إن الشريعة الإسلامية وسط بين الشرائع، وإن المسلمين هم الأمة الوسط بين الأمم، ومما لاشك فيه وتدركه العقول، بأن هذا الشرع جاء لتحقيق مصالح الناس بجلب المنفعة ودرء المفسدة، والله -عز وجل- لا يأمر أو ينهى إلا لحكمة عظيمة، فجاءت النصوص الشرعية بنبذ التطرف، والدعوة إلى الوسطية والاعتدال قال الله تعالى:﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ ]سورة المائدة: 77[،قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثا»، «قال النووي-رحمه الله- أي: المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم، فالتطرف الفكري يوجد في كل مكان وزمان، ويختلف باختلاف الظروف المعاصرة، وفي الوقت المعاصر أصبح الفضاء السيبراني جزءاً مهمّاً من حياتنا؛ كونه يوفر جهداً ووقتاً ومادةً، فتزايد الاعتماد عليه من جميع الفئات العمرية، مما أدى إلى الاحتكاك مع جميع الأفكار والمعتقدات والثقافات المختلفة، ومن هنا نستطيع القول بأن المتطرفين وجدوا هذا الفضاء وسيلة لبث فكرهم المتطرف، فالارتباط قوي بين التطرف الفكري والفضاء السيبراني؛ لسهولة بث الأفكار لأكبر عدد ممكن من الأشخاص بمختلف الأعمار، وهذا يؤثر سلباً عند النظر إلى الأفكار السلبية، ومحتواها المتطرف على المجتمعات، بل يصل تأثيره إلى الدول، ويترتب على هذه العلاقة، أنه كلما زاد الاهتمام والعناية بالأمن السيبراني، زادت السيطرة على التطرف الفكري، واقتلاعه من جذوره، فلابد من الحفاظ على المجتمعات والدول وتوفير بيئة سيبرانية آمنة معتدلة، بعيدة كل البعد عن الأفكار الدخيلة والمتطرفة، فالأمن السيبراني لا يقلُّ أهمية عن الأمن العسكري في ساحة القتال؛ كونه يحمي المجتمعات من المحتوى الرقمي المتطرف، ويحافظ عليها من مزالق التطرف الفكري، الذي أدى إلى ضياع كثير من الأمم، فلابد من مواجهة هذا التطرف الفكري من خلال الأمن السيبراني بواسطة مختصين من قِبل الدولة، للقضاء على الفكر المتطرف.
حسناء بنت سامي الأحمدي
إضافة تعليق جديد