفتًا لعظيم نعم الله على عباده، وجزيل مِنَنِه، حيث يقول: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا).

عندما يسكن روعك وتَأمَنُ نفسك؛ تستطيع أن تعبد ربك، وأن تمشي في حاجتك، دون خوف أو وجل.

يحدثنا تاريخ الجزيرة العربية القديم عن قطّاع الطرق، ولصوص القوافل، وكيف كانت صولتهم وجولتهم؛ من استيلاء على الأموال، واستباحة للدماء، وانتهاك للحرمات، تجعل المسافرَ يحمل همّ قطاع الطريق قبل مشقته، ولصوص السفر قبل وعثائه، حتى قيّض الله لهذه البلاد من يجمع شتاتها، ويستثمر خيراتها، تحت راية واحدة، وبقيادة رائدة، عرفها الآباء والأجداد، وتنعّم بظلها الأولاد والأحفاد، كل ذلك بتوفيق الله ثم بجهود المخلصين، ورعاية الناصحين من أئمة هذه الدولة المباركة وحكامها، وسنظل كذلك ـ بحول الله ـ نتقلب في نعم الله، آمنين مؤمنين، سامعين مطيعين لمن ولاه الله أمرنا، وأوجب علينا طاعته والسمع له.

حفظ الله مملكتنا حكامًا ومحكومين، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.

 

 

أ.د. حمود بن إبراهيم السلامة

مستشار وكيل الجامعة للشؤون التعليمية والأكاديمية

كلية التربية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA