الفنون الأدائية والبصرية وعلاقتها بالنقد الجمالي

حلقة نقاش في قسم اللغة العربية

رسالة الجامعة – أريج السويلم 

ضمن الأنشطة الثقافية والبحثية التي يقيمها قسم اللغة العربية ممثلًا في لجنة البحث العلمي والندوة العلمية، أُقيمت حلقة نقاش  بعنوان ( الفنون الأدائية والبصرية وعلاقتها بالنقد الجمالي) يوم الثلاثاء 3/6/1444هـ الموافق 27/ 12/ 2022 .شارك فيها كل من أ.د منال بنت عبدالعزيز العيسى أستاذ الفلسفة والنقد بالجامعة، وأ.د بسمة وعروس الأستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها، ود. سماهر الضامن الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية وآدابها، وأدارتها طالبة الدكتوراه أماني جماعي  .

 الفنون الأدائية والبصرية وعلاقتها بالنقد الجمالي  

افتتحت أ.د منال العيسى الحلقة النقاشية بورقتها التي جاءتبعنوان ( الفنون الأدائية والبصرية وعلاقتها بالنقد الجمالي في المملكة العربية السعودية )  وقد انطلقت من سؤال كبير : لماذا يظهر الفصل الكامل لدينا بين الفنون والنقد الجمالي في حين نجد أن النقد الجمالي يسير مع الفنون جنبًا إلى جنب في العالم العربي؟ مؤكدة ضرورة مواجهة هذه الإشكالية أكاديميًا من خلال الدراسات البينية بين كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية وكلية الفنون، الكلية الجديدة في الجامعة. وقد قدمت د. العيسى عددًا من المقترحات، من بينها ضرورة دراسة الشعر النبطي بوصفه إرثًا ثقافيًا ضخمًا متنوعًا، نظرًا إلى اتساع الرقعة الجغرافية في المملكة وتنوعها، ودعت إلى العناية  بتأصيل الرقصات الشعبية والفلكلور الشعبي والبحث عن دلالاتها، كما أكدت على ضرورة النظر في الموسيقى والدراما السعودية، مؤكدة ضرورة التركيز على السينما السعودية تحديدًا؛ لأنها تغرد خارج السرب النقدي الجمالي – حسب رأيها – مما يشكل ضعفًا فنيًا كون هذه الأعمال تسير منفردة دون نقد يسايرها . 

وكان للدكتورة منال وقفة مع سيميائية الفن السامري والعرضة السعودية، فقد ذكرت أن السامري من الرقصات الشعبية المشهورة في نجد تقول : « بإيقاعاته الحزينة جلوسًا للرجال ووقوفًا للسيدات، بكل سيميائية الجسد وحركاته الهادئة في إيقاع موسيقي حزين، يتراقص حوله الرجال في شبه دائرة بطبول ذات إيقاع يتمايل بين البكاء والأنين، وتتراقص السيدات بخمارهن الأسود يمنة ويسرة بدمعات يسترنها بذلك الخمار»  أما العرضة السعودية فرقصة الحرب والانتصار على حد وصفها،  تقول : « فبعد كل معركة يخرج الملك عبدالعزيز ومقاتليه ملوحًا بسيفه لإعلان النصر» وتواصل مؤكدة : «لذلك إيقاعها قوي وطبولها شاهقة البصر والصوت والأجساد تتحرك في غيمة النصر راقصة حتى تصل للمؤسس وتعلن : سيدي سمعًا وطاعة «.

الواقعية في السينما السعودية

وقد شاركت في هذه الحلقة أ.د بسمة عروس مسلطة الضوء على السينما السعودية تحديدًا، وجاءت ورقتها بعنوان ( الواقعية في السينما السعودية بين الكلاسيكية وجمالية المشهد الدرامي )  حيث اعتمدت فيلمًا بعنوان (عمرة)2018  للمخرج والمؤلف أيضًا محمود صباغ،  وينتمي الفيلم  إلى ما يسمى بالكوميديا السوداء، لكن د. بسمة عروس تذهب إلى أنه أقرب إلى ما يسمى بسينما المؤلف، أما عن سبب اختيارها لهذا الفيلم؛ فهو يعود إلى كونه يمثل الإشكالية المطروحة – على حد تعبيرها - وهي الانتقال من الواقعية إلى الواقعية الجديدة أو ما يسمى بواقعية المشهد والدراما، وقد فسرت د. بسمة عروس في البداية الفرق بين الواقعيتين في تقنية الصورة واللغة الفيلمية، حيث تبدو سينما المشهد غير مرتبطة كثيرًا بالسرد وغير مهتمة بإيجاد حل للعقدة في نهاية الشريط، يعالج شريط عمرة قضية الزواج الثاني ويتخذه ستارًا للتلميح لقضية المرأة على نحو عام، والمطالب المختلفة التي صارت الآن واقعًا مثل قيادة السيارة و الولاية و الحقوق السياسية وتجري تلميحات سافرة في الشريط إلى قضية الخصخصة و المسألة الاقتصادية. مشيرة إلى أن السيناريو في هذا الفيلم يعمل على الربط بين القضية الشخصية لعمرة وهي معارضة الزواج الثاني بالقضايا العامة والحراك الاجتماعي ونقد المؤسسة الدينية، مؤكدة على أن اللغة الفيلمية تقوم على الكثير من اللقطات المقربة ويكون المشهد غالبًا من نوع الـframe، حيث يحتوي وجه الشخصية كامل الحقل الممثل في الشاشة أو حقل المشاهدة وذلك لكون سينما الواقعية الجديدة هي سينما تكون المشاعر وعالم الشعور فيها أهم من حضور الأحداث، وبذلك يعد هذا الفيلم في رأيها  لبنة واعدة في سينما ناشئة مرتبطة بجذورها الثقافية والاجتماعية ارتباطًا وثيقًا وفاعلًا.

سينما ما بعد الرعب

واختُتمت الحلقة بورقة د. سماهر الضامن التي جاءت بعنوان ( سينما ما بعد الرعب )  وقد ركزت فيها على مفهوم ما بعد الرعب في السينما، وهي فئة من الأفلام والمسلسلات التي ظهرت في العقود الأخيرة، تتجاوز فكرة أفلام الرعب التقليدية (خاصة في سينما هوليوود) من جانبين: الجانب الأول هو الموضوعات والثيمات التي تشكل مصدرًا للرعب، والجانب الثاني هو جانب الإنتاج والفئة التي تستهدفها هذه الأعمال، فعلى مستوى الموضوعات، لم يعد الرعب فكرة تقليدية مرتبطة بالأشباح والشياطين والبيوت المسكونة والطبيعة، بل تجاوزت ذلك لموضوعات تتصل بالتجربة الفردية والاجتماعية والثقافية والدينية وحتى العرقية؛ فما يخيف امرأة في إيران التسعينيات مختلف عما يخيف رجلًا أفريقيا- أمريكيا في الستينيات، وما يخيف الصغار مختلف عما يخيف الكبار. ومن هنا ظهرت ثيمات جديدة للرعب كالأمراض المعدية المعاصرة، والتفرقة العنصرية، وصدمات الطفولة. كما أن العواطف التي تستهدفها أفلام ما بعد الرعب لم تعد الخوف المجرد، بل أصبحت تستهدف العواطف المركبة والمتداخلة كالخوف والحزن والاضطرابات العقلية، وهذا يقود إلى الجانب الثاني الذي تتميز به أعمال ما بعد الرعب وهو الإنتاج المتقدم. إذ طالما اعتبرت أفلام الرعب أعمالًا متواضعة موجهة لجماعات معينة من الجمهور المعجبين، ثم بدأت أفلام الرعب تدخل ضمن الأعمال عالية الإنتاج واستحوذت على اهتمام النقاد بسبب توظيفها لنظريات التحليل النفسي واندماجها مع الإثارة Thrillers والخيال العلمي، وأخيرًا امن ناحية توظيفها للسمات ما بعد الحداثية في السينما كالكولاج وضعف العامل والمحاكاة الساخرة،وقد استعرضت الورقة عددًا من الأفلام والمسلسلات التي تشكل نماذج لسينما ما بعد الرعب مثل get out, Us, American Horror Stories, Before I wok. كما أوضحت  د.سماهر الضامن أن سينما الرعب، كسائر الأعمال السينمائية والأدبية شكلت عالمًا يحيل إلى ذاته بحيث يمكن لأعمال ما بعد الرعب أن توظف عناصر كثيرة منه إما لتكوين قصة جديدة أو لإبداء موقف من ذلك العالم، أو تفسيره أو التماس به.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA