العلاج بالجينات الاتجاهات الحديثة والافاق المستقبلية

 

 

تعد تقنيات العلاج بالجينات من التقنيات الواعدة لعلاج الأمراض الوراثية، وأمراض التمثيل الغذائي، والسرطان، ومرض السكري، والتنكس العصبي، وغيرها من الأمراض، وقد أحدثت هذه التقنية ثورة طبية في القضاء على جائحة كورونا في العصر الحالي. كما تُعد هذه التقنية فرصة واعدة لإنتاج العلاجات الجزيئية والخلوية وأعضاء الجسم في الحيوانات المعدلة وراثيا؛ لاستخدامها في حل مشكلات زرع الأعضاء لعلاج الفشل الكلوي والكبدي وغيرها.  وتُستخدم تقنية العلاج الجيني لإصلاح الخلل في الجينوم الذي يؤدي إلى  حدوث الأمراض الوراثية، والسرطان، والسكري، والصرع، وغيرها من المعضلات المرضية. وتعتمد تقنيات العلاج الجيني على استخدام الأحماض النووية “DNA, mRNA,” المعززة للتعبير الجيني   “Gene Expression” في علاج الأمراض، أيضا تعتمد تقنيات العلاج الجيني على تقنيات الإسكات الجيني في العلاج “Gene Silence” التي تعتمد على تقنية “ “RNAi و غيرها من تقنيات الإسكات الجيني في العلاج ، وفي المستقبل القريب قد تكون تقنية العلاج الجيني بديلا للعلاجات التقليدية الحالية. فالعلاجات التقليدية هي جزيئيات صغيرة الحجم تستهدف جزيئات ومسارات بيولوجية وعمليات خلوية لإحداث الأثر العلاجي وتحقيق الشفاء بإذن الله تعالي.  حيث تستهدف الأدوية التقليدية المجموعات الفعالة من الإنزيمات والمستقبلات الخلوية وقنوات الأيونات ونواقل الإشارات المؤثرة على النشاط الخلوي وغيرها من المواد الحيوية، فينتج التأثير العلاجي. وبالرغم من نجاح   الأدوية التقليدية في علاج العديد من الأمراض، إلا أنها   تستهدف فقط حوالي 10-14٪ من البروتينات الوظيفية التي تمثل حوالي 1.5٪ من الأحماض النووية البشرية. لذا توجه العلماء في المجال الدوائي إلى استخدام الهندسة الوراثية بوصفها منصة لإنتاج البروتينات العلاجية، وتمت الموافقة على العديد من البروتينات العلاجية مثل الأنسولين ومنتجات الدم واللقاحات وعوامل النمو والمحركات الخلوية وغيرها لعلاج العديد من الأمراض. وبالرغم من نجاح البروتينات العلاجية في علاج الكثير من الأمراض، لا تزال عليها بعض التحفظات الطبية مثل: فرط الحساسية، وعدم الثبات، وعدم استهدافها كل البروتينات والجينات ذات الصلة بالأمراض. 

 وحديثا توجه العلماء إلى الاهتمام بتقنية العلاج الجيني التي تستخدم آلية الترجمة الخلوية” Cellular Translation Machinery” لإنتاج بروتينات مثل الإنزيمات والمستقبلات والأجسام المضادة والبروتينات الأخرى؛ لتعديل الوظائف الحيوية داخل جسم الانسان، لتحقيق الشفاء من الأمراض. كما يمكن استخدام تقنيات إسكات التعبير الجيني في الهندسة الوراثية لإنتاج العلاج الجيني والعلاج الخلوي والمفاعلات العلاجية الحيوية. وبذلك يمكن إنتاج الحيوانات المعدلة وراثيًا لتوظيفها في إنتاج الأعضاء الحيوية مثل الكبد والكلى وغيرها؛ لاستخدامها بديلاً للأعضاء البشرية بلا مشاكل مناعية “Xenotransplantion”.  وتُعد هذه التقنية واعدةً لحل مشكلة التبرع بالأعضاء، وتقليل معدل الوفيات التي يسببها الفشل الكلوي والكبدي وغيرهما من العلل المرضية. وقد أشارت الدراسات والتجارب الأولية إلى أن الخنازير المعدلة وراثيًا يمكن  أن تُنقل أعضاؤها -مثل القلب والكبد والكلى والرئة - إلى الانسان، وقد تم ذلك في التجارب السريرية البشرية. وبالرغم من نجاح تقنية العلاج الجيني في علاج أمراض عديدة، لا تزال عليها بعض التحفظات مثل عدم الثبات، وصعوبة عبور الأغشية الحيوية وتحريض الجهاز المناعي، وخطر الاندماج الجيني في الخلايا السليمة.  ويمكن التغلب على القيود العلاجية لتقنيات العلاج الجيني بالتعديل الكيميائي، واستخدام أنظمة   التهديف الدوائي الذكية مثل:   النواقل النانومترية، والفيروسية، وغير الفيروسية، والحويصلات الخلوية، والنواقل الهجينة، في آفاق مستقبلية لنقل العلاج الجيني إلى الخلايا المعتلة. وبذلك يمكن توظيف تقنيات العلاج الجيني في الأغراض السريرية، وفي السيطرة على الأمراض المعدية مثل: فيروس كورونا، والأنفلونزا، والملاريا، وفيروس نقص المناعة البشرية، والقضاء على الأوبئة المستقبلية.  وخلال جائحة كورونا أدى استخدام تقنيات العلاج الجيني إلى حدوث ثورة علمية في إنتاج اللقاحات بسرعة فائقة، فتم استخدام تقنية “DNA, mRNA” في إنتاج لقاحات كورونا، وهذه التقنية توجه خلايا الجهاز المناعي لتصنيع الأجسام المضادة لفيروس كورونا المستجد.   وبنجاح  تقنيات العلاج الجيني هذه لن تكون هناك وبائيات أو غزوات جرثومية مستقبلية، وإذا حدث ذلك ففي غضون شهور قليلة سيتم إنتاج اللقاحات لمجابهة الغزوات الجرثومية.  وباستخدام هذه التقنيات قد تحدث ثورة في عالم الطب لعلاج الأمراض المستعصية مثل: الأمراض الوراثية، و السرطان، والسمنة، والسكري، والملاريا، والإيدز، وغيرها من الأمراض التي يُعد علاجها ضربا من الخيال، وقد يصبح علاجها حقيقة في المستقبل القريب. وللوقاية من الأمراض وعدم الاحتياج إلى العلاج الجيني وغيره من العلاجات لابد من تناول الطعام الصحي، والحفاظ على النشاط البدني، وتنظيم النوم والساعة البيولوجية، والتعرض المعتدل لأشعة الشمس، وعلو الهمة، والإيجابية، والتفاؤل، والابتسام، والرضا، والهدوء، والمحافظة على العبادات: الصلوات، والصيام، والأذكار، والدعاء، والاستغفار؛ لأنها من معززات جين الإصلاح الخلوي « P53  « والموت الخلوي  المبرمج Apoptosis،  وتعزيز المناعة والوقاية من الأمراض بإذن الله.

 

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه

كلية الصيدلة

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA