الخفاق الأخضر .. علم متوارث منذ ثلاثة قرون

شامخٌ براية التوحيد ولا يُنكس..

رسالة الجامعة- لينا البعيّز، لين السويل، عائشة الزهراني، هيفاء الحركان

منذ اللحظة الأولى التي رفرفت فيها راية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله» على قوافل الإبل لتوحيد هذه البلاد، وحتى عصرنا الحاضر مرّ العلم السعودي بعدّة مراحل وتغيرات، نما من خلالها الارتباط الوجداني بين الأجيال؛ ليعبّر فيه عن العزّة والهوية الوطنية المبجلة لأبناء هذا الوطن، فيعتبر علم المملكة العربية السعودية رمزًا إسلاميًا تاريخيًا وتوارثًا عريقًا.

العلم السعودي

تعود بدايات علم المملكة إلى الدولة السعودية الأولى، حيث كانت تسمى «إمارة الدرعية» فرُفعت أول راية في عام 1157هـ - 1744م، وذكرت الدكتورة سلمى هوساوي أستاذة التاريخ القديم المشارك في جامعة الملك سعود «أن العلم السعودي جزء رئيسي لتاريخنا الوطني؛ لصلته القوية بالهوية، ورمزيته ودلالته التي تمثلت في اللونين الأخضر والأبيض، وتوسط كلمة التوحيد عليه، والسيف دلالة على الحكم بالكتاب والسنة، والقوة والعدل. وعلى مختلف مراحل تطوره لم يتغير لونه، ولا كلمة التوحيد، وإنما وضعية السيف هي التي كانت تتغير من حقبة لأخرى. كما نوّهت على أن العلم السعودي في تلك الفترة كان مصنوعًا من الخز والإبريسم «الحرير»، وتتوسطه كلمة التوحيد باللون الأبيض، وكامل العلم باللون الأخضر، والجزء الذي يلي السارية أبيض اللون.

أول راية

وبناءً على ما ذكرته صحيفة مكة فإنه في بدايات الدولة السعودية الأولى كان الإمام محمد بن سعود المؤسس الأول للدولة «يعقد الراية لأحد أبنائه أو يتولاها هو بنفسه، فقد كانوا إذا هموا بالاستعداد لحملات توحيد البلاد يبعثون بِرُسلهم إلى رؤساء القبائل ويحددون لهم يومًا ومكانًا معلومًا، وتتقدمهم الراية منصوبة.

سيفان متقاطعان

خلال رحلة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه  الله ــ  لم يشهد العلم السعودي فارقًا كبيرًا في دلالاته، لكنه أضاف سيفين متقاطعين أعلى كلمة التوحيد، و استمر الجزء باللون الأبيض على جانب العلم وبقيت عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله "

سيف واحد مسلول

وتعتبر هذه المرحلة من أهم المراحل الجوهرية في تاريخ المملكة العربية السعودية حيث ضم الملك عبدالعزيز العديد من المقاطعات بدايةً لتأسيس دولة مترابطة على الصعيد السياسي، وخلال هذه الفترة من عام 1926م حتى 1929 م استُبدل السيفان المتقاطعان إلى سيف واحد مسلول ليكون أعلى كلمة التوحيد.

تغيير مكان السيف

طرأت تغيرات جديدة على العلم السعودي في المرحلة الواقعة بين الأعوام 1926 م وحتى 1932م، حيث ضُمت منطقة الحجاز بالكامل تحت حكم الدولة السعودية، وأضيفت عبارة « نصر من الله وفتح قريب» و تم تغيير مكان السيف من أعلى راية التوحيد إلى أسفلها.

تطور تاريخي ومؤسسي

عُقب تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1932م إلى مطلع القرن الحالي مازال العلم السعودي مطابقاً لنسخته السابقة أخضر بالكامل، تتوسطه الشهادة، ويُستعمل في كافة الأصعدة الوطنية والسياسية، كما أشارت الدكتورة حنان الخضيري بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود « إن العلم السعودي لم يكن فكرة فردية، بل تطورًا تاريخيًا ومؤسسيًا، حيث تابع المركز الوطني للوثائق والمحفوظات ما تم تداوله من معلومات غير دقيقة عن تاريخ العلم السعودي، والتي تضمنت أن صاحب مبادرة تصميمه وفكرته كانت للشيخ حافظ وهبة ــ رحمه الله ــ أثناء عمله مستشاراً لدى المؤسس الملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ـــ ، وبالنظر إلى الوثائق التاريخية تبين أن تطور العلم السعودي متجـذر في تاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها في منتصف القرن الثاني عشر الهجري الثامن عشر الميلادي، ومر بعدد من المراحل عبر المؤسسات الرسمية في عهد المغفور له مؤسس المملكة، ولم يكن مجرد فكرة شخصية».

إلى جانب ذلك ذكرت الخضيري بعض الأصول المتعلقة برفع العلم، حيث يرفع داخل المملكة ما بين شروق الشمس وغروبها في أيام الجمع والأعياد على مباني الحكومة والمؤسسات التعليمية جميعها، مع مراعاة ما تقتضيه المجاملة والعُرف الدولي فإنه يرفع خارج المملكة يوميًا ما بين شروق الشمس وغروبها، بما في ذلك أيام الجمع والأعياد على دور الممثليات السعودية في الخارج. مؤكدة على أنه لا يجوز تنكيس العلم الوطني أو العلم الخاص بجلالة الملك أو أي علم سعودي آخر يحمل شهادة "لا إله إلا الله" أوآية قرآنية، ويحظر رفعه إذا أصبح باهت اللون، أو في حالة سيئة لا تُسمح باستعماله وتقوم الجهة المعنية حينها بحرقه.

علم خاص

ووفقًا لهيئة الخبراء صدر في عهد « الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود « ــ رحمه الله ــ الأمر الملكي رقم م/3 في 10/2/1393 هـ الخاص بنظام العلم السعودي، وتضمن الأمر أن يكون لجلالة الملك علم خاص يطابق العلم الوطني في أوصافه، ويُطرز في الزاوية الدُنيا منه شعار الدولة (السيفان المتقاطعان) تعلُوهما النخلة، ويطرز بخيوط حريريّة مذهبة.

شموخ واعتزاز

جدير بأبناء الوطن أن يدرسوا ويحفظوا أبجديات هذا العلم، ودلالاته العميقة التي تغرس في نفوسهم تقديره، فهو رمز ولاء لكل من سكن المعمورة ودليل استقلال الدولة وهويتها، التي تجسدت في مجد تاريخها وروعة حاضرها ورقي مستقبلها ورسالة حق لجنودها المخلصين.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA