المستجدات البحثية لأعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية وآدابها

حلقة نقاش في قسم اللغة العربية

رسالة الجامعة – أريج السويلم

ضمن الأنشطة الثقافية والبحثية التي يقيمها قسم اللغة العربية ممثلًا في لجنة البحث العلمي والندوة العلمية، أُقيمت حلقة نقاش  بعنوان ( المستجدات البحثية لأعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية وآدابها) يوم الأربعاء11 /6/1444هـ الموافق   4/ 1/ 2023 . شارك فيها كل د.أمينة الجبرين أستاذ الأدب السعودي، ود. سلطان المجيول أستاذ اللغويات الحاسوبية والتطبيقية، ود. محمد منور .أستاذ الأدب الحديث والنقد ، ود.زكية الأستاذ المساعد في النقد الأدبي، وأدارتها د. منال العيسى .أستاذ الفلسفة والنقد .

 

الرواية البوليفونية  

شاركت د. أمينة الجبرين بورقتها التي جاءت بعنوان «الرواية البوليفونية: قراءة في تعدد السارد وفضاء العتبة، رواية «شَغَفَهَا حبّاً» أنموذجاً» وتنهض الورقة على قراءة في منجزٍ روائي يقوم على تعددية الأصوات، وتمايز مواقفها، وتعدد وجهات النظر فيها، وذلك بالوقوف على مقومات السرد البولفيوني في تلك الرواية، ومن تلك المقومات تعدد السارد وتعدد الرؤى، وتعددية أنماط الوعي، والتعددية في اللغات والأساليب، وتعدد المنظورات السردية، وفضاء العتبة. وعن مقوم  (تعدد المنظورات السردية) تذهب د. الجبرين إلى أن الرواية في الأصل تنبني على تعدد المنظورات السردية ووجهات النظر وتعدد الضمائر السردية وتنوعها أيضًا ، فقد تُروى بضمير المتكلم والمخاطب والغائب، كما يتأرجح السرد فيها ما  بين السارد الحاضر والسارد الغائب، مؤكدة على أنه «كلما تعددت وجهات النظر، واختلفت المنظورات السردية، وتعددت الضمائر، وتنوع الرواة والسرّاد، كانت الرواية أقرب إلى الرواية الحوارية منها إلى الرواية التقليدية ذات الصوت الواحد». كما أشارت في معرض حديثها إلى  فضاء العتبة بوصفه – عند باختين - فضاء المواقف، والأفكار، والأشخاص الذين يعيشون بين/بين، كما أن الزمن الموجود في العتبة هو زمن أزمة ؛ لأنه مشحون بالتوتر والقلق والاضطراب، وطرح الأسئلة المصيرية ، مؤكدة على  أن أماكن الرواية في (شغفها حبًا) كلّها في فضاء العتبة المفتوح، حيث «شارع غرام»، و»سطح بيت عيسى»، و»دكّان أبي مرزوق»، و»حوش سالم في الكويت»، وطريق زهراء الطائفي»، فليس هناك أيّ مظهرٍ داخلي لا يمثّل العتبة، مثل: «غرف الاستقبال، وغرف الطعام، والهولات، ومكاتب العمل»، وغيرها من الأماكن الداخلية المغلقة.

 

النصوص العربية المرقمنة

وقد شارك في هذه الحلقة د. سلطان المجيول مسلطًا الضوء على النصوص العربية المرقمنة ، وجاءت ورقته بعنوان (الموارد اللغوية والأدوات الجاهزة للنصوص العربية المرقمنة) تناول فيها أهم الموارد اللغوية الرقمية، وكيفية الاستفادة منها، وكيفية بناء مصدر لغوي رقمي جديد في حال عدم توفره في تلك الموارد، كما أشار إلى أهم أدوات المعالجة الجاهزة لتحليل المصادر اللغوية الرقمية، التي تُستخدم في المشاريع والأبحاث في العلوم الإنسانية والاجتماعية.، موضحًا الفروقات بين المصادر اللغوية من ناحية ما يُعدّ مدونة لغوية، وما يُعدّ بيانات لغوية، وما يُعدّ معلومات لغوية. فالمدونة اللغوية عبارة عن نص خامٍ لنصوص محولة إلى صيغ رقمية، والبيانات اللغوية عبارة عن مدونة لغوية تُجمع وتُهيكل بياناتها الوصفية واللغوية والإحصائية على صيغة جداول، أما المعلومات اللغوية فعبارة عن بيانات لغوية تُعالج بمراحل المعالجة الآلية من تنقيح وتقطيع وتوسيم إلخ، ثم تُدمج فيها خوارزميات المُعاملات الإحصائية للغة من أجل مزيد من التحقيقات المعلوماتية حول سلوكيات الكلمات والعبارات والنصوص. ومن بين أهم المدونات من حيث الحجم المكتبة الشاملة التي تتضمن أكثر من 8000 كتاب، وموقع أدب الذي يتضمن الشعر والسرد عبر العصور. أما البيانات فمن بين أهمها كتاب KITAB الذي يحتوي على النصوص العربية من عام 1هـ حتى عام 1444هـ،، أما المدونات التي صممت بأدوات لغوية معلوماتية فمنها المدونة العربية التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تحتوي على أكثر من مليار كلمة وتغطي الصحف العربية النسبة الأعلى من نصوص أوعيتها. واُختتمت هذه المشاركة بجملة من التوصيات من أجل ترقية الأبحاث والمشاريع في العلوم الإنسانية والاجتماعية، تتلخص في ضرورة التحول من التحليل المعتمد على العين واليد إلى التحليل المعتمد على المدونات اللغوية وأدوات المعالجة. وضرورة تفاعل الإنسان مع الآلة/الحاسب/ المنطق الآلي الرياضي، وتدامج كيفيات تفكير الإنسان النوعي مع خوارزميات تفكير الآلة الكمي.

 

النقد النسائي العربي القديم

وقد جاءت مشاركة الدكتور محمد منور بعنوان (الاتجاه العاطفي في النقد النسائي العربي القديم) حيث نظر فيها إلى مجهودات المرأة العربية النقدية وتحديدًا في الجانب العاطفي، عندما يكون للعاطفة حضورها الواضح والجلي في تشكيل المقولة النقدية لدى المرأة، وقد وقف على نماذج  لذلك الاتجاه النقدي لكل من الناقدات: سكينة بنت الحسين وعقيلة بنت عقيل بن أبي طالب وعزة صاحبة كثير وعائشة بنت طلحة وصنفها، ودرسها دراسة علمية تحليلية، للكشف عن العوامل المؤثرة في هذا المنحى النقدي للمرأة العربية. وقد نتج عن هذه الدراسة إظهار جملة من المقولات النقدية للمرأة العربية في أدبنا القديم، فقد تناولت الناقدة قديمًا الشعر بخصوصية نقدية في جانبيه المضموني والفني، ناتجة عن الرؤية الخاصة بالمرأة المتأثرة بعلاقتها بالرجل، والقائمة على البعد العاطفي القلبي، مؤكدًا على أن  الاتجاه العاطفي هو الاتجاه النقدي الأبرز حضورًا في نقد المرأة الذي تناول جل خطابها النقدي؛ لأنها حسب تعبير د. منور قد جعلت من شعر الرجل شغلها الشاغل نقدًيا، فهي لم تلتفت في نقدها لشعر المرأة بل إن شعر الرجل فيها (غزله) كان قد استوعب ذلك الخطاب النقدي النسائي، وعبر عنه تعبيرًا يوضح غايات المرأة الناقدة وأهدافها.، فشعر الغزل هو الفن الشعري الذي انصب عليه نقد المرأة دون سواه من الفنون الشعرية الأخرى؛ لما له من ارتباط بالعاطفة والقلب، ولما له من تجسيد لعلاقة الرجل الخاصة بالمرأة والذكر بالأنثى. مؤكدًا أن المقاييس النقدية التي تناولت من خلالها المرأة الناقدة شعر الرجل فيها (تغزله بها) كانت منطلقة من المقاييس النقدية الصادرة عن الذائقة العربية للغزل وفي إطار العادات والتقاليد العربية.

 

المسرح الذهني والشعر القديم

وشاركت د. زكية الحارثي بورقة عنوانها تقنيات المسرح الذهني في الموروث الشعري القديم) وقد بدأت ورقتها بحقيقة مفادها أن العرب قديمًا عرفوا المسرح الذهني بثيمته وسماته التشكلية، فقد تبين ذلك من استقراء النصوص وتحليلها، مصرحة أن الشعر العربي القديم تجاوز مساحته التقليدية، وتضمن فنونًا أخرى، شكلت فيما بعد أجناسًا مستقلة. فقد عمدت القصيدة العربية القديمة إلى القالب الحكائي السردي؛ كونه مثيرًا ذهنيًا، وعنصرًا فعالًا في توليد دهشة المتلقي، كما حرصت على توظيف الصراع الدرامي؛ للسيطرة على مشاعر القارئ وكأنه يعايش واقعًا حقيقيًا. فهناك اتصال وثيق بين شعرنا العربي القديم والفنون الدرامية كالمسرحية والقصة. فالكثير من نصوص الشعر العربي القديم قد تضمنت عناصر المسرحية من حيث الفكرة والحبكة والشخصيات والحدث والراوي، لتبقى خشبة المسرح والممثلين هي الفاصل المادي بينهما، مشيرة إلى أن المسرح الذهني ينهض على الفكرة المتنامية في ذهن القارئ، ولا يعتمد على الممثلين فوق خشبة المسرح وفي ذلك تشابه كبير مع بعض العناصر الفنية في القصيدة العربية القديمة؛ فالصراع معنوي غير مرئي، يدور بين إرادة الإنسان والزمان والمكان اللامحدود، مكونًا قضية فكرية، فالصراع هنا صراع أفكار لا صراع سيوف ورماح، وتبدو الشخصيات في المسرح الذهني أفكارًا مسؤولة عن فاعلية الصراع الذي يجري داخل الذهن، وهي أداة المؤلف في معالجة أفكاره وقضاياه؛ ليصل من خلالها إلى ذروة الصراع في البناء الدرامي. ومن ناحية المضامين والدلالات والمعالجات النفسية، تشير د. الحارثي إلى أن المسرحية الذهنية عالجت القضايا نفسها التي سبقت إليها القصيدة العربية قديما؛ كجدلية الزمن والذات، والصراع بين المتناقضات، والأسطورة والسرد الضمني.

حلقة نقاش في قسم اللغة العربية

المستجدات البحثية لأعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية وآدابها

**تتوفر صور

رسالة الجامعة – أريج السويلم

ضمن الأنشطة الثقافية والبحثية التي يقيمها قسم اللغة العربية ممثلًا في لجنة البحث العلمي والندوة العلمية، أُقيمت حلقة نقاش  بعنوان ( المستجدات البحثية لأعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية وآدابها) يوم الأربعاء11 /6/1444هـ الموافق              4/ 1/ 2023 . شارك فيها كل د.أمينة الجبرين أستاذ الأدب السعودي، ود. سلطان المجيول أستاذ اللغويات الحاسوبية والتطبيقية، ود. محمد منور .أستاذ الأدب الحديث والنقد ، ود.زكية الأستاذ المساعد في النقد الأدبي، وأدارتها د. منال العيسى .أستاذ الفلسفة والنقد .

 

الرواية البوليفونية  

شاركت د. أمينة الجبرين بورقتها التي جاءت بعنوان «الرواية البوليفونية: قراءة في تعدد السارد وفضاء العتبة، رواية «شَغَفَهَا حبّاً» أنموذجاً» وتنهض الورقة على قراءة في منجزٍ روائي يقوم على تعددية الأصوات، وتمايز مواقفها، وتعدد وجهات النظر فيها، وذلك بالوقوف على مقومات السرد البولفيوني في تلك الرواية، ومن تلك المقومات تعدد السارد وتعدد الرؤى، وتعددية أنماط الوعي، والتعددية في اللغات والأساليب، وتعدد المنظورات السردية، وفضاء العتبة. وعن مقوم  (تعدد المنظورات السردية) تذهب د. الجبرين إلى أن الرواية في الأصل تنبني على تعدد المنظورات السردية ووجهات النظر وتعدد الضمائر السردية وتنوعها أيضًا ، فقد تُروى بضمير المتكلم والمخاطب والغائب، كما يتأرجح السرد فيها ما  بين السارد الحاضر والسارد الغائب، مؤكدة على أنه «كلما تعددت وجهات النظر، واختلفت المنظورات السردية، وتعددت الضمائر، وتنوع الرواة والسرّاد، كانت الرواية أقرب إلى الرواية الحوارية منها إلى الرواية التقليدية ذات الصوت الواحد». كما أشارت في معرض حديثها إلى  فضاء العتبة بوصفه – عند باختين - فضاء المواقف، والأفكار، والأشخاص الذين يعيشون بين/بين، كما أن الزمن الموجود في العتبة هو زمن أزمة ؛ لأنه مشحون بالتوتر والقلق والاضطراب، وطرح الأسئلة المصيرية ، مؤكدة على  أن أماكن الرواية في (شغفها حبًا) كلّها في فضاء العتبة المفتوح، حيث «شارع غرام»، و»سطح بيت عيسى»، و»دكّان أبي مرزوق»، و»حوش سالم في الكويت»، وطريق زهراء الطائفي»، فليس هناك أيّ مظهرٍ داخلي لا يمثّل العتبة، مثل: «غرف الاستقبال، وغرف الطعام، والهولات، ومكاتب العمل»، وغيرها من الأماكن الداخلية المغلقة.

 

النصوص العربية المرقمنة

وقد شارك في هذه الحلقة د. سلطان المجيول مسلطًا الضوء على النصوص العربية المرقمنة ، وجاءت ورقته بعنوان (الموارد اللغوية والأدوات الجاهزة للنصوص العربية المرقمنة) تناول فيها أهم الموارد اللغوية الرقمية، وكيفية الاستفادة منها، وكيفية بناء مصدر لغوي رقمي جديد في حال عدم توفره في تلك الموارد، كما أشار إلى أهم أدوات المعالجة الجاهزة لتحليل المصادر اللغوية الرقمية، التي تُستخدم في المشاريع والأبحاث في العلوم الإنسانية والاجتماعية.، موضحًا الفروقات بين المصادر اللغوية من ناحية ما يُعدّ مدونة لغوية، وما يُعدّ بيانات لغوية، وما يُعدّ معلومات لغوية. فالمدونة اللغوية عبارة عن نص خامٍ لنصوص محولة إلى صيغ رقمية، والبيانات اللغوية عبارة عن مدونة لغوية تُجمع وتُهيكل بياناتها الوصفية واللغوية والإحصائية على صيغة جداول، أما المعلومات اللغوية فعبارة عن بيانات لغوية تُعالج بمراحل المعالجة الآلية من تنقيح وتقطيع وتوسيم إلخ، ثم تُدمج فيها خوارزميات المُعاملات الإحصائية للغة من أجل مزيد من التحقيقات المعلوماتية حول سلوكيات الكلمات والعبارات والنصوص. ومن بين أهم المدونات من حيث الحجم المكتبة الشاملة التي تتضمن أكثر من 8000 كتاب، وموقع أدب الذي يتضمن الشعر والسرد عبر العصور. أما البيانات فمن بين أهمها كتاب KITAB الذي يحتوي على النصوص العربية من عام 1هـ حتى عام 1444هـ،، أما المدونات التي صممت بأدوات لغوية معلوماتية فمنها المدونة العربية التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تحتوي على أكثر من مليار كلمة وتغطي الصحف العربية النسبة الأعلى من نصوص أوعيتها. واُختتمت هذه المشاركة بجملة من التوصيات من أجل ترقية الأبحاث والمشاريع في العلوم الإنسانية والاجتماعية، تتلخص في ضرورة التحول من التحليل المعتمد على العين واليد إلى التحليل المعتمد على المدونات اللغوية وأدوات المعالجة. وضرورة تفاعل الإنسان مع الآلة/الحاسب/ المنطق الآلي الرياضي، وتدامج كيفيات تفكير الإنسان النوعي مع خوارزميات تفكير الآلة الكمي.

 

النقد النسائي العربي القديم

وقد جاءت مشاركة الدكتور محمد منور بعنوان (الاتجاه العاطفي في النقد النسائي العربي القديم) حيث نظر فيها إلى مجهودات المرأة العربية النقدية وتحديدًا في الجانب العاطفي، عندما يكون للعاطفة حضورها الواضح والجلي في تشكيل المقولة النقدية لدى المرأة، وقد وقف على نماذج  لذلك الاتجاه النقدي لكل من الناقدات: سكينة بنت الحسين وعقيلة بنت عقيل بن أبي طالب وعزة صاحبة كثير وعائشة بنت طلحة وصنفها، ودرسها دراسة علمية تحليلية، للكشف عن العوامل المؤثرة في هذا المنحى النقدي للمرأة العربية. وقد نتج عن هذه الدراسة إظهار جملة من المقولات النقدية للمرأة العربية في أدبنا القديم، فقد تناولت الناقدة قديمًا الشعر بخصوصية نقدية في جانبيه المضموني والفني، ناتجة عن الرؤية الخاصة بالمرأة المتأثرة بعلاقتها بالرجل، والقائمة على البعد العاطفي القلبي، مؤكدًا على أن  الاتجاه العاطفي هو الاتجاه النقدي الأبرز حضورًا في نقد المرأة الذي تناول جل خطابها النقدي؛ لأنها حسب تعبير د. منور قد جعلت من شعر الرجل شغلها الشاغل نقدًيا، فهي لم تلتفت في نقدها لشعر المرأة بل إن شعر الرجل فيها (غزله) كان قد استوعب ذلك الخطاب النقدي النسائي، وعبر عنه تعبيرًا يوضح غايات المرأة الناقدة وأهدافها.، فشعر الغزل هو الفن الشعري الذي انصب عليه نقد المرأة دون سواه من الفنون الشعرية الأخرى؛ لما له من ارتباط بالعاطفة والقلب، ولما له من تجسيد لعلاقة الرجل الخاصة بالمرأة والذكر بالأنثى. مؤكدًا أن المقاييس النقدية التي تناولت من خلالها المرأة الناقدة شعر الرجل فيها (تغزله بها) كانت منطلقة من المقاييس النقدية الصادرة عن الذائقة العربية للغزل وفي إطار العادات والتقاليد العربية.

 

المسرح الذهني والشعر القديم

وشاركت د. زكية الحارثي بورقة عنوانها تقنيات المسرح الذهني في الموروث الشعري القديم) وقد بدأت ورقتها بحقيقة مفادها أن العرب قديمًا عرفوا المسرح الذهني بثيمته وسماته التشكلية، فقد تبين ذلك من استقراء النصوص وتحليلها، مصرحة أن الشعر العربي القديم تجاوز مساحته التقليدية، وتضمن فنونًا أخرى، شكلت فيما بعد أجناسًا مستقلة. فقد عمدت القصيدة العربية القديمة إلى القالب الحكائي السردي؛ كونه مثيرًا ذهنيًا، وعنصرًا فعالًا في توليد دهشة المتلقي، كما حرصت على توظيف الصراع الدرامي؛ للسيطرة على مشاعر القارئ وكأنه يعايش واقعًا حقيقيًا. فهناك اتصال وثيق بين شعرنا العربي القديم والفنون الدرامية كالمسرحية والقصة. فالكثير من نصوص الشعر العربي القديم قد تضمنت عناصر المسرحية من حيث الفكرة والحبكة والشخصيات والحدث والراوي، لتبقى خشبة المسرح والممثلين هي الفاصل المادي بينهما، مشيرة إلى أن المسرح الذهني ينهض على الفكرة المتنامية في ذهن القارئ، ولا يعتمد على الممثلين فوق خشبة المسرح وفي ذلك تشابه كبير مع بعض العناصر الفنية في القصيدة العربية القديمة؛ فالصراع معنوي غير مرئي، يدور بين إرادة الإنسان والزمان والمكان اللامحدود، مكونًا قضية فكرية، فالصراع هنا صراع أفكار لا صراع سيوف ورماح، وتبدو الشخصيات في المسرح الذهني أفكارًا مسؤولة عن فاعلية الصراع الذي يجري داخل الذهن، وهي أداة المؤلف في معالجة أفكاره وقضاياه؛ ليصل من خلالها إلى ذروة الصراع في البناء الدرامي. ومن ناحية المضامين والدلالات والمعالجات النفسية، تشير د. الحارثي إلى أن المسرحية الذهنية عالجت القضايا نفسها التي سبقت إليها القصيدة العربية قديما؛ كجدلية الزمن والذات، والصراع بين المتناقضات، والأسطورة والسرد الضمني.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA