ما هو الدور الرائد للكمبيوتر في صناعة الدواء(CADD) ؟

منذ أيام صادف يوم الصيدلي العالمي يوم الأحد 25 سبتمبر الموافق 29 صفر 1444 هـ. في ضوء هذه المناسبة يسعدني أن ألقي الضوء على أحدث تطورات صناعة الدواء؛ حيث يرجع الفضل لجموع الصيادلة في إنشاء هذه الصناعة والنهوض بها. حيث بلغ إجمالي سوق الأدوية في الشرق الأوسط وأفريقيا 30 مليار دولار أمريكي في سبتمبر2021.  وتُعد المملكة العربية السعودية أكبر سوق للأدوية في المنطقة بقيمة 8.5 مليار دولار أمريكي، تليها مصر بـ 6.3 مليار دولار،و جاء في بقية المراكز الخمسة الأولى جنوب إفريقيا (3.7) والإمارات العربية المتحدة (2.8) والجزائر (2.4).

اكتشاف دواء جديد وتسويقه هو عملية طويلة الأمد ومعقدة ومكلفة أيضا، حيث تستغرق من 12 إلى 15 عاما، وتكلف ما  يصل إلى مئات الملايين من الدولارات. وعملية تطوير واكتشاف الأدوية  عملية متعددة التخصصات. هذه العملية تبدأ بتحديد الهدف المناسب (بروتين وظيفي له علاقة بمرض معين) يتحد معه الدواء لكي يعطي فاعليته في الجسم، ويتبع ذلك عملية تحضير مركبات كيميائية، واكتشاف فاعليتها على هذا الهدف، ثم تحسين هذه المركبات الكيميائية من أجل تحضير مركبات أكثر فاعلية، وأخيرا تُجرى الدراسات قبل السريرية والسريرية، ومن ثم يُنتج الدواء الذي يجتاز  هذه المراحل كلها بنجاح، ثم يُجهز ملف له ويُقدم إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لاعتماده  بوصفه دواءً يُتداول  في السوق لعلاج مرض. على الرغم من الاستثمارات الضخمة والوقت والجهد الذي يتم تكبده لاكتشاف عقاقير جديدة، فإن معدلات النجاح منخفضة للغاية، بحيث إن  خمسة مركبات كيميائية فقط من أصل 10000 مركب تنجح في الوصول إلى الاختبارات البشرية بعد اجتيازها التقييم الأولي على حيوانات التجارب، وفي النهاية مركب واحد فقط من المركبات الخمسة هذه يصل إلى الدراسات السريرية النهائية.

التطورات في تقنيات برامج الحاسوب وفي كفاءة أجهزة الكمبيوتر ساعدت في ظهور طرق تصميم جديدة للأدوية  تستخدمها شركات الأدوية العالمية الرائدة لتسريع عملية اكتشاف الأدوية وتطويرها. والطرق الحسابية بواسطة الكمبيوتر في هذا المجال تشمل على سبيل المثال لا الحصر:

1- بناء قاعدة بيانات للتركيب الجزيئي والخواص والفاعلية البيولوجية للمركبات الدوائية التي حُضِرت سابقا منذ عشرات السنوات، بالإضافة إلى بناء قاعدة بيانات للتركيب الجزيئي للبروتينات الوظيفية في جسم الإنسان التي تستهدفها الأدوية المعالجة.

2- فحصًا افتراضيا للفاعلية البيولوجية المحتملة لملايين المركبات الكيميائية التي يتم تخزين معلوماتها في قاعدة بيانات احترافية، باستخدام محركات بحث متخصصة في هذا المجال. هذه الطريقة تتيح للباحثين المتخصصين البحث في المركبات الكيميائية التي حُضرت منذ عشرات السنوات، وذلك لاكتشاف الفاعلية البيولوجية لبعض هذه المركبات دون اللجوء إلى تحضير مركبات كيميائية جديدة.  ولذلك هذه الطريقة هي التي تعمل بها شركات الأدوية العالمية في اكتشاف أدوية جديدة في وقت قياسي وبتكلفة منخفضة.

2- توفر رؤى مفيدة لفهم آلية الفاعلية البيولوجية للأدوية في جسم الإنسان وكيفية التفاعل الجزيئي بين المركبات الكيميائية ومستقبلاتها في جسم الانسان.

3-  تصميم الأدوية بالاستعانة بمعلومات عن المرض الذي تُصمم لأجل علاجه أو بناءً على معلومات عن أدوية فاعلة مستخدمة في الوقت الراهن في علاج هذا المرض، وذلك يوفر كثيرًا من الوقت والمال.

هذا المقال يوضح كيف أصبح الجمع بين تقنيات برامج الكمبيوتر الأكثر تطوراً وعملية تصميم الأدوية أداةً لا غنى عنها لتطوير علاجات فعالة، كما أنه ينتج معلومات ليس من السهل الحصول عليها بواسطة التحليل المختبري، علاوة على ذلك  تقلل عادةً هذه التقنية   كثيرًا من التكلفة وتوفر الوقت والمال والموارد. وبناءً عليه من المتوقع أن تزداد كثيرا المقدرة على اكتشاف الأدوية بمساعدة الكمبيوتر مع استمرار تطور تكنولوجيا الحاسب الآلي والبرمجيات المتخصصة في مجال اكتشاف الأدوية.

 

أ.د. عواد عبده رضوان سلامه

كرسي الدكتور وليد لأبحاث الصناعات الدوائية 

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA