د. محمد الزهراني مشاركًا في ملتقى الترجمة

 

 

 

تطور في مجال الترجمة الآلية ومبالغة في الحديث عن مدى نجاحها 

 

 

 

رسالة الجامعة – أريج السويلم

في إطار الأنشطة المختلفة التي تقيمها هيئة الأدب والنشر والترجمة، أقيمت فعاليات ملتقى الترجمة الثاني 2022 تحت عنوان (ترجمة المستقبل: الترجمة والتقنية معاً.. نترجم للمستقبل)، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على واقع مهنة الترجمة، والمشاكل والتحديات التي يواجهها المترجم السعودي في هذا القطاع الحيوي المهم. 

وقد حظي الملتقى بمشاركة من منسوبي الجامعة منها مشاركة الدكتور محمد الزهراني أستاذ اللغويات المساعد يقسم اللغة الفرنسية والترجمة في الجلسة الثانية التي أقيمت اليوم الأولى من الملتقى بتاريخ 3 نوفمبر 2022، وذلك بمعية مجموعة من الخبراء الذين ناقشوا (دور الذكاء الاصطناعي والتقنية في صناعة الترجمة). 

وقد بدأ د. الزهراني  حديثه  في المحور الأول (الترجمة الآلية وتطور الذكاء الاصطناعي ) مؤكدًا على أن ثمة تطورًا مذهلًا في مجال الترجمة الآلية المبنية على الشبكات العصبية، غير أن ثمة مبالغة في الحديث عن مدى نجاحها، معللًا تلك المبالغة برغبة تسويق بعض أنظمة الترجمة الآلية، وأشار إلى أنه لا يمكن تعميم تجربة نجاح الترجمة الآلية في اللغات الأجنبية على اللغة العربية، خاصة وأن أغلب نظم الترجمة الآلية ومحركاتها هي نظم برزت في دول غير عربية، بمعنى أن نجاح الترجمة الآلية بين الأزواج اللغوية التي لها أصل واحد كاللغة الفرنسية والإسبانية مثلاً، لا يعني نجاح الترجمة من الفرنسية للعربية، كما أن الترجمة بين اللغات التي خضعت لمعالجة آلية دقيقة كالإنجليزية والفرنسية قد تكون أكثر دقة من اللغات التي هناك قصور في معالجتها آليا كاللغة العربية.

وفيما يتصل بالمحور الثاني (ذاكرات الترجمة: مفهومها وطبيعتها وإدارتها) أشار د. الزهراني إلى أن ذاكرات الترجمة من البيانات المهمة التي تغذي الترجمة الآلية وتؤثر في جودتها. فإذا كانت ذاكرات الترجمة ذات جودة عالية ساهمت في جودة المخرجات، كما تعد ذاكرات الترجمة من أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT tools)، والتي يستخدمها 82.5% من المترجمين المحترفين. وللاتحاد الأوروبي تجربة مميزة في هذا المجال، فقد ساهمت الاستفادة من وثائق الاتحاد الأوروبي بلغاته المتعددة التي بلغت أكثر من 20 لغة في جودة مخرجات الترجمة الآلية. وذلك من خلال إنشاء نظام المعلومات الأوروبي متعدد اللغات المتقدم (يوراميس: EURAMIS)، والذي يحوي 645 مليون وحدة ترجمية (segments). أما بالنسبة إلى اللغة العربية فلا يوجد جهة تنظيمية تهتم بذاكرات الترجمة وتتأكد من موثوقيتها ليستفيد منها المترجمون. 

 وجاء المحور الثالث تحت عنوان (المكانز اللغوية الآلية ودورها في الترجمة) وقد أكد فيه د. الزهراني أن المكانز اللغوية من البيانات المهمة، لكنها لم تنضج بعد خاصة مايتعلق بالمكانز ثنائية اللغة التي تساعد المترجم على أداء عمله. ويتمثل الإشكال بالنسبة لهذين النوعين من البيانات (ذاكرات الترجمة والمكانز اللغوية) في الفجوة بين المبرمجين واللغويين، خاصة في غياب دور المترجم الذي يُعد أساسياً في فريق العمل. فالمترجم يهتم بسلامة البيانات المدخلة ودقتها ويساهم بذلك في جودة الترجمة الآلية. ومن المدونات ثنائية اللغة (الترجمية) مدونة موقع الرصائف، وهي مدونة بسيطة وخام، لكنها مفيدة للمترجم الذي يسعى للكتابة بأسلوب عربي فصيح.

 وفي المحور الرابع (أنظمة إدارة الترجمة لقطاع الأعمال في العالم العربي) أشار د. الزهراني لمفهوم التعاونية (collaboratively)، وتعني أنه لا بد من وجود فريق عمل متكامل مع المترجم، ثم تحدث عن أنظمة إدارة الترجمة التي تحوي الكثير من المميزات لإدارة مشاريع الترجمة. مؤكدًا أن مثل هذه الأنظمة تسهم في إشراك العميل في المشروع من خلال ما يسمى بالتخصيص (customization)، بمعنى أن العميل يطلب استخدام مصطلحات معينة أو أسلوب كتابي محدد وقد يزود مدير المشروع بذاكرات ترجمة مخصصة للمشروع. ويختلف فريق العمل في نظم إدارة الترجمة حسب الهدف من الترجمة، فإذا كانت الترجمة مخصصة لجمهور معين أو ثقافة محددة، فنتحدث هنا عن التوطين (localization)، وفي هذا المشروع يتكون فريق العمل من سبعة أعضاء: مدير المشروع والمترجم واختصاصي توطين ومتخصص في المراجعة ومهندس توطين ومهندس اختبار والناشر المكتبي.

واختتمت الجلسة بمحور (مستقبل المترجم في عصر الذكاء الاصطناعي) وقد ذكر د. الزهراني أن مستقبل المترجم في عصر الذكاء الاصطناعي لن يخرج عن مسارين عموماً: المسار الأول هو المسار الإيجابي (والذي أرى أنه يجب أن يكون) بحسب تعبيره، وفيه تتزامن الترجمة البشرية الإبداعية جنباً إلى جنب مع الترجمة الآلية بحيث يستعين كل منهما بالآخر المترجم الإنسان يستعين بالآلة وأدواتها وأنظمتها المختلفة، وتستعين الآلة بالإنسان الذي يزودها بالبيانات المتمثلة في المصطلحات المتخصصة الحديثة وقواعد البيانات المختلفة وذاكرات الترجمة الموثوقة والمتميزة التي تتعلم منها الآلة وتصبح أكثر دقة وأمانة. أما المسار الثاني فيعتمد اعتمادًا كبيرًا على الذكاء الاصطناعي في الترجمة الآلية والتقليل من دور المترجم، وبالتالي تضعف المدخلات التي تتغذى بها الآلة فتنتج مخرجات سيئة، وإذا استمرت الآلة في استقبال مدخلات رديئة وإنتاج مخرجات رديئة بالضرورة فسيؤثر ذلك على لغة الإنسان نفسه وقد يساهم ذلك في قتل الإبداع.  

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA