احذر .. أجهزة الجوال تتجسس عليك !

الدكتور المقرن لرسالة الجامعة :

 

 

عام 2025م ستُفقد أكثر من 85 مليون وظيفة في العالم !

 

وظائف  إدخال البيانات والسكرتارية والمحاسبة سيتم إلغاؤها

 

البرامج الأكاديمية في مجال الحاسب تطورت بشكل مذهل

 

حوار / محمد العنزي 

 

تصوير / سارة الحمدان 

 

كنا قد تحدثنا في الجزء الأول عن الأمن السيبراني والهجمات السيبرانية والتطور التقني الذي يشهده العالم، واليوم نستكمل في جزئنا الثاني  مع د. أحمد بن سعد المقرن  أستاذ علوم الحاسب ورئيس كرسي الأمن السيبراني الحديث عن الذكاء الاصطناعي وأثره على الفرد .

 

* هناك من يقول إن أجهزة الجوال تتنصت على الأشخاص بحيث لو تحدث شخص مع آخر عن منتج معين تجد الجوال يظهر لك إعلانات عن هذا المنتج، ما صحة ذلك وإلامَ تعزوه؟

 

لا شك أن هناك أسبابًا منطقية لقول هذا الأمر، والسبب في ذلك يرجع إلى تقنية الذكاء الاصطناعي، ودوره في محاولة كسب التحدي، وإرضاء المستخدم. قبل عشرين عاما، كان النمط المستخدَم في الوصول إلى المعلومات هو البحث عنها، والذهاب إليها، وتصفحها، ورؤية ما إذا كانت مناسبة أم غير مناسبة. وهذا يسمى )pull(، وكانت أطروحتي في الدكتوراه، وأبحاثي ما بعدها في أمريكا، وفي المملكة -وبعضها مدعوم من منظمة العلوم الوطنية الأمريكية- كانت عن تسريع البيانات بطريقة ذكية وإرسال )push( المعلومة للمستخدِم قبل أن يطلبها، وكنا نعتقد أن هذا النمط سيكون هو الغالب في المستقبل. ما توقعناه أصبح حقيقة اليوم، وأصبحت المعلومة تصل للمستفيد عن طريق دراسة سلوكياته، وتفضيلاته، وهواياته، وتصفحه للإنترنت، والمواقع التي يحبها، والوقت الذي يقضيه فيها، ومدى سعادته واستمتاعه ورغبته في المزيد منها، حتى تطورت في وقتنا هذا، وأصبحتَ مجرد ما تتحدث عن شيء أو تفكر فيه تجده أمامك في شاشة الجوال عن طريق دعاية أو موقع أو فيديو أو نصيحة وهكذا.. فربما يعتقد المتصفح أن هناك جاسوسا يتصيده، ويتنصت عليه، ولكن في الحقيقة هذه هي حزمة البرامج والتفضيلات والصلاحيات التي اختارها المتصفح.  فإذا كان هذا الشيء يزعجك، فما عليك سوى منع السماح للبرامج من الوصول إلى المِصْدَح أو الميكروفون، وعدم السماح بتخزين ملفات الكوكيز، ومسح التصفح، وكلمات السر، وعدم السماح لطرف ثالث بتبادل معلوماتك، وتعطيل معرفة مكان الاتصال، وتخزين أماكن التنقل في الخرائط، بالإضافة إلى أمور أخرى لا يتسع المجال لذكرها. وهذه كلها توصيات بزيادة الخصوصية التي ستؤدي إلى منع البرامج والمنصات من تتبع سلوكياتك، وبيعها إلى أطراف أخرى، ومن المعروف أخي محمد أنه لا يوجد شيء بالمجان على مقولة: if the product is free, you should know you’re the product.

 

* نرى اليوم الذكاء الاصطناعي يدخل في كافة مناحي الحياة، وهناك تخوف من أن يحل مكان الإنسان مستقبلا، ما هو رأيكم؟

توجد مقولة مشهورة وهي work smarter, not harder وهي تلخص أن هذا التخوف غير مبرر. هذا التخوف تم تصوير أفلام سينمائية عالمية بسببه، ولعل من أشهرها دور الممثل العالمي ويل سيمث في فلم I, Robot الذي تحاول فيه الآلات الذكية الاستيلاء على الحياة والقضاء على البشرية، وهذا خوف غير مبرر على الإطلاق، فالذكاء الاصطناعي يعنى بتطوير وبناء الأنظمة ليُمكّنها من التعلم واتخاذ القرارات بشكل مستقل، وتنفيذ الإجراءات نيابة عن الإنسان، وفي مجال الأمن السيبراني يتطور الذكاء الاصطناعي بصورة هائلة دون التعرض إلى الأخطاء البشرية، وقد يستخدم من قبل مجموعات شريرة لأغراض خبيثة، ولكن هذا التطور يواكبه تطور مضاد في أساليب الدفاع، وتسخير التقنية للتصدي، والدفاع، وسد الثغرات.

 

كما أن تطور الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى خلق كثير من الفرص الوظيفية الذكية، فحسب الإحصاءات  هناك كثير من الوظائف التقليدية التي ستلغى، وتحل محلها وظائف تعتمد على التقنية، حيث تشير توقعات تقرير مستقبل العمل للعام 2020م الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه بحلول العام 2025م  ستُفقد في العالم 85 مليون وظيفة نتيجة الأتمتة، حيث ستستولي الآلات على عديد من الوظائف التي يقوم بها البشر حالياً.

 

في المقابل، من المتوقع أن تُستحدث في  الوقت نفسه 97 مليون وظيفة ذكية -حسب التقرير- تتمثل في وظائف تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وهندسة الروبوتات، بالإضافة إلى بعض الوظائف الجديدة في مجال أتمتة العمليات، وأمن المعلومات، وإنترنت الأشياء.

 

أما الوظائف التي ستُلغى-حسب التقرير- فستكون في مناصب إدخال البيانات، و السكرتارية، والإدارة، والمحاسبة، وأعمال كتابة الرواتب. فالمجال لا زال متاحًا لمن يعمل في هذه الوظائف لتطوير قدراته والتدريب، وذلك لتمكينه، وليكون لبنة وعنصرًا فاعلًا في بناء الوطن.

 

وعندما نتحدث عن هذا الأمر، يجب أن يُنسب الفضل لأهله، وأن نشكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد حفظه الله، الذي أدرك أهمية هذا الأمر، وأصدر كثيراً من القرارات، والتشريعات، والهيئات، والتنظيمات التي تهدف إلى مواكبة النمو والتقدم العالمي، وتعزيز مكانة المملكة، وتوفير الوظائف، ورفع رفاهية شعبها، والاهتمام بالعقول البشرية. ولعل من أحدثها ما أعلنه - حفظه الله- الأسبوع الماضي من إطلاق الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية التي تعد أحد ممكنات تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى بناء منظومة للملكية الفكرية تدعم الاقتصاد القائم على الابتكار والإبداع لدعم النمو الاقتصادي؛ لتصبح المملكة رائدةً في مجال الملكية الفكرية. وهذا سيشجع استثمارات المملكة في مدن ومشاريع المستقبل القائمة على الابتكار والإبداع مثل ذا لاين، ونيوم، بما تتمتع به من موقع جغرافي مميز، وبنية تحتية رقمية قوية، حيث سيلعب الذكاء الاصطناعي دورا بارزا فيه؛ لتكون أنموذجًا يُحتذى به للمدن الذكية الخضراء القائمة على ركيزة الإبداع والابتكار.

 

* مما لا شك فيه أن التقنية تلعب دورا مهما في المجتمعات ونهضتها، وأن التعليم هو أساس ذلك، كيف ترى مخرجات التعليم لدينا؟ وكم نسبة خريجي الحاسب في السعودية؟

لا شك أن التقنية لها دور بارز في علو المجتمعات، وتهدف رؤية 2030 بشكل واضح إلى إيجاد بيئة منافسة عالميًا، ويجب العمل على تحقيقها لإحداث نقلة نوعية على مستوى مخرجات الجامعات؛ لإنتاج موارد بشرية مؤهلة بمعارف ومهارات مميزة توافق سوق العمل، وتحدّ من البطالة، حيث تسعى رؤية 2030 إلى تجسير الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وذلك من خلال جودة مخرجات التعلم، وتوافق معارف الطلبة ومهاراتهم مع متطلبات الوظيفة، ومبادرة الجامعات في عقد شراكات مجتمعية مع قطاعات التوظيف الحكومية والخاصة، باعتبارهم مستشارين خارجيين للجامعة في تطوير الخطط الإستراتيجية، وبرامجها الأكاديمية، وضرورة التدريب الميداني للطلبة لإكسابهم مهارات اجتماعية وقياسها، وتشجيع الطلبة على الحصول على الشهادات الاحترافية.

 

وكما تعلم، تطورت البرامج الأكاديمية في مجال الحاسب بشكل مذهل في الآونة الأخيرة، وتم فتح أبواب الدراسة الحاسوبية بتخصصاتها المختلفة، وتدريب الجيل القادم داخليا وخارجيا، وتشجيع المنافسات والمسابقات الرقمية، وعقد الشراكات الدولية مع الشركات المؤثرة، وطلبها للعمل داخل السعودية، وذلك للتمكين، ونقل التقنية، واستيعاب خريجي الجامعات المؤهلين، ونقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في المجال الرقمي. كما أن اهتمام الجامعات بالملكية الفكرية يجب أن يكون ركيزة أساسية لحفظ الحقوق، وتطويرها إلى منتجات ذوات منفعة اقتصادية.

 

ولا أخفيك سرا، أخي محمد، أنه بفضل الله تمكنت من تطوير عدد من براءات الاختراع محليا وعالميا في مجال التشفير، والأمن السيبراني، ونسعى لتحويلها إلى منتجات ذوات قيمة اقتصادية، كما نعمل حالياً على عدد من براءات الاختراع الأخرى التي نتوقع أن نحصل عليها في القريب العاجل باذن الله.

 

هذا الاهتمام بالتطوير وصناعة المعرفة سيعجل من التحول الرقمي، وسيوفر فرصًا وظيفية منتجة للاقتصاد المحلي وفق توجه الدولة، ورؤية 2030.

 

* ختاماً وبحكم تخصصكم دكتور، ما هي أبرز النصائح التي توجهونها للمجتمع؟

الهجمات الإرهابية السيبرانية قد تستهدف البنية التحتية الرقمية، وتشلّ اقتصاد الوطن، وقد تهدف إلى التخريب، والتلاعب بقناعات الشعوب، ونشر الأخبار الزائفة fakenews، وباستخدام طرق معقدة مثل الdeepfake،  )وأعتقد أنه ستتخذ إجراءات صارمة لمواجهتها وتغيير توجهاتهم(، فلا بد من استمرار الجهود واتخاذ إجراءات قوية لحماية أمننا السيبراني. كما يجب التناغم مع الجهود الدولية للمحافظة على المكتسبات، وتطوير القدرات الوطنية المتخصصة لضمان تفوقنا والتصدي للتهديدات السيبرانية.

 

ولعل من أهم النصائح التي يجب على الجميع إدراكها  تجنب الإفصاح عن المعلومات الخاصة قبل التأكد من موثوقية المصدر، وتجنب تحميل وتشغيل برامج غير موثوقة قد يكون الهدف منها ابتزاز المال ransom أو إلحاق الضرر بالجهاز أو سرقة معلوماته.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA