أسس المركز أول برنامج زمالة تخصصية طبية في طب النوم في المنطقة العربية

باهمام مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم:

 

د. باهمام يؤكد: الحرمان من النوم أصبح ظاهرة عالمية

انصح بعدم استخدام الجوال قبل النوم بساعتين

 

اضطرابات النوم أصبحت ظاهرة عالمية، استرعت اهتمام المسؤولين وفتحت لأجلها العديد من المراكز المتخصصة بالنوم، وخطورة هذه الاضطرابات تكمن في أن بعضها قد يؤدي إلى الوفاة لا قدر الله، لذا استضافت رسالة الجامعة الدكتور/ أحمد باهمام -استشاري أمراض الصدر وطب النوم ومدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم-

 

حوار / محمد العنزي:

 

* في البداية حبذا لو تعطونا نبذة عن مركز اضطرابات النوم متى أنشئ وما الخدمات التي يقدمها؟

 

يعتبر مركز تشخيص وعلاج اضطرابات النوم في مستشفى الملك خالد الجامعي مركزًا أكاديمياً وبحثياً متخصصا ورائداً في تشخيص وعلاج اضطرابات النوم على مستوى المملكة العربية السعودية والمنطقة، أنشئ عام 2022م، فعلى المستوى البحثي يعتبر المركز من أكثر المراكز تميزًا في هذا المجال، أما على مستوى التدريب فقد أسس المركز أول برنامج زمالة تخصصية طبية في طب النوم في المنطقة العربية عام 2009م تحت شعار «طبيب نوم سعودي لكل مدينة سعودية»، وقد تخرج من البرنامج العديد من المتخصصين الأكفاء في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، واعتُبر المركز مركزًا متميزًا بحثيًا في الجامعة عام 2009م، وفي ذات العام قام المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم بإنشاء الزمالة السعودية لطب النوم، تحت مظلة الهيئة السعودية للتخصصات الطبية، بحيث تستطيع جميع المراكز الطبية والجامعات السعودية المؤهلة بدء زمالات تخصصية لطب النوم لتغطية الحاجة في المملكة،

 

ويقوم المركز بتدريب الأطباء والفنيين من مختلف مدن المملكة ودول الخليج العربي.

 

كما أن المركز مجهز بأحدث الأجهزة التشخيصية والعلاجية المتخصصة في هذا المجال، التي تستخدم تقنية رقمية عالية الجودة، تمكن الفريق الطبي المعالج من دراسة نوم المريض دراسة دقيقة، ويستقبل المركز المرضى من جميع مناطق المملكة ومن كل الفئات العمرية بما في ذلك حديثي الولادة، ويتكون المركز حاليًا من أربع غرف تشخيصية ثابتة وثلاثة أجهزة تشخيصية متحركة.

 

وقد نما طب النوم في المملكة خلال الـ25 سنة الماضية بشكل كبير، وزاد عدد المختصين والمراكز الطبية بحيث أصبحت الخدمة موجودة في المدن الرئيسية والمراكز الطبية الكبرى في المملكة.

 

*  كيف تتم دراسة النوم لديكم في المركز وكم تستغرق من وقت؟

 

النوم عملية معقدة، يحدث خلالها العديد من العمليات الفيزيولوجية، وفي بعض الحالات المرضية لكي نفهم نوم المريض وأي مشاكل قد تحدث خلاله نحتاج لمراقبة بعض المؤشرات الفيزيولوجية خلال النوم، حيث يتم مراقبة المؤشرات التالية: الموجات الكهربائية في الدماغ، حركات العضلات، التنفس من خلال الفم وفتحتي الأنف، الشخير، معدل وانتظام دقات القلب، حركات الأرجل، حركات الصدر والحجاب الحاجز، معدل الأكسجين في الدم ومعدل طرد ثاني أكسيد الكربون من الجسم لمراقبة هذه الوظائف، وذلك بالقيام بوضع بعض الأقراص المعدنية على الرأس والجلد باستخدام نوع من المواد اللاصقة، إضافةً إلى أحزمة مطاطية مرنة توضع حول البطن والصدر لمراقبة التنفس، ويثبت شريط صغير من البلاستيك بالقرب من الفم والأنف لمراقبة التنفس.

 

أما مستوى الأكسجين فيتم قياسه من خلال مشبك مثبت على الأصابع -وكل الأدوات السابقة غير مؤلمة- كما أنها مصممة خصيصاً لتكون بأقصى درجات الراحة.

 

وفي غرفة أخرى يدير كل أجهزة المراقبة فني متخصص في هذا المجال، وتكون للمريض الحرية في التقلب أثناء النوم، والنوم بالوضعية التي تكون أكثر أريحية كما لو كان في بيته، وعند الحاجة يستطيع المريض طلب الفني من خلال جهاز اتصال في أي وقت خلال الدراسة، كل هذه العملية تتم بسرية تامة للحفاظ على خصوصية المريض.

 

*  ما هي اضطرابات النوم؟

 

قد يشتكي المرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم في أحيانٍ كثيرة من أعراض محددة مثل الأرق، أو زيادة النعاس أثناء النهار، والشخير، وقد يحضر بعض المرضى وهم يشتكون من أعراض مبهمة مثل الإحساس بالتعب، والاكتئاب، وضعف التركيز الذهني، وهذه الشكاوى قد تحدث نتيجة أسباب عديدة لا حصر لها وتتطلب تمحيصاً لها من قبل طبيب مختص، يكون قادراً على تشخيصها ومعالجتها في حالة كل مريض على حده، تشخيصاً وعلاجاً مناسباً لحالته.

 

ولما كانت الاضطرابات المتنوعة تؤثر في طبيعة النوم وما تحدثه من إزعاجات أثناءه، ومع التطور السريع الذي بدا في هذا التخصص الطبي؛ نشأ اهتمام خاص لتصنيف اضطرابات النوم من قبل المختصين فيه. وكان ذلك بعد نقاش مستفيض، ظهر إلى الوجود في عام 1990م التصنيف العالمي لاضطرابات النوم وفيه تعداد لـ (84) اضطراباً، مع ذكر المعايير التشخيصية التفصيلية التي تفصل بين اضطراب وآخر، وعلى أية حال فإن التقويم الإكلينيكي للمرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم تقويم مهم، إلا أن النجاح في إعطاء تشخيص دقيق ومعالجة ناجعة يتطلبان وجود مركز متخصص لهذه الحالات، ولقد ضم آخر تصنيف صدر عام 2014م حوالي 100 اضطراب نوم لكل منها شروطه التشخيصية.

 

وبالرغم مما ذكر آنفاً، فإن أهمية هذا التخصص لم يتم إدراكها إلا حديثًا، ولإعطاء القارئ فكرة عن مدى خطورة تجاهل هذه الاضطرابات، سأذكر واحدًا من هذه الاضطرابات مفصلاً فيه، وهو الاضطراب المعروف باسم (انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم): وفيه يحدث الشخير وانغلاق متكرر المجرى الهوائي العلوي الذي يمر به الأكسجين عبره إلى الرئتين، وتبلغ نسبة انتشاره 4-10% في الأشخاص الذين يكونون في متوسط أعمارهم وقد تصل إلى 30% في كبار السن، ولنا أن نتخيل كم من مريض يمر تحت ناظرنا ونحن لا نعرف أنه مصاب باضطرابات النوم، علاوةً على انتشار هذا المرض انتشارًا واسعا في المجتمعات، فإن تأثيره محسوس إذ أن بعض العلماء شبه ضرر هذا المرض بضرر التدخين.

 

وأثبت علمياً بأن أن (انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم) له صلة بعدد من الأمراض، حتى أنه أحد أسباب الاصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع ضغط الدورة الدموية الرئوية، وعدم انتظام عمل القلب، واحتباس الدم الموضعي في القلب، واحتشاء عضلة القلب، والجلطة الدماغية، كما برهن أن نسبة الوفيات عند الذين يعانون من (انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم) الحاد أعلى من غيرهم. وقد ظهر أن التشخيص الصحيح والمعالجة المناسبة -لإبقاء المجاري الهوائية مفتوحة بواسطة ضغط الهواء المستمر- تمنع بمشيئة الله ما ذكر آنفاً من مضاعفات، بل أن المريض المصاب به يكون عرضة أكثر من غيره للإصابة بضعف الإدراك، وصعوبة التفكير والفهم، وضعف الذاكرة والضعف الجنسي.

 

كما أن نسبة انتشار الاكتئاب عند المرضى الّذين يعانون من هذا المرض أعلى من غيرهم، ونظراً لاستسلام هذه الفئة من المرضى للنوم الطويل نهاراً فإن نسبة

 

خطر تعرضهم للحوادث الوظيفية أو حوادث الطرق أعلى من غيرهم بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، وتكون قدرتهم على الانتاج والتقدم أقل بكثير من غيرهم من الأصحاء، ويقلل علاج هذه الحالة من حدة الأعراض المصاحبة لها كثيراً، ويظهر أن المرضى الذين يعانون من (انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم) أكثر من يلجأ إلى مراجعة المستشفيات والعيادات بكثرة مقارنة مع غيرهم، مما يعني زيادة أعباء الرعاية الصحية لهم في الوقت الذي كان يمكن تفادي ذلك لو أن هذه الفئة من المرضى شُخصت حالتها تشخيصاً صحيحاً، وأعطي لها العلاج المناسب في أول الأمر.

 

* ما هي أكثر فئة عمرية يستقبلونها في المركز ومن أي الجنسين؟

 

نستقبل جميع الأعمار من الجنسين.

 

*  بحكم خبرتكم الطويلة في هذا المجال دكتور، هل زادت مشاكل النوم خلال الـ 5 سنوات الماضية؟

 

زاد الوعي بين الأطباء باضطرابات النوم وكذلك الوعي عند العامة، لذلك أصبح حجم العمل أكبر وعدد المرضى الذين يحولون لمراكز طب النوم أكبر، ولكن بعض التغيرات في نمط الحياة ساهمت في ظهور بعض اضطرابات النوم بشكل أكبر، مثل ظهور الجوالات والأجهزة اللوحية، وزيادة الأنشطة الاجتماعية الليلية، ساهمت في زيادة السهر وقلة ساعات النوم، وهذا الأمر له عواقب صحية كبيرة، وكذلك يؤثر على التحصيل الأكاديمي والقدرة على الإنجاز.

 

وقد نشرت -بحمد الله- وبشكل رسمي التوصيات الوطنية السعودية لمدة النوم الصحية لكل الفئات العمرية في ورقتين علمية في دورية Ann Thoracic Med وتعتبر السعودية من أول خمس دول في العالم نشرًا لهذه التوصيات الخاصة بها،

 

وقد أصبح نقص ساعات النوم أو ما يعرف طبيًا بالحرمان من النوم ظاهرة عالمية، وهي منتشرة جدًا في مجتمعنا بسبب السهر ليلاً حتى ساعات متأخرة، والاستيقاظ مبكرًا من أجل المدارس وممارسة الأعمال في ساعات مبكرة.

 

ويمكن اعتبار الحرمان من النوم مشكلة شائعة جدا، وإن كان الطب الحديث قد نبهنا إلى الأهمية الكبيرة للنوم، فإن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد نبهنا قبل ذلك بكثير إلى أهمية النوم للجسد في أكثر من حديث منها حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه في صحيح البخاري حين كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينصح عبد الله -رضي الله عنه- حيث كان مما قال له: «وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا».

ويرتبط نقص النوم بالإصابة بنزلات البرد، وضعف مناعة الجسم، وارتفاع الضغط، وأمراض القلب، والسكري، والسمنة، وشيخوخة الجلد، والاكتئاب، وزيادة خطر ظهور الأورام، كما أن تأثيره أقوى على السيدات من الرجال، وقد لا تنطبق على من تحتاج أجسامهم ساعات نوم أقل، فهناك أشخاص يحتاجون ساعات نوم أقل من غيرهم.

 

* الجوال ومدى تأثيره على النوم؟

 

ارتبط استخدام الجوال والأجهزة اللوحية بقلة النوم والأرق في كثير من الأبحاث. لذلك ينصح بعدم استخدام الجوال قبل النوم بساعتين، والأجهزة اللوحية تصدر الضوء الأزرق قصير الموجة، مما يؤثر بشكل مباشر على إفراز هرمون الميلاتونين في المساء، والذي يفرز عادة في أول ساعات الليل ليُهيئ الجسم للدخول في النوم.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA