دعوة لإعادة النظر في رسوم وجبات مطعم الطلاب

 

 

للطعام أهمية بالغة في حياتنا، إذ هو من الأشياء الأساسية لكل ذي نفَس، ولا تصور للحياة بدونه، فأبيح للإنسان أن يأخذ نصيبه من المأكل والمشرب بدون إسراف، ‭{‬وكلوا واشربوا ولا تسرفوا‭}‬ الآية. فمن أجله يتعب الإنسان في العمل، ويقاسي من الألم والأذى ما لا يستطيع أن يقاسيه من أجل أمور أخرى من حياته.

 هذه الأهمية تؤكد ضرورة وجود المطاعم في كل مكان يقطنه ناس، لكي يتناول الإنسان وجبته ويستعيد حيويته، فتكاد تجد المطاعم في كل مكان، في الشوارع الهادئة والطرق المزدحمة، وفي الفنادق والمطارات والمتنزهات، إضافةً إلى وجودها في السكن الطلابي.

حياة طالب العلم مملوءة بأمور كثيرة تتعلق بالتعليم والتعلم، فيقضي جزءًا من وقته في مطالعة كتاب، وجزءًا آخر في حل واجبات وتحضير درس قادم، وربما قضى بعضه في الاستفادة من المكتبة، هذا  بجوار وجود مشاغل تعليمية أخرى، فلا يمكن له أن يصرف أوقاته الثمينة في تجهيز الأطعمة الذي يتطلب منه وقتًا غير قليل، فبالتالي كانت الحاجة ماسةً إلى وجود مطعم للطلاب في السكن الجامعي، لكي يوفر للطالب أوقاته، كما أن الحياة الجامعية تتطلب عدم اضطراب الفكر في الوضع المادي كثيرا، فتقدم الوجبات اليومية له بأسعار رمزية بسيطة تجعله مطمئنًا في مسيرته التعليمية. 

 وهذه الرسوم الرمزية تحدّدها إدارة التغذية في الجامعات بتعاهدها مع الشركات، حيث تقوم الإدارة أو الجامعة بتقديم المبلغ الكامل للوجبات المخفضة للطلاب. وإدارة التغذية في جامعة الملك سعود تمتاز بإدارة أمور التغذية بكفاءة عالية، كما تتميز بخدماتها المميزة وتقديم الوجبات المثلى. لا غرو فهي مثالية مراعية للتنوع في هذا الجانب، ولا يوجد لها مثيل أصلا، فهي مستحقة الشكر والتقدير من جميع مستفيديها.

وتلحق هذا الامتنان من الطلاب دعوة، وهي دعوة لإعادة النظر في رسوم الوجبات في أيامنا هذه، إذ ازدادت بشكل مذهل قبل فصول، بعد أن كانت يسيرةً ولم تكن تتحدى محفظة الطالب الجامعي، فكانت في السابق تقدم وجبة الفطور مقابل ريالين، ووجبة الغداء بـ4 ريالات، والعشاء بـ3، ثم ارتفعت الأسعار فوق السماء، حيث صار الفطور بـ 3 (كالعشاء سابقا)، والغداء بـ 8،5، والعشاء بـ8، فلا مقارنة بينهما أصلا، فأين الثرى من الثريا، وهذا أدى إلى صرف 70% من المكافأة الشهرية في مطعم الطلاب بعد أن كان 32%، والمكافأة الشهرية مستمرة كسابقتها (840 ريالا).

إن صرف 70% من المكافأة الشهرية في المطعم أمر مكلف جدا جدا، وخاصةً للطلاب الوافدين الذين ليس لديهم مصدر دخل آخر غير المكافأة،  فإنّ لدى الطالب الجامعي احتياجات عديدة وكثيرة من شراء الكتب والمذكرات وفاتورة الجوال والأدوات الدراسية الأساسية، وهذه كلها لا يتجاوز شيء منها إلى باب الكماليات،مما يضطر الطالب إلى الاقتراض، كما أنه يسبب الاضطراب الكبير في الوضع المادي، وهكذا لن تكون المسيرة التعليمية هادئةً مطمئنة، ويُسلب أيضًا مفهوم الادخار من حياته. 

في عام 2007م (قبل 15 عاما) نشرت صحيفة الرياض تقريرًا بعنوان «المكافآت الجامعية بين احتياجات الدراسة والهدايا والمطاعم»، وعبّر طالب جامعي سعودي فيه عن رأيه قائلا: «الأسبوع الأول من صرف المكافأة منعش للغاية، ولكن في نهاية الشهر يعيش الطالب أيامًا متقشفةً تجعله أحيانًا يكتفي بوجبة واحدة باليوم خصوصا ممن يعيش في السكن الجامعي مغتربًا عن أهله». إذا كان هذا الوضع قبل 15 عامًا وفي عصر لم تكن الأسعار فيه مرتفعةً كما هو الحال الآن، فما رأيك في حال طلاب اليوم؟ التخمين ليس صعبا. 

إن الناظر في أحوال الطلاب الجامعيين لَيدرك ضرورة تخفيض رسوم مطعم الطلاب في السكن، حتى يطمئن الطالب على أحواله المادية، ويعطي كل اهتمامه للدراسة هادئا مطمئنا.

 

علي عبد الله إبراهيم

 كلية التربية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA