وصيتي

 

كنت وحيدًا حبيسًا في كيس أبيض، لا أتنفس ولا أرى أحدًا، أسمع أصواتًا بدأت تألفني، لا أعلم أصحابها ولكني أستطيع التخيل، حاولت أن أحادث تلك الأصوات لعلها تنقذني وتجعلني أرى ما بعد هذا الحاجز الورقي. ذات يوم شعرت بيد تحملني «وأخيرًا هناك من لبى ندائي!» قُلب الكيس فجأَة وبدأت أنهمر، انتقلت إلى وعاء ذو انعكاس باهر ولأول مرة أرى فيها نفسي، كثبان بيضاء نقية، أحاول أن أختلس النظر لصاحب الفضل ومنقذي، لم يكن يشبهني، لونه مختلف وله تقاسيم ومعالم، أطرافه تتحرك كما يريد، كان مختلفًا ومميزًا، لم أكد أشكره حتى امتلأت بقشور غريبة فوقي، رائحتها زكية ولها لون واضح، أتى بعدها زائر غريب يشبهني في اللون والمظهر، فجأة بأداة غريبة مقعرة في المنتصف يتم خلطي مع هؤلاء الذين لم أعرفهم يومًا، بدأت أشعر بأن هناك رابط بيننا، بقينا معًا لمدة عشر دقائق أو أقل حتى جاءنا سائل غريب، لزج ودهني، أتت أداة أخرى لا أستطيع وصفها ولكنها خفقت كل جزء مني، نبضات قلبي بدأت تتسارع، لم يعد قوامي الناعم الرقيق موجوداً، كل هؤلاء الغرباء بداخلي.. أو ربما أنا بداخلهم.

بقيت في مكان بارد لمدة ساعة أو أكثر، أشعر بأني سأتجمد بأية لحظة، وأخيرًا ظهرت تلك اليد المنقذة مجددًا لتنقذني من هذا الصقيع، أدخلتني في غرفة صغيرة جدًا مظلمة، بدأ يظهر توهج خفيف في الأسفل، الحرارة ترتفع وأشعر بأنفاسي تتباطأ، يفتح الباب لتأتي أداة حادة لتطعن جسدي الذي لم أعد أعرفه، «لم يخرج السكين نظيفًا» سكين!؟ أجل لم أخرجه نظيفًا فلقد حاولت الانقضاض عليه، نصف ساعة وأنا أحترق والسكاكين تطعن جسدي الهش من كل مكان. أخرجتني تلك اليد أخيرًا! بعد أن توقفت عن مقاومة كل تلك السكاكين، بعد أن تعبت واستلمت، يبدو أنها نهاية المعركة.. على شبك معدني أكتب رسالتي، وأشعر بأنها رسالتي الأخيرة، أتمنى أن تصل لكل الدقيق.. اهرب!

شهد بن خريّف

مبادرة مداد للكتابة الإبداعية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA