أكثر من نصف مليار مصاب بالسكري في العالم

استشارية الغدد الصماء بالمدينة الطبية الجامعية ريم آل خليفة لرسالة الجامعة :

6,7 مليون حالة وفاة العام الماضي بسبب السكري 

 

د.ريم  :  34 ألف طفل في السعودية مصابون بالنوع الاول 

 

د .ريم : أصبح التحكم بالسكر أسهل من السابق بسبب التقنية الحديثة 

 

 

حوار / محمد العنزي 

 

يُعتبر السكري  من الأمراض المزمنة والمنتشرة بشكل واسع في أنحاء العالم، وإحصائيات منظمة الصحة العالمية تدلّ على ذلك ، وقد يؤدي عدم التحكم فيه إلى أمور لا تحمد عقباها، منها الوفاة -لاقدّر الله-،  ومن باب التوعية  بماهية السكر وأنواعه ومدى خطورته، استضافت صحيفة رسالة الجامعة استشارية الغدد الصماء وسكري الأطفال الدكتورة ريم آل خليفة بالمدينة الطبية الجامعية. 

 

* في البداية وبحكم التخصص في الغدد الصماء وسكري الأطفال حبذا لو تعطينا نبذة عن أنواع مرض السكري ؟

 

يوجد أنواع عديدة من مرض السكري ومن أكثرها شيوعاً النوع الأول والنوع الثاني وسكري الحوامل. ويمكن أن يصيب مرض السكري من النوع الأول الأشخاص في أي عمر، ولكنه يحدث عادةً عند الأطفال أو الشباب. وينتج عن التدمير الذاتي -عن طريق الجهاز المناعي في الجسم- للخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس «بيتا». يحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول إلى حقن الأنسولين يوميًا مدى الحياة؛ للتحكم في مستويات السكر في الدم. وللأسف لا يوجد حاليًا تدخل فعال وآمن للوقاية من مرض السكري من النوع الأول أو علاجه. ويصيب النوع الثاني من السكري الكبار، وخصوصاً من لديهم تاريخ عائلي للسكري، ومن يعانون من السمنة، ويتبعون نظامًا غير صحي للأكل، ولا يمارسون التمارين الرياضية.

 

* مرض السكر بدأ ينتشر في مجتمعنا، ماهي آخر إحصائية محليا وعالميا ؟

 

يوجد ٥٧٣ مليون مصاب بمرض السكري حول العالم، منهم ما يقارب  ٧٣ مليون مصاب في منطقة الشرق الأوسط حسب آخر إحصائية للسكري من منظمة السكر العالمية (International Diabetes Federation). يعيش منهم١,١ مليون طفل مصاب بالسكري من النوع الأول حول العالم، ومنهم ٣٤ ألف طفل في المملكة العربية السعودية. وقد أدى مرض السكري إلى وفاة ٦,٧ مليون شخص حول العالم في عام ٢٠٢١.

 

* ما هي أعراض مرض السكري؟ وكيف يتم تشخيصه؟

 

تشمل أعراض مرض السكري:  العطش غير الطبيعي، وجفاف الفم، وكثرة التبول، والجوع المستمر،  وفقدان الوزن المفاجئ،  والتعب العام. ويتم تشخيص السكري إذا تجاوزت نسبة السكر في الدم  ١٢٦ملجم/ديسيلتر للشخص الصائم، أو أكثر من ٢٠٠ ملجم/ديسيلتر مع وجود أعراض للسكري، أو إذا تجاوزت نسبة السكر التراكمي ٦,٥٪. التشخيص المبكر مهم جداً وخصوصاً للأطفال لتفادي حدوث الحموضة الكيتونية التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. كما أن التشخيص المبكر مهم للكبار للتحكم في نسبة السكر، ومنع حدوث المضاعفات الجانبية لارتفاع السكري.

 

* ماهي أسباب حموضة الدم؟ وما مدى خطورتها؟ وكيف تتم معالجتها ؟

 

تنتج الحموضة الكيتونية بسبب التأخر في تشخيص السكري من النوع الأول، أو ضعف التحكم بالسكري ، أو عدم أخذ الأنسولين، أو استخدام أنسولين منتهي الصلاحية، أو عندما لا يتم التعامل مع أيام المرض بشكل جيد. ويتم تشخيصها عند ارتفاع مستوى السكر عن ٢٠٠ ملجم/ديسيلتر، وظهور حمض الكيتون، وحموضة الدم. فتظهر على المريض علامات ارتفاع السكر من  جفاف الفم، وآلام البطن، والتقيؤ، وصعوبة التنفس، وتغير مستوى الإدراك والوعي. وأغلب المرضى يتعافون تماماً من الحموضة الكيتونية ؛ لكن البعض قد يتعرضون إلى مشاكل أثناء فترة العلاج كاضطراب الأملاح، والوذمة الدماغية، وإذا لم يتم العلاج يمكن أن تؤدي الحموضة الكيتونية إلى الوفاة.

 

* كيف تتم معالجة الحموضة الكيتونية؟

 

يتم علاج الحموضة الكيتونية في العناية المركزة عادةً عن طريق حقن الأنسولين في الوريد، وسوائل عبر الوريد، و قياس متكرر لغازات الدم والأملاح. وهذه تعتبر الطريقة التقليدية حول العالم. وقد قام فريقنا البحثي في جامعة الملك سعود والمدينة الطبية الجامعية بنشر دراسة منذ عدة أسابيع في مجلة JAMA ذات معامل لتأثير العالي بعنوان « فعالية التكلفة المقدرة للأنسولين تحت الجلد لعلاج الحموضة الكيتونية البسيطة لدى الأطفال «. واشترك في هذه الدراسة كلّ من: د. إبراهيم بالي، و د. منيرة الجليفي، و د. يزيد الرثيع، و د. جزيل ملا، ود. دانة المح،  ود. العنود بن عمير، و د. ريم آل خليفة. بينت الدراسة الأثر العلاجي والأثر المالي لاستخدام الأنسولين عن طريق حقنة تحت الجلد ، والطريقة التقليدية وهي حقن الأنسولين في الوريد، لعلاج الحموضة الكيتونية البسيطة لدى الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول. شكلت عينة الدراسة ١٢٩طفلا تتراوح أعمارهم بين عامين و١٤ عامًا، و تم علاجهم في المدينة الطبية الجامعية منذ عام ٢٠١٥م وحتى عام ٢٠٢٠م.  وتبين من الدراسة أن الأطفال الذين تم علاجهم عن طريق الحقن تحت الجلد عولجت الحموضة لديهم أسرع بمعدل ساعتين، ومدة تنويم أقل بمعدل ١٧ ساعة، وقلت التكلفة المقدرة للتنويم بمعدل ١٤٢٥- ٣٠١٥ ريالا للمريض الواحد. ومن الجدير بالذكر قلة الدراسات الإكلينيكية التي تستهدف تحسين الرعاية الطبية في علاج الحموضة الكيتونية، وأن هذه الدراسة تعتبر الأولى عربياً وعالمياً

 

حيث إن الدراسات السابقة لم تدرس الأثر المالي، وتضمنت عددًا قليلا جداً من الأطفال.

 

* حدثينا عن كتابك « سكري الأطفال دليل العائلة للتحكم بالسكري» ؟ هل يوجد مرجع طبي لتعليم المصابين بالسكري من النوع الأول التحكمَ بالسكري؟

 

كتاب « سكري الأطفال دليل العائلة للتحكم بالسكري» قمت بتأليفه بالمشاركة مع كلّ من د.حصة العتيبي، ود.هالة القاسم، والأستاذة نوف الزعيبي،و د. جزيل ملا. يعد الكتاب مرجعًا طبيا تعليميا ذاتيا لمريض السكري من النوع الأول وعائلته بدءًا من أول يوم من التشخيص بالسكري. بدأ الكتاب بالتعريف عن مرض السكري، وأنواعه، واحتمال الإصابة بمرض السكري، ثم تدرج بمناقشة الرعاية اليومية منذ مرحلة الطفولة وحتى ما بعد البلوغ من: مراقبة السكر، وحقن الأنسولين، والغذاء الصحي، وحساب الكربوهيدرات، والرياضة، والنوم، ووقت الشاشة، والصحة النفسية، والرعاية أثناء المرض، والحموضة الكيتونية، ورعاية السكر في المدرسة، وفي رمضان، وفي السفر، ومضخات الأنسولين، وتطبيقات الجوال المساندة لرعاية السكر، وأهم الأبحاث في السكري. وبالرغم من أن الكتاب يركز على النوع الأول من السكري لدى الأطفال إلا أن المفاهيم التي يتطرق إليها يستفيد منها الأطفال المصابون بالنوع الثاني من السكر أيضا، وكذلك الكبار المصابون بالنوع الأول من السكري. ومن الجدير بالذكر أن محتوى الكتاب استند على توصيات الأدلة الإرشادية العالمية للعناية بالسكري، مع مراعاة الجوانب التقنية الحديثة والطابع العربي في جميع نواحي الكتاب. وقد كُتب الكتاب بلغة سهلة، يستطيع قراءته وفهمه طفلٌ بعمر١٠ سنوات، وراعى المؤلفون في تصميمه البساطة وعنصر التشويق.

 

* كيف ترين السلوك الغذائي لمجتمعنا السعودي؟ وهل يعتبر عاملًا من عوامل ظهور السكر ؟

في الآونة الأخيرة انتشرت سلوكيات غذائية غير صحية بين بعض أفراد المجتمع. وتشمل هذه العادات تناول الحلويات بشكل يومي، وكذلك الشوكولاتة، والبطاطس، والوجبات السريعة، والمشروبات الغازية، والعصيرات. مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم، وإلى السكري من النوع الثاني، والسمنة.

 

* المشروبات الغازية في الآونة الاخيرة حدث عليها جدل كثير بوصفكِ مختصةً هل تنصحين بها ؟

 

المشروبات الغازية تحتوي على نسبة كبيرة من السكريات، بنسبة أكثر من نسبة الاحتياج اليومي للجسم و الموصى بها من منظمات الغذاء و الدواء العالمية، كما أنها تحتوي على مواد حافظة و ملونة ومنبهة، ويعتبر استهلاكها بشكل مستمر عادة غذائية غير صحية؛ لأنها ترفع من مستوى السكر في الدم و تؤدي إلى السمنة.

 

* ظهرت مؤخرا بعض الإبر المساعدة في علاج السكر مثل أوزمبك أو ساكسيندا وغيرها مارأيكم بها ؟ وهل هي آمنة لمن أراد استخدامها للتنحيف ؟

هذه الأدوية تعتبر من أنواع الأدوية الجيدة في علاج السكري من النوع الثاني والسمنة عند الكبار وليس الأطفال، و تؤخذ تحت إشراف طبي حسب حالة المريض.

 

*نعلم أن الأدوية المستخدمة في علاج مرضى السكري من النوع الأول هي للمساعدة في التحكم في المرض، سؤالي إلى أين وصل العلم في إيجاد علاج ناجع للمرض ؟ وهل ترون ذلك قريبا ؟

قامت عدة مجموعات بحثية حول العالم بعمل دراسات واعدة في مجال الوقاية من السكري من النوع الأول والشفاء من السكري، وذلك عن طريق أدوية تعدل من طريقة استجابة الجهاز المناعي للجسم؛ لكيلا يقوم بالتدمير الذاتي لخلايا بيتا المنتجة للأنسولين. هذه الأدوية مازالت تحت البحث، ولكننا قد نتمكن من استخدامها في المستقبل القريب جداً.

 

* حققت الجامعة مؤخرا جائزة التميز العلمي، وذلك في مسار الفرص الإبداعية في كفاءة الإنفاق، وذلك عن طريق مبادرة قدمتِها، حدثينا عنها ؟

حققت الجامعة جائزة التميز العلمي في مسار الفرص الإبداعية في كفاءة الإنفاق لمبادرة تحليل هرمون النمو التحفيزي ، يأتي ذلك ضمن جائزة التميز العملي والمؤسسي في كفاءة الإنفاق في دورتها الرابعة، وهي جائزة نصف سنوية تقدمها هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية؛ بهدف تحقيق كفاءة الإنفاق بشكلٍ ذاتي ومستدام دون التأثير على جودة الخدمات المقدمة، طبقاً لأفضل الممارسات المحلية والعالمية. هدفت المبادرة إلى توفير الوقت والجهد من خلال تشخيص نقص هرمون النمو عند الأطفال بطريقة حديثة أثبتت نجاحها بعد عدة دراسات؛ حيث استُبدل دواء الجلوكاجون بالأرجنين مع إجراء التحليلين في اليوم نفسه خلال ساعتين ونصف؛ مما قلص عينات الدم من ١١ إلى ٧ عينات، مؤكدةً على الأثر الاجتماعي لهذه المبادرة؛ حيث قلصت قوائم الانتظار لإجراء الفحص من ٦ أشهر إلى أسبوع واحد فقط، و قللت فترة الصيام والتنويم للطفل من يومين إلى يوم واحد، مما أسهم في توفير أسرة التنويم للحالات الأكثر احتياجاً، و حقق وفراً مالياً كبيراً. من الجدير بالذكر أنه في السابق كان يتم إجراء التحليل بالطريقة التقليدية باستخدام دواء التحفيز الكلونيدين ثم الجلوكاجون الذي يتطلب تنويم الطفل يومين في المستشفى لمتابعة قياس نسبة هرمون النمو كل ٣٠ دقيقة على مدى ٥ ساعات.

 

* ختاما أترك المساحة لكم إن كان هناك من كلمة تحبون توجيهها إلى القراء.

بمشاركة جميع أفراد الأسرة في رعاية السكري لأحد أفرادها تصبح الحياة أسهل وأفضل. ولله الحمد أصبح التحكم في مرض السكري أسهل من السابق، بسبب توفر أدوية تعمل بشكل أفضل، وتقنية مراقبة السكر عن طريق مستشعرات السكر في السائل الخلالي، و مضخات الأنسولين ذات الحلقة المفتوحة و الحلقة المغلقة.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA