هل ترخيص موثوق يفيد مهنة الإعلام؟

 

 

افتتح صديقي محلُّه التجاري الصغير، وفي رحلة البحث عن معلنين واجه صعوبات لم تكن في الحسبان. فقد بدأ البحث في مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاجأ من اختلاف الأسعار والفوضى وانعدام الاحترافية في العمل بين معلنين كبار يمتلكون جماهيرية عالية ويطالبون بمبالغ خيالية مقابل إعلاناتهم، ومعلنين صغار لهم جماهير محدودة يطالبون بمبالغ يسيرة أو عينات مجانية مما يعلنون له. ساءتني كثيرًا تلك العراقيل التي واجهها في بداية انطلاقته بدلا من التسهيل والدعم حتى يمضي في خطواته الأولى نحو النجاح!

ودار بيني وبينه حوار طويل، وتجادلنا كثيرا حول ما إذا كانت تلك الممارسات قد سمحت لمشاهير التواصل الاجتماعي ممارسة إحدى أهم وظائف الإعلام وهو الإعلان؛ مما يؤهلهم ليصبحوا إعلاميين من ناحية نظرية، الأمر الذي ينعكس بطريقة أو بأخرى على مهنة الإعلام ويسيء لها أكثر من نفعها، حتى سادت ثقافة أن كل من يظهر في مواقع التواصل الاجتماعي -بأي شكل كان- ويمتلك عددًا من المتابعين يعد إعلاميًّا يُحتفى به ويُقدم في المحافل والمناسبات الاجتماعية نتيجة امتلاكه وتطبيقه لهذه الوظيفة الإعلامية المهمة.

لقد شهدنا -مؤخرا- ما قامت بها هيئة الإعلام المرئي والمسموع بإقرار نظام حديث لتنظيم فوضى الإعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث ألزمت كل من يرغب بتقديم الإعلانات في تلك المنصات بضرورة الحصول على ترخيص، ويعد تقديم أي نشاط إعلاني دون وجود ترخيص مخالفة تخضع صاحبها للمساءلة القانونية وتضطره لدفع غرامة مالية عالية.

وعلى الرغم من الدعوات المشككة في هذا النظام؛ إلا أنه يعد من الخطوات الرائدة لحماية هذه المهنة المختطفة، فبعد فرض هذا الترخيص اضطر بعض المعلنين رفع أسعار إعلاناتهم مقارنة بالفترة الماضية، الأمر الذي أثر على بعض أصحاب الأعمال الصغيرة والبسيطة الذين لم يعد باستطاعتهم دفع قيمة الإعلان المرتفع، ونرى في المقابل عدم قدرة المعلنين الصغار الذين يملكون عددا متواضعا من المتابعين على دفع قيمة الترخيص، مما منعهم من مزاولة أي نشاط إعلاني. من هنا يمكن رؤية فرصة عظيمة أمام الراغبين في الدخول لمجال الإعلانات حيث خلق هذا النظام فجوة إعلانية يمكن الاستفادة منها واستثمارها عن طريق إنشاء شركات إعلانية متخصصة ومتميزة تستهدف أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة بحيث تقدم لهم أنشطة إعلانية تستهدفهم وتناسب مستوى دخلهم، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على المتخصصين والدارسين في المجال الإعلامي والإعلاني ويزيد من فرصة توظيفهم لردم هذه الفجوة من قبل تلك الشركات المتخصصة، حيث إن هذا النظام يمكن توظيفه والاستعانة به لخلق مجال وظيفي وفرص جديدة للمتخصصين في المجال الإعلامي، ومن يدري فقد نرى في المستقبل القريب رخصة لمزاولة نشاط الإعلام ككل على غرار رخصة مزاولة النشاط الإعلاني الذي من المؤكد -في حال تطبيقه- أنه سيحمي مستقبل هذه المهنة ويعيد تقويمها لخدمة أهدافها السامية.

 

فراج عبد الملك المقبل

قسم الإعلام

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA