الأمن السيبراني ممكّن للتقنية

 

لا أعتقد -في عصرنا الحالي- أن يمرّ يومٌ دون أن نستخدم فيه التقنية، إما للتعليم أو للتواصل مع الآخرين أو للتعاملات البنكية أو الحكومية أو حتى لطلب البيتزا!  فوجود التطبيقات والاتصال بالإنترنت أصبح من المتطلبات الأساسية للمعيشة في وقتنا هذا. فالتحوّل الرقمي شمل جميع القطاعات والمجالات الحياتية المختلفة، سواء في الجهات الحكومية، أم البنوك، أم المستشفيات، أم التعاملات التجارية. وانتقلت المعاملات اليدوية إلى إلكترونية، ثم إلى برمجيات مؤتمتة؛ بل إن التقدّم قد وصل إلى أن تصبح هذه الأتمتة ذكية وملائمة لمتطلبات المستخدم وتحقق أهداف المنشأة بفاعلية عن طريق تطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي عليها.

ولكننا عادةً لا نستشعر كمية العمل الذي يحدث خلف كواليس التطبيقات ونظم التشغيل والشبكات، حيث إن الأنظمة كلها تمر بسلسلة من خطوات التحقق التي تتأكد من سلامة البيانات والتطبيقات والبنى التحتية لها ، كما أن هناك مجموعة من المعايير والأنظمة المطبّقة التي تُعنى بالحفاظ على سرية البيانات وتطبيق آليات التشفير والبروتوكولات اللازمة لانتقالها بأمان بين الأجهزة والشبكات والتطبيقات، كما أننا لا نتخيل أن تتعطل الخدمة عن كثير من المواقع والتطبيقات التي اعتدنا عليها، فهناك العديد من التدابير المتّبعة لضمان توافر هذه التطبيقات حتى عند حدوث هجوم إلكتروني عليها أو حتى عند قطع الكهرباء.

لذا فإنه يقع على عاتق المستخدم -سواءً أكان بخلفية تقنية أم لم يكن- مسؤولية رفع وعيه التقني وتطبيق الممارسات الآمنة أثناء استخدام التقنية أياً كانت، ويتحقق ذلك من خلال معرفة أشهر سبل الاختراق التي تتطور عالمياً بشكل متسارع وحماية نفسه منها، ولعلّ هجمات الاحتيال المالي التي شهدناها مؤخرًا وعواقبها الوخيمة كانت أكبر موقظ لنا جميعا للاهتمام ببياناتنا وعدم مشاركتها مع الآخرين.

فإذا عدنا إلى التطبيقات التي نستخدمها يوميا، فإن الوسيلة التي تجعلنا نعتمد عليها ونمكّنها ونطورها هي  تطبيق الأمن السيبراني بطريقة احترافية، وذلك في جانبين: الأول هو بناء هذه التطبيقات والتقنيات على أسس علمية رصينة تقلل من فرص اختراقها، وهو ما يسمى بالتصميم الآمن (Security by Design)، الذي يسعى لسد الثغرات المعروفة والتأهّب للمخاطر وتقليلها، والثاني هو توعية المستخدمين بطرق الاستخدام الآمن لهذه التطبيقات، لكيلا يكونوا  سببًا لتخلّينا عن التقنية بسبب كثرة الهجمات عليها.

لذا عندما تقرر أن تطلب سيارة توصيل عن طريق التطبيق، وتدفع لها بالبطاقة الائتمانية التي قمت بتعبئتها عن طريق تطبيق البنك، وأنت تحمل معك بضائع قد اشتريتها للتو من تطبيق متجر إلكتروني، بعدما طلبت خدمة إصلاح سيارتك المتعطلة على الطريق عن طريق تطبيق، تذكّر أن الأمن السيبراني هو الذي جعلك معتمدًا على هذه التقنيات وواثقًا بها!

 

د. فاطمة العقيل

كلية الدراسات التطبيقية - قسم علوم الحاسب والهندسة

ومستشارة الأمن السيبراني

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA