إن فن التعامل مع الأخرين ذوق وأدب إسلامي رفيع قد لا يجيدهُ كل أحد، وهو بلا شك ما ينقصنا اليوم في تعاملاتنا اليومية، وقد قيل: عامل الناس بالإحسان ولو لم تلقَ منهم إحساناً، وعاملهم كما تحب أن يعاملوك به، فأنت كسبان على كل حال، والتعامل مع الناس يختلف من شخص لآخر، فلكل شخص أسلوبه المناسب، وهذا يتطلب منا إنزال الناس منازلهم، وهو شيء مهم، فالناس مختلفون في العادات والطِّباع التي يكتسبونها.
ولا شك أنّ من أحسن النية لله لم يبالِ بما قد يحدث له من بعض الأذى من الناس، وهذا شيء طبيعي عند مخالطتهم، وفي الحديث الشريف عن نبينا صلى الله عليه وسلم « من يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم “، لكن مفهوم الحديث يتأكد فيما يخص مجال الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن أي منكر أوشيءٍ من هذا القبيل، وليس المقصود بذلك الذهاب إلى أماكن غير لائقة ومخالطة من لا يُؤمن شره ولا يُحمد خلقه.
من المستحيل طبعاً إرضاء الناس في كل الأمور؛ لكن بإخلاص النية الصادقة لله عز وجل وبالخُلق الطيّب تُفتح أبواب مغلقة، وإن من رزقه الله السلامة من التعدي على أعراض الناس وعلى أموالهم، فقد حاز على أبواب الخير كلها، وذلك من أجلّ وأعلى فنون التعامل مع الآخرين.
قال حكيم: «تضخيم بعض الأمور التي لا تستحق لن يزيدك إلا تعباً ومشقة، أعط كل شيء قدره المناسب، فإن أعطيته أكبر من حجمه صعب عليك التعامل معه».
وقيل: « أسوأ الناس خُلقاً من إذا غضب منك أنكر فضلك، وأفشى سرك، وجحد عشرتك، وقال عنك ما ليس فيك “.
إن تأليف القلوب والتحلّي بالمكارم فنٌون يجيدها القليل من أهل القلوب السليمة والفطر النقية، ولا يزال الناس فيهم الخير، برغم الضرب الشديد والحملات العدائية على الدّين والأخلاق والقِيم في هذا العصر المتسارع بالأحداث.
عبد الله بن محمد عسيري
كلية العلوم
إضافة تعليق جديد