الفنون وعلاقتها بالنقد الجمالي في المملكة العربية السعودية

 

 

 

تبدو الفنون السعودية بأنواعها -سواء أكانت في الفلكلور الشعبي، أم الموسيقى، أم الفنون المرئية (الدراما – السينما)، أم الفنون التشكيلية- منفصلةً عن النقد الجمالي. وقد كان يُعبَّر عنها سابقا من خلال جمعية الثقافة والفنون في المملكة، وأُنشِئت لها هيئات متخصصة حاليا تعمل تحت مظلة وزارة الثقافة. لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يظهر الفصل الكامل بين تلك الفنون وبين النقد الجمالي بكل أنواعه (النقد الفني، والموسيقي، والفلكلوري، والثقافي، والسينمائي، والأدائي)؟ فلم تحظَ تلك الفنون بعناية ذلك النقد، وأصبحت في معزل تام، وتعمل بشكل مستقل، وهذا ضعف منهجي فني. بينما في العالم العربي نجد أن النقد الجمالي يسير جنبا إلى جنب مع الفنون؛ بمعنى أنّ أي عمل فني لابد أن يكون ضمن الهيئة الخاصة به نقاد متخصصون في النقد الجمالي، يسايرون العمل وفق معايير نقدية حديثة ومتعلمنة، بما يتوافق والفنَّ المصاحب له.

ويمكن القول إنّ الفنون السعودية لم يرافقها نقد جمالي، لا في تأصيلها، ولا في تأريخها، ولا في  تصنيف أنواعها، وهذه إشكالية لابد من مواجهتها أكاديميا وعلميا من خلال الدراسات البينية بين كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية من جهة   وكلية الفنون الوليدة الجديدة في جامعة الملك سعود من جهة أخرى، حيث نعوّل على هذه الكلية الوليدة كثيرا في فتح آفاق جديدة للبحث العلمي المتوافق ورؤية 2030،  وأقترح عددًا من المشاريع الفنية المتواكبة والنقد الجمالي في المملكة العربية السعودية :  

ـ فيما يخص الشعر النبطي في المملكة، فهو إرث ثقافي حضاري إنساني تاريخي عظيم. وإذا ما نظرنا إلى جغرافية المملكة التي هي بمثابة قارة متكاملة ثرية ومتنوعة في سياقاتها الإنسانية، نجد أن هذا الشعر لم يُدرس حتى الآن دراسة علمية رصينة؛ لتأصيله وتأريخه ومعرفة اتجاهاته ؛   لكون الجامعات السعودية ترفض دراسته؛ لأنه مكتوب باللهجة العامية!! أمّا وقد تغيرت الأمور وستُفتح كلية خاصة بالفنون في جامعة الملك سعود فلابدّ أن يُعاد الاهتمام بذلك الإرث ويُدرس تأصيلا وتأريخا في كل مناطق المملكة .

ـ الموسيقى السعودية في المملكة، وهي إرث لا يقل أهمية عن بقية الفنون السعودية ، فلكل منطقة جغرافية في المملكة موسيقاها الخاصة بكل إيقاعاتها الثرية وعلاقتها بالإنسان في تلك المنطقة.

ـ الدراما السعودية في المملكة ، لدينا  محاولات جيدة سواء في المسلسلات أم السينما؛ لكنها تبدو مغردةً خارج السرب النقدي الجمالي، بما يشكّل ضعفا فنيا لأعمال تسير منفردة دون نقد يسايرها. 

ـ الرقصات الشعبية في المملكة، هي كذلك إرث حضاري إنساني ضارب في القدم، إذ لابدّ من دراسة الرقصات بإيقاعاتها وسيميائيتها،  وإعادة تصنيفها، وتأصيلها وتأريخها، والبحث عن دلالتها.

ـ الفلكلور الشعبي ( اللباس، و العادات الاجتماعية، واللهجات ) يحتاج هو أيضا لمزيد من الدرس العلمي؛ لتأصيله، وتأريخه، والبحث عن دلالاته في قارة جغرافية ثرية .

أختم حديثي بأهمية العلاقة بين الفنون السعودية والنقد الجمالي بأنواعه في دراسات علمية رصينة تحتضنها الجامعات السعودية ووزارة الثقافة بهيئاتها الجديدة؛ لتضيف النقد الجمالي لكل هيئة وفي كل تخصص بوصفه عينًا مبصرة ناقدة، تتابع العمل في كل مراحل إنتاجه سواءً أكان فيلمًا، أم أغنية، أم رقصات شعبية، أم مسلسلا كوميديا .

 

أ.د .منال بنت عبدالعزيز العيسى 

أستاذ الفلسفة والنقد 

قسم اللغة العربية 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA