د. الجارالله: أكثر من مليونَي مصاب بالتصلب والإناث الأكثر عرضة

لايوجد سبب للتصلب اللويحي ... والعين حق !!

 

62 مصابًا من بين 100 ألف مواطن

  

حوار / محمد العنزي

 

يُعتبر التصلب اللويحي من الأمراض التي ظهرت منذ زمن بعيد،  لكنه أخذ في الانتشار مع مرور السنوات في دول العالم، وفي الدول العربية أيضًا. فما التصلب اللويحي؟  وما مدى خطورته؟

 

للإجابة عن ذلك التقت رسالة الجامعة بالدكتور سلمان الجارالله استشاري المخ والأعصاب بمستشفى الملك خالد الجامعي.

 

  ما التصلب اللويحي؟ ومتى سُجلت أول حالة ؟

 

التصلب اللويحي أو التصلب المتعدد Multiple sclerosis هو مرض مناعي يصيب المخ والحبل الشوكي، ويقصد بكلمة (مناعي) أن الضرر الذي يصيب المخ تتسبب به خلايا الدم المناعية. أما عن أول حالة تم تشخيصها بشكل مؤكد فتعود لنهايات القرن التاسع عشر في فرنسا، لكن يعتقد أن هناك حالات قد تعود للقرن الخامس عشر الميلادي في أوروبا.

الجدير بالذكر أن التصلب اللويحي يختلف تماماً عن التصلب العضلي الضموري، حيث إن الأخير مرض غير مناعي وعلاجه أصعب.

 

 

ما أنواع التصلب اللويحي؟  وما أشد الأنواع خطورة؟

 

النوع الأكثر شيوعاً (يصيب حوالي 80% من المرضى) هو ما يسمى بالانتكاسي الراجع، أو الانتكاسي الرجوعي، أوالانتكاسي السكوني، وهذا النوع يظهر على شكل انتاكسات (هجمات) تستمر أيامًا أو أسابيعَ يتبعها فترة من التحسن أو الاستقرار.

غالبية الانتكاسات تتحسن بنسبة عالية مع الوقت، لكن مع تكررها قد لا يكون هناك تحسن، وقد ينتج عنها أعراض مزمنة وإعاقات. النوع الثاني يسمى بالتطوري الثانوي أو التقدمي الثانوي، ويصيب حوالي 50-80% من مرضى النوع الأول، حيث إنه بعد مرور السنين تختفي الانتكاسات، لكن رغم ذلك قد يشعر المريض بتدهور بطيء في التوازن، أو بضعف في العضلات أو المشي.

  النوع الثالث هو التطوري الأولي حيث إنه مشابه للتطوري الثانوي من ناحية التدهور البطيء، لكن دون وجود أي انتكاسات سابقه، وهذا النوع قد يكون الأصعب علاجاً.

 

عالميًا كم عدد المصابين بهذا المرض؟ وما أكثر الدول تسجيلًا للحالات ؟

 

حسب آخر التقديرات يقدر أن هناك حوالي 2.8 مليون مريض بالتصلب اللويحي عالمياً، ويكثر المرض في دول أمريكا الشمالية وشمال أوروبا ويقل في أفريقيا وشرق آسيا عالمياً، ومحلياً هناك تزايد مضطرد في تشخيص حالات التصلب اللويحي لأسباب متعددة منها توفر طرق التشخيص وتحسنها، بالإضافة إلى زيادة حقيقية في عدد المصابين به.

 

وفي دراسة سعودية نشرت عام 2020 قُدّر عدد مرضى التصلب السعوديين بـ62 مريضًا  لكل 100 ألف مواطن، لكن يعتقد أن الرقم الحقيقي قد يتجاوز هذا التقدير.

  

هل المرض يصيب جنسًا أو عمرًا بعينه أكثر من غيره ؟

 

المرض يصيب كلا الجنسين، لكن الإناث يصبن به بشكل أكثر حيث يشكلن ثلثي الحالات تقريبًا، والغالبية العظمى من الحالات يتم تشخيصها بين عمر الـ20 و الـ40 سنة، لكن هناك مرضى يتم تشخيصهم قبل البلوغ، أو في مراحل متقدمة من العمر.

 

هناك من يقول إن المرض سببه (عين أو حسد أو سحر) ما رأيكم ؟

 

العين حق، لكن علمياً لا يوجد سبب واحد مثبت للتصلب اللويحي،  وتلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في قابلية التعرض للمرض، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل التعرض لبعض الفيروسات الشائعة، وكذلك نقص فيتامين د، والسمنة أثناء فترة المراهقة وكذلك تدخين السجائر.

 

 

ما أعراض المرض ؟

 

أعراض الانتكاسات تختلف حسب المنطقة المصابة في الجهاز العصبي، وأكثر الأعراض شيوعاً هي التنمل، و تغير الإحساس في الأطراف أو الوجه، بالإضافة لنقص النظر في إحدى العينين،  وهناك أعراض أخرى مثل اضطراب التوازن، وضعف عضلات الأطراف، وصعوبة التحكم بالمثانة. ولا بد أن تستمر هذه الأعراض لمدة يوم أو يومين على الأقل.

 

 

هناك ما يسمى بالأعراض الخفية للتصلب؟ ماذا يقصد بها؟

 

هذه أعراض تكون مزعجةً للمريض، وتؤثر على حياته، لكن لا تكون ظاهرةً أمام الآخرين أو أمام الطبيب. أشهرها هو الإجهاد الشديد الذي يحدث لنسبة عالية من مرضى التصلب، فالمريض يحس بإجهاد ولو بذل مجهوداً بسيطًا، وقد يشعر بالإجهاد دون بذل أي مجهود، وهذا قد يكون مرتبطًا بنشاط المرض. كما أنه قد  يعاني من صعوبة في التركيز، وإجراء المهام المتعددة، وأحيانًا يعاني من البطء في العمليات الذهنية. وقد يشعر بالقلق وهبوط المزاج.

 

كيف يتم تشخيص الحالات؟

 

تشخيص المرض يعتمد على أخذ تاريخ مرضي دقيق من المريض، بالإضافة إلى الفحص السريري، ويتم تأكيد التشخيص عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للرأس، وأحيانًا الحبل الشوكي. وعند وجود شك قد نلجأ أحياناً لعمل خزعة الظهر لتحليل السائل النخاعي الشوكي، وهو ما يساعد على تأكيد تشخيص المرض.

 

 

إلى أين وصل العلم فيما يخص علاج مرضى التصلب اللويحي ؟

 

 

خلال الـ15 سنةً الماضية حصل هناك تطور في الأدوية المناعية التي تقي من الانتكاسات، فأصبح هناك الكثير من الأدوية الفعالة الآمنة، وهو ما انعكس بشكل ملحوظ على المرضى، حيث أصبح هناك الكثير من المرضى ممن لا يظهر عليهم أي حاجة لاستخدام وسائل المساعدة على المشي حتى بعد 20 سنة من المرض. أيضًا هناك تحسن في طرق التشخيص، مما أدى إلى سرعة في التشخيص وبدء العلاج المناسب مبكراً.

 

حالياً هناك أبحاث قائمة لإيجاد أدوية لإعادة تصحيح الضرر، وأيضاً لإيجاد لقاح يقي من المرض، لكن مازالت هذه الأبحاث في مراحل مبكرة.

  

 

هل العلاج المناعي يعيد المريض إلى حالته الطبيعية؟

 

في حال حدوث الانتكاسات فإن المريض يعطى جرعات من أحد أنواع الكورتيزون لمدة 3 إلى 5 أيام، مما يساعد على التحسن من الانتكاسة، لكن الأدوية المناعية الواقية مفعولها مرتكز على الوقاية من الانتكاسات التي ينتج عن تكررها الإعاقة المزمنة.

 

 

ماذا عن زراعة النخاع أو الخلايا الجذعية؟ هل لها دور في مرض التصلب اللويحي؟

 

النوع الوحيد الفعال للتصلب من الخلايا الجذعية هو ما يؤخذ من نخاع العظم ويحقن في الدم، وهو من أكثر التدخلات فعاليةً في علاج التصلب اللويحي، لكنه يحمل نسبةً عاليةً من الخطورة والمضاعفات مقارنةً بالأدوية المناعية، لهذا لا يتم عمله إلا في حالات محدودة جداً ومختارة بعناية، وفي حال فشل أكثر من علاج مناعي.

 

كم مدة العلاج المناعي ؟

نظرًا لأن التصلب مرض مناعي مزمن، فإن غالبية المرضى بحاجة للاستمرار على علاج مناعي لمدة طويلة قد تصل إلى 10سنوات أو 20 سنة.

 

المتابع للمرض يلاحظ وجود أنواع متعددة من الحميات الغذائية التي يُنصح بها مرضى التصلب مالحمية المناسبة ؟

صحيح، فهناك الكثير من الحميات الغذائية التي يروج لها بناءً على معلومات نظرية أو دراسات محدودة، لكن في الحقيقة حتى الآن لم يثبت وجود أي حمية غذائية خاصة بمرضى التصلب قد تؤدي للشفاء أو تخفف الانتكاسات، لهذا ننصح المريض بغذاء متوازن ومتنوع، وأن يحافظ على وزنه في حدود الطبيعي ويجتنب السمنة.

 

ختامًا ما نصائحكم التي تقدمونها لمرضى التصلب اللويحي ؟

كثير من المرضى يصعب عليه تقبل التشخيص في البداية، خاصةً عند حدوث التحسن المتوقع بعد الانتكاسة الأولى، وهو ما قد ينتج عنه إيقاف العلاج أو البحث عن بدائل أخرى غير مدروسة. لهذا أنصح المريض بسؤال الطبيب عن جميع الأسئلة المتعلقة وأن يكون معه صريحاً. وفي حال عدم وجود ثقة بالطبيب لسبب أو لآخر فلا مانع من استشارة طبيب أعصاب آخر بدلًا من إيقاف العلاج.

أيضًا يجب على المريض عدم مقارنة حالته بأي مريض آخر مهما تشابهت الأعراض، فبعض المرضى يعيش بشكل طبيعي جداً وبعضهم قد يحتاج وسائل مساعدة على المشي خلال فترة قصيرة، وهذا يعتمد على عوامل كثيره جداً أهمها شدة الانتكاسات ومكانها في الجهاز العصبي، ونوعية العلاج المناعي وغيره.

كذلك يجب الحرص على المتابعة مع طبيب الأعصاب، وكذلك إجراء أشعة الرنين المغناطيسي بشكل دوري خاصةً في السنين الأولى من التشخيص، كذلك نشدد على عدم إيقاف العلاج المناعي إلا باستشارة الطبيب.

أيضاً نود أن نؤكد على أهمية العلاج الطبيعي والتمارين خاصةً لمن يعاني من ضعف في العضلات أو شد أو صعوبة في المشي.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA