تقنيات الذكاء الاصطناعي

 

 

في السنوات القليلة الماضية، أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر انتشاراً وقوةً من ذي قبل. فهل يمكن أن يساعد ذلك على تجنب الكوارث الطبيعية والتنبؤ بها بشكل أفضل من البشر؟ تُشير الأبحاث بأنه من الممكن أن يساعد الذكاء الاصطناعى في مراقبة الكوارث الطبيعية، وأن يرسل رسائل إنذار مبكرة أكثر دقة. ففي أستراليا، تزداد التكلفة الاقتصادية الإجمالية للكوارث الطبيعية التي يمكن أن تصل إلى 39 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2050 م. وفي يونيو من عام 2018 م، أطلقت شركة أي بي إم مبادرة «Call for Code»، وهي مبادرة عالمية مفتوحة المصدر لبناء التقنية اللازمة لتمكين العالم من الاستعداد بشكل أفضل للكوارث الطبيعية. تجمع المبادرة  22 مليون مُطور من جميع أنحاء العالم؛ بهدف ايجاد أنسب تطبيقات تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التقليل من تأثير الكوارث. وفي أبريل 2013 م، تعرضت مدينة بوينس آيرس في الأرجنتين إلى عواصف عنيفة، مما أدى إلى انغمار أجزاء كثيرة منها بالمياه والتأثير على حوالي 350,000 من سكانها. منذ ذلك الحين، قامت الحكومة باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المجموعة حول مستوى المياه في المصارف وسرعة تدفق المياه، وللحفاظ على خريطة فعلية لأماكن الانسدادات. وعلى الرغم من أن المدينة شهدت المزيد من الأمطار الغزيرة منذ فيضانات 2013 م، لم يتسبب أي منها في جزء صغير من الدمار السابق. في هونغ كونغ، تُخطط الحكومة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة الجيولوجيين على مراقبة التلال وتحديد أيها أكثر عرضة لخطر الانهيار؛ إذ يقوم برنامج الذكاء الاصطناعي بفحص الصور لتمييز المنحدرات المعرضة للخطر. في مدينة وودسايد في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، استُخدِم الذكاء الاصطناعي للتخطيط ضد نوع مختلف من الكوارث الطبيعية وهو الزلازل. استخدمت المدينة برنامجاً يجمع بين معلومات حول مبانيها والبيانات الأخرى مثل خصائص التربة؛ لمحاكاة كيفية تأثر الهياكل عند حدوث الزلازل. وقد ساعد ذلك مخططي الطوارئ على تحديد المباني التي تحتاج إلى تعديل. ويستخدم برنامج الذكاء الاصطناعي الذي أنشأته شركة جوجل الخرائط بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المعلومات الأخرى -بداية من البيانات المتعلقة بالفيضانات التاريخية مرورًا  بقراءات مستوى النهر وانتهاءً بتوقعات المطر- في إنشاء نماذج للتنبؤ بالفيضانات النهرية، يمكنها التنبؤ -بشكل أفضل- بموعد حدوث الفيضان  ومكانه وشدته. في عام 2018 م، وقع أشد مواسم حرائق الغابات تدميراً في تاريخ كاليفورنيا، الذي أشعل النار فيما يقارب من 3650 كيلومتر مربع. في أعقاب تلك الحرائق المدمرة، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها دفن المزيد من خطوط الكهرباء تحت الأرض، وتثبيت المزيد من كاميرات مراقبة الحرائق. وقوة الذكاء الاصطناعي كانت هي المفتاح لتحديد الأشجار التي تجب إزالتها؛ لأنها قريبة جداً من خطوط الكهرباء، وكذلك تحديد أي خطوط الكهرباء يحتاج إلى دفن تحت الأرض؛ تبعًا لوجودها في مناطق شديدة الخطورة. ختاماً، يمكن أن تساعد برامج الذكاء الاصطناعي المتطورة والقوية على مواجهة الكوراث الطبيعية، و ذلك بالنظر في أنواع كثيرة من البيانات المختلفة في وقت واحد؛ لتحسين التنبؤ بمخاطر هذه الكوارث، والمساهمة -بإذن الله- في زيادة سرعة عمليات الاستجابة والإنقاذ وكفاءتها.«الجهل الحقيقي ليس في غياب المعرفة، بل في رفض اكتسابها» – كارل بوبر.

 

 

أ. د. سطام عبدالكريم المدني

قسم الجيولوجيا و الجيوفيزياء

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA