تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

 

يعد صيام رمضان فترة استشفائية لإصلاح الخلل الذي يحدث في أعضاء الجسم على مدار العام، فقد أكدت الدارسات الحديثة أن حمية الصيام المتقطع (16/8)، والتي تحاكي صيام رمضان تساعد على تحسين ضغط الدم والكوليسترول والسكر وتقوي الجهاز المناعي وتقي من السرطان، كما أكدت الدراسات أن الصيام يؤثر إيجاباً على قدرات العقل   ويمنع من الكبد الدهني ويعالج أمراض الجهاز الهضمي والسمنة ومتلازمة الأيض وغيرها من الأمراض، فالصيام يعزز كفاءة التمثيل الغذائي باستهلاك الجليكوجين والشحوم المخزونة في الكبد والعضلات وجميع أعضاء الجسم، وينتج تنبيه الالتهام الذاتي Autophagy» وإعادة تدوير المواد المخزونة والتالفة والتخلص من السموم، فيتم فقدان الوزن الزائد، وهذا يعزز وظائف القلب والتدفق الدموي لجميع أعضاء الجسم، حيث يحفز الصيام إفراز العديد من البروتينات التي تساعد في تنظيم عمليات التمثيل الغذائي وإصلاح الحمض النووي وتقوية المناعة وزيادة القدرات المعرفية وتعزيز الصيام على الميكروبيوم.  كما يحفز الصيام إفراز مادة الإندورفين المسببة للسعادة والتي تعزز إنتاج الأجسام المضادة مما يقلل الإصابة بالبكتريا والفيروسات وغيرها.  لذا ينتج عن الصيام تحسن ملحوظ في عدد خلايا الدم الحمراء والبيضاء، وتوازن المحركات الخلوية والأجسام المضادة وهذا يعزز الجهاز المناعي وتزداد فرص الشفاء من الأمراض، كما يعد الصيام من المعززات القوية لنمو وتجديد الخلايا العصبية، فقد أشارت الدراسات الحديثة أن الصيام من العوامل القوية لتنشيط عوامل التغذية العصبية، كما ينتج عن الصيام الإيقاع الصحيح لهرمونات الإنسولين والغريلين واللبتين وأديبونكتين، فينتج الجسم المزيد من الطاقة التي تساعد الخلايا العصبية وغيرها من الخلايا على الحيوية والتجدد، كما يعمل الصيام على تنشيط الأنزيم المحلل للأنسولين « IDE “، الذي   يلعب دورًا محوريًا في توازن عمل الإنسولين وغيره من الهرمونات، وتخلص الخلايا العصبية من مركبات الأميلويد بيتا بروتين « Amyloid Beta Proteins “، المدمرة للخلايا العصبية،  كما يسهم تناول الصائم للطعام الصحي في خلق بيئة مثالية لتجديد وتكوين الخلايا العصبية.

ويُنصح الصائم بتناول غذاء صحي متوازن بتناول الفيتامينات والأملاح المعدنية البروبيوتيك مع شرب كميات كافية من الماء خلال فترة الإفطار، كما يجب الحرص على تناول فيتامين «سي» المتواجد في الحمضيات والفراولة والفلفل والبقدونس وغيرها، كما ينصح بتناول الأحماض الدهنية «أوميجا 3» من الأسماك الدهنية وبذور الكتان والمكسرات. بالإضافة إلى تناول الأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء والبروكلي والإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة مثل العنب والتوت والجوز وبذور الكتان والكركم والشوكولاتة الداكنة. فكل هذه الأطعمة غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية ومضادات الأكسدة والفلافونويد ومواد تعزز التدفق الدموي للمخ وتغذية الخلايا العصبية وتحث الخلايا الجذعية العصبية على التحول إلى خلايا عصبية ناضجة.  ويجب البعد عن الأغذية الغنية بالسكر والدسم والأملاح والأطعمة المصنعة التي تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي والصحة العامة بزيادة الجذور الحرة المدمرة للخلايا، أيضا يجب الحصول على قسط كاف من النوم لفترة تتراوح بين 7 الى 9 ساعات ليلًا، لأن قلة النوم على المدى الطويل تدمر الخلايا العصبية وتسبب الإصابة بالأمراض العصبية والخرف والاضطرابات المعرفية، كما تسهم ممارسة الرياضة مع الصيام في تعزيز التمثيل الغذائي والوظائف الحركية وزيادة التواصل العصبي وتعزيز عوامل التغذية العصبية وتكوين خلايا عصبية جديدة بتحسين مستويات هرمون الميلاتونين الذي يدعم الخلايا العصبية.

وبذلك يعود الصيام بالفوائد العديدة على الصحة البدنية والعقلية والروحية وتعزيز قدرات العقل،  قال الله تعالى ‭{‬وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‭}‬.

أ. د. جمال الدين ابراهيم هريسه

أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA