في وداع الجامعة

 

في ذي الحجة ١٤٠٢هـ التحقت بجامعة الملك سعود في مرحلة البكالوريوس، وتخرجت منها عام ١٤٠٦هـ، حيث عملت معيدًا بالقسم لمدة سنة، ثم ابتعثت إلى كندا، وتخرجت بالماجستير عام ١٤١٠هـ، ثم أمضيت أربع سنوات في العمل كمساعد باحث في مختبر الكحوليات بجامعة ميجيل بمونتريال، وبعدها درست مقررات في برنامج الدكتوراه في علم النفس العيادي بجامعة اوتاوا، ثم درست مقررات في برنامج الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي في جامعة كارلتون باوتاوا، لانتقل لدراسة دكتوراه الفلسفة في علم النفس الإرشادي بجامعة مانشستر ببريطانيا وأتخرج منها عام ١٤١٧هـ،.

عينت حينها أستاذا مساعدًا لخمس سنوات، ثم كلفت بالعمل ملحقا ثقافيا في الأردن لخمس سنوات، حيث كنت أدرس بالجامعة الأردنية وجامعة عمان الأهلية، لأعود لجامعة الملك سعود أستاذا مشاركا، وأترقى لرتبة الأستاذية (بروفيسور) عام ١٤٣١هـ، وسأتقاعد رسميا في غرة رجب ١٤٤٤هـ.

رحلتي مع علم النفس بدأتها ببيت شعر يتيم قلت فيه:

يا قوم نفسي لعلم النفس عاشقة

هيهات أن ترتوي من حوض ما عشقت

وبعد ٤٢ عاما من بدء هذه الرحلة حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال ما زالت أمنية الارتواء قائمة، وما زال الشغف في الإبحار في دهاليز النفس ومحاولة فهم ألغازها في سويّتها وما سواها قائمًا، ولا شك أن ثمة تفاصيل من الإحباط والحبور، والاعتزاز والنقص، والتعاطي مع أشخاص من الملهمين و من المحبطين، من أساتذة وزملاء في كل محطة من محطات هذه الرحلة، كما أن هناك أيضا لوحة فسيفسائية لأوجاع النفس وتقلباتها، وطرق التعاطي معها تجعل المتعلم في مزاج الحائر بين الفهم والشك، بين اليقين والظن، بين الإقدام على إعلان الفتح المبين في حل معضلة ما، وبين الإحجام والتقهقر والشعور بالتيه وتحجيم الذات، لدرجة التقزم وإعلان الاعتراف بالجهل المطبق، أزعم أن هذه الحيرة هي قدر من اختار الإبحار في عالم النفس، والجميل أن هذا كله مظنة أن يؤدي إلى تواضع حقيقي لربان هذه السفينة، مما يفضي إلى فهم أعماق الذات، ومن عرف نفسه عرف ربه كما يقال، وربما كان هذا أكرم «جودي» تستوي عليه السفينة.

أخيرا، سأستعير عنوانًا لمقال كتبته في الأيام الأولى لي في كندا، أثبت فيه حنيني للجامعة، ونشرته رسالة الجامعة في بدايات ١٤٠٨هـ بعنوان: «إلى الحضن الرؤوم»، واليوم يصل بي دولاب الزمن لأقول: وداعاً إيها «الحضن الرؤوم».

 

أ.د. سلطان موسى العويضة

أستاذ علم النفس الإرشادي

استشاري العلاج النفسي

قسم علم النفس- كلية التربية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA