ازدهار ثقافي وفني.. في اليوم الوطني ٩٢

يسلط الضوء عليه نخبة من مثقفي الجامعة

 

د.زينب : اليوم الوطني يشبه لوحة الموناليزا التي لازالت تثير الخيال والألغاز

 

أ.القبيسي : لحظة امتنان وإجلال لوطن يسكن الكيان قدم لنا الكثير الوفير

 

د.منى المالكي : كل عام تتكرر المشاعر ذاتها بحب وفخر واعتزاز فهو الحب الذي لا يتحول

 

د.حسن: الجامعة تمثل أبرز علامات الرقي المعرفي للمملكة

 

 

متابعة: أريج السويلم

 

في خضم هذا الازدهار الثقافي الذي تشهده بلادنا الحبيبة يأتي اليوم الوطني متزامنًا مع سلسلة من الأحداث والفعاليات الثقافية المتلاحقة، فقبل أيام صدرت قرارات الابتعاث الثقافي من وزارة الثقافة بواقع 211 قرارًا يشمل الطلاب والطالبات موزعين على تخصصات ثقافية من بينها: العلوم وتكنولوجيا الأغذية، والمسرح، والموسيقى، وعلم التراث والآثار، وتصميم الأزياء، والمكتبات والمتاحف، وصناعة الأفلام، والفنون البصرية، والآداب واللغويات، وفنون العمارة، وفنون الطهي، والتصميم . كما  شهدنا عرسًا ثقافيًا في التاسع من سبتمبر متمثلًا في الحفل الختامي لمبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية»، و ذلك احتفاءً بالإنجازات والإنتاجات الثقافية للأفراد والمجموعات والمؤسسات في مختلف القطاعات الثقافية، وليس هذا فحسب فنحن في انتظار ظاهرة ثقافية لا تقل أهميةً عن سابقتها؛ حيث يشكل معرض الرياض الدولي للكتاب -الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة- نافذةً ثقافيةً تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة من المؤسسات والشركات المحلية والدولية مع القراء والمهتمين، إضافةً إلى برنامجه الثقافي المتضمن عددًا من الفعاليات الثقافية النوعية، والمنصات الحوارية، والمحاضرات التفاعلية، وورش العمل التي تغطي مجالات الفن، والقراءة، والكتابة والنشر، وصناعة الكتاب، والترجمة.

ويستحضر المثقفون هذه المناسبة وهم يعيشون اليوم واقعًا جديداً مشرعًا أبوابه لثقافات العالم أولًا وثقافاته المحلية ثانيًا، حافلاً بالمشروعات الثقافية الضخمة، وواعدًا بالكثير .

وتشرف الصحيفة أن تشارك مثقفيها من منسوبي الجامعة مشاعر الاحتفاء باليوم الوطني، وتطلعاتهم المستقبلية المتصلة بالجانب الثقافي .

في البداية تشاركنا الدكتورة زينب الخضيري -وهي أديبة وروائية وعضو هيئة التدريس بالجامعة- مشاعرها فتقول : «كيف لهذه الجميلة المملكة العربية السعودية أن يصبح عمرها اثنين وتسعين عامًا من الحب والعطاء ؟ كيف لها أن تزداد فتنةً ورهافةً وتخالف قوانين الطبيعة والفيزياء كلها وتكون أكثر شبابًا كلما تقدم بها العمر ؟

كيف تجلى الحب والتكاتف بين أبنائها وقيادتها الحكيمة؟ فعلى الرغم من ترامي أطرافها وتنوع مساحاتها إلا أن هذا خلق ذلك التنوع الجميل الذي زادهم تماسكًا، ماذا يمكنني أن أقول وأتخيل بين حكايا جدي وأبي وما أعيشه الآن ؟

كل شيء عابر يحرض على الفرح: الناس، والموسيقى، والشوارع، وأهازيج الأطفال، ثمة مودة غامضة بين الروح وأفراح المواسم، شيء يدعو للغرابة .! فاليوم الوطني يشبه لوحة الموناليزا التي لازالت تثير الخيال والألغاز ومازالت لابتسامتها الخافتة ذلك السحر الذي حير البشر على مدى خمسمائة عام. ولأن الفرح لا يعرف الركود، ولا يتآلف بسهولة مع كل ما هو سائد، تأتي رغبة الخروج على ما ارتضاه الروتين فيأتي اليوم الوطني جميلًا هادئًا حينًا ، وعاصفًا متحديًا حينًا آخر، تبرز الحالة المتغيرة في المشاعر الإنسانية بكل تجلٍّ في أوقات الأفراح؛ لأن فلسفة الفرح تقتضي أن تتجرد من كل شيء حولك، ومن كل ما علق بروحك من هموم وكدر وكآبة. سأحدثكم عن أصالة التلاحم، وعن زهرة الحب، وطني الذي لا ينام إلا في حضن أبنائه، ولا يصحو إلا على نخيل حبهم، تجتمع عليه عصافير المودة لترتوي من أكُف عطائه. في روح كل منا حكاية تحدق بمُدنه الفسيحة التي تطوق شماله حباً، وجنوبه شموخًا وإباءً، غربه المملوء بالسكينة، وشرقه الغني بالولاء، كل شيء حوله يقدّسه ويستميحه وردًا وعطرًا وإباءً. أعدك أننا سنحتفل بجمالك كل عام في كل مدينة، من نجران الشموخ حتى عرعر الكرم، ومن قصيم الخير حتى دمام الحب، ممسكين بيد مكة الإيمان ... كلنا بخير ويوم وطني مليء بالسلام والأمان والحب»

ومن جانبه يشاركنا الأستاذ يحيى القبيسي من قسم اللغة العربية ومدير مشروع معهد ثقف بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون قائلًا: «يحلّ اليوم الوطني كل عام ليكون بمثابة لحظة امتنان وإجلال لوطن يسكن الكيان، قدم لنا ويقدم الكثير الوفير معنوياً ومادياً، كما يأتي بمثابة تذكير وسؤال لكل واحد منّا على المستوى الشخصي أو المؤسساتي، ماذا قدّمتُ؟ وماذا سأقدم بوصفي إنسانًا وُجد على هذه الأرض ليحقق شرط عمارتها، والقيام بدوره تجاه ساكنيها من المواطنين والمقيمين فيها؟ حين يقوم الواحد منّا بدوره بوصفه فردًا محبًّا وممتنًّا لوطنه، مشاركاً أو منفرداً بمشروعه الشخصي مهما صغر، فلا شك أننا سننعم بمنظومة وطنيّة عظيمة تسمو لطموح هذا الوطن، وتساهم في الأدوار الكبرى التي تقوم بها مؤسساتنا التعليمية والثقافية وغيرها. وتأتي جامعة الملك سعود في مقدمتها على مستويات عدّة وعبر أدوار متنوعة ومشاريع تعد بمستقبل زاهر. دام عزّك يا وطني، ودمتَ مصدر إلهام للعالم».

وبدأت الدكتورة منى المالكي أستاذ النقد الحديث المشارك والكاتبة في جريدة عكاظ حديثها بقولها: «تتكرر الذكرى في كل عام، وفي كل عام تتكرر المشاعر ذاتها بحب وفخر واعتزاز، ذلك هو الحب الذي لا يتحول، ذلك هو الوفاء الذي لا يتبدل. إنه حب الوطن فكيف إذا كان وطنك المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين ومهوى الأفئدة، والدولة العربية الأصيلة، وقلب العالم العربي والإسلامي، وبوصلة القرار الاقتصادي العالمي؟!». مشيرةً إلى النهضة التنموية التي جعلت  بلادنا قائدةً ومساعدةً لغيرها من الأمم ا «منذ إعلان التوحيد بدأت معركة أخرى، إنها معركة التنمية، فتحولت المملكة العربية السعودية من خلال خطط تنموية إلى مصاف الدول الحديثة بتعليمها، وجامعاتها، ومستشفياتها، ومطاراتها، ورفاهية مواطنيها إلى مصاف الدول الحديثة في غضون سنوات، وهذا إنجاز في حياة الأمم ، ثم أتت الرؤية المباركة 2030 التي نظر إليها العالم على أنها معجزة اقتصادية وتحول كبير في ظل ظروف اقتصادية عالمية صعبة، وجائحة هي الأصعب على مر التاريخ، وعندما عانى الجميع، وتوقفت سلاسل الإمداد العالمية و قامت الحروب، برزت بلادنا – ولله الحمد- قائدةً ومساعدةً لغيرها في  الخروج من تلك الأزمة، ولم يتوقف التعليم، و كانت العناية الصحية الأفضل عالميًا، هذا كله وأكثر هو ما يجعلني فخورةً بأني امرأة سعودية، وأنا أنظر لهذا الجيل الجديد وهو يسابق الريح في الوصول ببلاده إلى القمة، يقوده الملهم الفارس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي أصبح بحضوره الأجمل  بوصلةً ليس للسعوديين والسعوديات فقط؛ بل للعالم أجمع» مؤكدةً على أهمية برنامج «جودة الحياة» بوصفه المظلة لمفهوم الثقافة التي تعنى بالإنسان السعودي ورفاهيته، الذي يعد من أبرز التطورات التي تشهدها بلادنا في مجال الثقافة.

وقال الدكتور حسن بن جابر المَدَري الفَيفي الأستاذ المساعد في الأدب والنقد : « يمثل اليوم الوطني السعودي مناسبةً سنويةً سعيدةً لكل السعوديين ومحبي المملكة العربية السعودية. بعض الناس لا يدري من مصدر هذه السعادة غير أنها ذكرى اعتاد الوطن على جعلها لحظةً للفرح الشعبي العام. وبعضهم يعلم أنها ذكرى إعلان ملكي بأن يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ / 23 سبتمبر 1932م يمثل اكتمال مرحلة توحيد أجزاء متفرقة من الجزيرة العربية لتكوّن عِقدًا جميلا تتوسطه مدينة الرياض، وعليه فسيكون هذا التاريخ مناسبةً سعيدةً ينبغي للأجيال أن تستذكرها سنويًا في مثل هذا التاريخ». مشيرًا إلى أن التعليم يُعد واحدًا من أبرز مسارات القفزة الحضارية التي تشهدها البلاد، فقد كان التعليم متواضعًا جدًا» في عام إعلان توحيد البلاد (1351هـ/1932م) كانت الكتاتيب التي تعلم القرآنَ والكتابة ومبادئ التعليم تكاد تكون هي المظهر التعليمي الوحيد في البلاد، باستثناء بعض المدارس الخاصة القليلة في الحجاز، وبعض حلقات المساجد التي تُعِدّ النابهين لتولي القضاء وبعض المهام الشرعية. ومع أن مديرية المعارف قد أنشئت قبل التوحيد بنحو سبع سنين إلا أن البنية التحية كانت بحاجة إلى جهود جبارة لانطلاقة حقيقية للتعليم، وقد أدرك المؤسس -رحمه الله- المكانة المعرفية الكبيرة لمصر في ذلك الوقت، وكان لعلاقته مع ملوكها آنذاك انعكاس إيجابي على مسار التعليم السعودي، لذا كانت البعثة السعودية الأولى إليها في عام 1347هـ/ 1928م التي ضمت نحو 80 طالبا، شكّلوا أولى اللبنات المهمة للتعليم النظامي العالي في بلادنا. « مؤكدًا على أن بلادنا اليوم قد انتقلت من تلك المرحلة إلى مرحلة متقدمة عالميًا؛ فهي تزخر الآن بالمدارس العامة والخاصة والدولية أيضًا، فضلًا عن الجامعات والكليات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى المبتعثين للدراسة خارج البلاد. ويختم د. الفيفي حديثه بالإشادة بجهود الجامعة، حيث يقول: « جامعة الملك سعود تمثل أبرز علامات الرقي المعرفي للمملكة العربية السعودية، فهي الجامعة الأقدم والأكبر في الجزيرة العربية، وهي مع ذلك لم تركن إلى هذا الإرث العظيم بحيث يؤدي بها إلى التراجع عن دورها الريادي، بل ظلت في موقع الصدارة عربيا وعالميا، كمًّا وكيفًا، ويكفي أنها في عامها الماضي (1443هـ/2022) خرّجت أكثر من ستة آلاف طالب وطالبة، في مختلف التخصصات، وفي جميع مراحل التعليم الجامعي والعالي. وإذا كانت هذه دفعة واحدة فقط، وإذا كان هناك عشرات الجامعات سواها، فنحن نتحدث عن أن مؤسسات التعليم العالي تُخرِّج سنويا ما لا يقل عن 300 - 400 ألف طالب وطالبة. الحمد لله على نعمة وطننا السعودي، وعلى نعمة قيادته الرشيدة، وعلى نعمة شعبه الذي يعي مهمته الحضارية العالمية. وكل عام وقيادتنا بخير، وكل عام والقرّاء، والوطن، وجمع العالمين بخير».

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA