المتمنعون عن الكتابة

في عصر الصحافة الذهبي وقبل خفوت أوارها، كانت كتابة مقال أو مشاركة في صحيفة تغري الكثيرين، وتعد إنجازا كبيرا، إذ لم تكن هناك منصات للنشر سوى الصحف الورقية والمجلات الدورية، وربما منشورات تخص بعض الجهات الحكومية والخاصة. ولا أشك أبداً في أن البعض ما زال يحتفظ بقصاصات صحفية قديمة لمشاركاته الصحفية الأولى. وهناك من يبروزها ويزين بها زوايا مجالسه.

 في بدايات عصر النت اتسعت دائرة النشر بوجود المنتديات الإلكترونية التي فتحت الآفاق للجميع وبرز كتاب رأي جدد، وهناك بعض المنتديات أخذت شهرة كبيرة، وأصبح كتابها نجوما في عالمهم الجديد الذي استغنى عن الصحافة ومقص الرقيب؛ بل إن تأثيرهم في تلك الفترة كان أقوى من كتاب الرأي في الصحف المحلية.

وبعد انتشار الصحف الإلكترونية، أصبحت كتابة الرأي والعمود الصحفي من الأمور الميسرة، فلا قيود للمساحة، ولا تكلفة للطباعة، ولا مقابل مادي للكتاب. لدينا الآن الآلاف من كتاب الأعمدة والرأي، ولا أنتقص منهم، فالحراك جميل وثري، والمحتوى المميز يفرض نفسه بانتشاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإثارة الجمهور والتفاعل معه. فرُب مقالة يسهر الخلق جراها ويختصم.

مع هذا التشبع والزخم في كتابة الرأي، ظهر المتمنعون عن الكتابة، فلم تعد مغرية وليست ميزة لهم كما كانت في الزمن الجميل. أكتب هذا المقال شاكياً طاقم صحيفة رسالة الجامعة، فبعد أن خصصنا هذا العمود الصحفي ليكون مساحة يكتبها فيها أحدنا كل أسبوع وجدتني أطلب منهم دون جدوى كتابة مقال هذا الأسبوع، اضطررت عندها أن تكون المساحة لي مرة أخرى للأسبوع الثاني على التوالي، ولكني جعلتها مساحةً شكوى. وأتمنى أن يتجاوب الزملاء في الصحيفة في الأسابيع القادمة، ولا أشك أن في جعبتهم ما تتعطش له الأقلام.

 

د. علي بن ضميان العنزي

المشرف على الإدارة والتحرير

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA