الزلازل القمرية

 

 

مثل الأرض تماماً، يتكون القمر من قشرة ووشاح ولب؛ ولكن على عكس الأرض، ليس للقمر صفائح تكتونية؛ لذلك لا تشبه زلازل القمر زلازل الأرض التي تحدث  حين تتحرك الصفائح التكتونية على الأرض. بين عامي 1969 و 1972 م، وضع رواد فضاء أبولو أجهزة رصد الزلازل في مواقع هبوطهم في القمر، حيث تم نقل البيانات لاسلكياً إلى الأرض حتى تم إيقافها في عام 1977 م. قال كلايف نيل، أستاذ العلوم الجيولوجية في نوتردام، حول البيانات الزلزالية القمريّة التي تعود إلى عصر أبولو، والتي فحصها هو وزملاؤه: «كان القمر يرن مثل الجرس».  تستمر زلازل القمر فترة أطول من تلك التي تحدث في الأرض التي تتوقف عادةً خلال دقائق قليلة. نظراً لأن القمر أكثر جفافاً وبرودةً من الأرض، فإن الاهتزازات تستمر لفترة أطول. في حين أن بُنية الأرض الأكثر انضغاطاً تعمل مثل الإسفنج لامتصاص الاهتزازات، «وهكذا، يتم نشر الطاقة الزلزالية بشكل أكثر كفاءة من خلال القمر، وهو جاف بشكل لا يصدق»    – كلايف نيل. هناك أربعة أنواع مختلفة من الزلازل القمرية: 1) الزلازل العميقة وهي الأكثر شيوعاً، 2) الزلازل الضحلة التي تتميز بطاقة أكبر وترددات أعلى من تلك المشابهة لها في الأرض، 3) الزلازل الناجمة من تأثير النيازك، 4) الزلازل الحرارية الناجمة عن تمدد القشرة الباردة عندما تضيء الشمس صباحاً لأول مرة بعد أسبوعين من الليل القمري المتجمد. الزلازل العميقة التي تم رصدها كانت على عمق يتراوج من 800 إلى 1200 كلم تحت سطح القمر، وتحدث كل 27 يوم تقريباً، نظراً لأن هذا هو الوقت الذي يستغرقه القمر لإكمال دورة كاملة حول الأرض. علاوةً على ذلك، تستمر الزلازل القمرية الضحلة لفترة طويلة بشكل ملحوظ. وساعدت تقنية البيانات المدمجة في تحسين فهم المتخصصين في علم الزلازل لمنطقة الوشاح القمرية التي تحدث فيها الزلازل. وتمكن الباحثون بعد ذلك من ربط الإجهاد الناتج خلال الزلازل القمرية بتراكم إجهاد المد والجزر على مدار الشهر، ووجدوا أن القيمتين متوافقتان . وهذا يؤكد أن الزلازل القمرية ناتجة عن إجهاد المد والجزر، وفقاً لتايشي كاوامورا، عالم الكواكب في معهد فيزيك دو غلوب دي باريس التابع للمرصد الفلكي الوطني لليابان. اعتقد العلماء في السابق أن الطبقات الداخلية للقمر التي تحدث فيها الزلازل العميقة أكثر دفئاً، مما يجعل الصدوع أكثر ليونةً ومرونةً. ولكن استناداً إلى دراسة حديثة، تبين أن منطقة الوشاح القمرية هشة لتحملها ضغوط المد والجزر المرصودة، مما يعني أنها قد تكون أبرد مما كان يُعتقد سابقاً. في الوقت الحاضر، وُضعت جميع أجهزة قياس الزلازل في منطقة صغيرة إلى حدٍ ما بالقُرب من موقع هبوط أبولو. ولا يُعرف الكثير عن نشاط زلزال القمر بالقرب من القطبين، أو ما إذا كانت هناك مناطق معينة من القمر تكون فيها الزلازل القمرية أقل شيوعاً. ومن مشاريع ناسا المستقبلية تثبيت عدد من أجهزة الرصد الزلزالي على أجزاء أخرى مختلفة من القمر؛  لمعرفة المزيد عن الزلازل القمرية. ختاماً، يُعتبر القمر نشطًا من الناحية الزلزالية، لكن بشكل مختلف عما هو موجود في الأرض.

 

أ. د. سطام عبدالكريم المدني

قسم الجيولوجيا و الجيوفيزياء

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA