يشاهد المهتمون بالقطاع العقاري التحولات الحديثة وغير المسبوقة في السوق العقاري السعودي في السنوات القليلة الماضية، والنقلة النوعية في الخدمات والبرامج والمبادرات، التي نتج عنها هذه المنجزات والمكتسبات في موضوع الإسكان. وقد أُجرِيت دراسة علمية تُطبق المؤشرات العقارية المتطورة المستخدمة في الدول المتقدمة لأول مرة على مستوى السوق العقاري في المملكة، للدكتور سعيد بن ناصر القحطاني من كلية إدارة الأعمال، قسم المالية، حيث جاء فيها: المؤشرات الحالية غير قادرة على مواكبة التحولات السريعة في قياس تغير تحركات الأسعار بشكل دقيق في الوقت المناسب؛ ذلك لأن هذه القياسات والمؤشرات السعرية تستخدم طرق «المتوسطات الحسابية» التي تقل فاعلية قياساتها عند الانتقال من الأساس السنوي إلى الأساس الربعي والشهري.
فالمتوسط الحسابي يقسم رياضيا مجموع العينة على عددها، وبالتالي يتجاهل أهم خاصية تتميز بها الأصول العقارية، وهي خاصية التفرد والتباين «Heterogeneity». مما يعني بالضرورة أن المتوسطات السعرية تفترض -بشكل غير صحيح- أن المواصفات المختلفة والمميزة غير مهمة، ولا تؤثر على السعر النهائي للمنتج العقاري.
وأثبتت الأبحاث العلمية عدم فاعلية هذه القياسات والمؤشرات التي تستخدم طرق المتوسطات السعرية؛ لأنها تقدم نتائج متحيزة «Selection bias»، وغير دقيقة «Misleading estimates»، تتأثر بالتغير في تركيبة الصفقات من فترة إلى فترة (Compositional Effects)، وتقدم تقديرات عالية التشويش «Noisy Estimates».
إن قياس التغير في أسعار العقارات مهم للاقتصاد، خُصوصا أن هذه الأسعار تُؤثر بشكل مباشر على قناة الإنفاق الاستهلاكي، بالإضافة إلى أن جزءا كبيرا من ثروات الأفراد موجود في الأصول العقارية، وتشير الدراسات إلى أن نسبة 50% من ثروات العالم موجودة في الأصول والأسواق العقارية. من هنا تأتي أهمية العناية بتطوير القياسات والمؤشرات السعرية إلى التقنيات المستخدمة في الدول المتقدمة؛ حتى تخدم هذا القطاع الحيوي الذي يحظى باهتمام فائق من القيادة الرشيدة.
قدمت هذه الدراسة العلمية -ولأول مرة على مستوى السوق العقاري في المملكة- المؤشرات العقارية المتطورة التي تُراعي في قياساتها استخدام الأساليب الإحصائية وخاصية التفرد والتباين التي تمتاز بها الأصول العقارية، ووظفت التقنيات الموجودة في مؤشر Case-Shiller للعقارات السكنية الأمريكية.
تختلف الأصول العقارية وتتفرد عن بقية الأصول المالية الأخرى «Heterogeneity»، فكل عقار عبارة عن بصمة عقارية خاصة بمواصفات مختلفة تتمثل في الموقع، وعمر العقار، والمساحة، وعدد الشوارع، والواجهة، وجودة التشطيبات...إلخ، وهي تحدد سعر كل عقار على حدة، ويجب مراعاة هذا التفرد بحيث نتعامل معه بطريقة مختلفة عن بقية الأصول المالية الأخرى، سواء أكان في قياس حركة أسعار هذه الأصول العقارية، أم إدارتها، أم تسويقها، أم تقييمها.
والنتيجة أن هذه الدراسة العلمية قدمت مؤشرات عقارية متطورة بقياسات دقيقة تنافس المؤشرات الحالية، التي لم تنجح بعد في التعرف على موجة ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة، وبالتالي مساعدة صناع القرار على استخدام الأدوات المناسبة للتعامل مع ارتفاع الأسعار في العقار السكني في الوقت المناسب، خصوصا على الأساس الشهري والربعي الذي يحتاجه صانع القرار بشكل أساسي؛ لتنفيذ سياسات الإسكان العاجلة ومعالجة موضوع الإسكان أو أي تشوهات في السوق العقاري في الوقت المناسب.
ومن النتائج المهمة تقديم طريقة علمية أثبتت نجاحها بنسبة 94% في معالجة مشكلة تداخل الصفقات التي يعاني منها السوق السعودي وبعض الدول الخليجية والعربية، وتستخدم طريقة خوارزمية التجميع Clustering Algorithm Analysis لمعالجة هيكل بيانات الصفقات العقارية وإعادة تعريف نوع العقار، والكشف لأول مرة عن الدورة الاقتصادية في السوق العقاري السكني في السعودية، والتعرف على قمم السوق وقيعانه، والمساعدة في اختبار وجود الفقاعات المالية في السوق بشكل دقيق.
إضافة تعليق جديد