77 ٪ من المهنيين عانوا من الاحتراق الوظيفي

الدكتورة رجاء لرسالة الجامعة

 

الأطباء  والممرضون والمدرسون هم الأكثر عرضة للاحتراق الوظيفي 

 

الاحتراق الوظيفي يبدأ بمرحلة الحماس وينتهي باللامبالاة 

 

الموظف المخلص أو الطموح قابل للاحتراق الوظيفي

 

أنصح المنظمات بتطوير اختيار الموظفين وتعيينهم ووضع حوافز عادلة 

 

 

حوار / محمد العنزي 

 

قد يكون كثير منا يحب عمله ويؤديه بشكل مثالي، وهذا لاشك أنه أمر جميل وإيجابي؛ لكن المبالغة في الحرص والانخراط في مشاكل العمل وضغوطه قد يقودك إلى الاحتراق الوظيفي، الذي سنتعرف عليه في حوارنا مع الدكتورة رجاء محمود الأستاذ المساعد في علم النفس المهني. 

 

 

 

*في البداية قد يكون كثير منا يجهل ما هو الاحتراق الوظيفي؟ ومتى ظهر ؟ 

 

 

 

تُعد ظاهرة الاحتراق النفسي بأعراضها المتكررة من المفاهيم الحديثة نسبياً في مجال الضغوط المرتبطة بالعمل، التي وُصفت بأنها المحصلة النهائية والنتيجة المنطقية التي تنجم عن تعرض العاملين لضغوط ومشكلات مستمرة ومزمنة في العمل.

 

 وأول من اهتم بموضوع الاحتراق النفسي  فرويد نبرج Freudenberger1974

 

 حيث أشار في مقالاته الأولية إلى ما تعرض له هو والآخرون من المراجعين لعيادته من الإنهاك العاطفي وفقدان الدافع والالتزام، ومن ثم جاءت الإسهامات الهامة لماسلاش  Maslach، التي كان لأبحاثها فضل في تطور دراسة الاحتراق النفسي وقياسه وتشخيصه عام 1976م.

 

 

 

*ماهي أعراض الاحتراق الوظيفي؟ وماهي علامات الخطر والآثار المترتبة على الاحتراق الوظيفي سواء الجسدية أم النفسية الاجتماعية والعملية ؟ 

 

يمكن القول بأن هناك أعراضًا ونتائج سلبية خطيرة تصيب العاملين تنجم عن الاحتراق الوظيفي، قد تصل بهم لحد الشعور بالعجز والإنهاك الجسدي والاستنزاف الانفعالي، إضافة إلى فقدان الحماس والطموح مما ينعكس سلباً على أدائهم وتوافقهم في أعمالهم. والتي حددتها ماسلاش بالإجهاد الانفعالي: وهو استنزاف طاقة الفرد الجسدية والنفسية، وتبلد المشاعر: وهو شعور عدم الاكتراث واختلال الحالة المزاجية، إضافة إلى انخفاض الإنجاز الشخصي: وهو الشعور بالإحباط والفشل، وتدني الإحساس بالكفاءة في العمل، واعتقاده بأنه مهما بذل من جهد لن تكون هناك نتائج فعالة، ولن يحقق المطلوب منه؛ وبالتالي يفقد حماسه وكفاءته، وتتراكم الواجبات لديه، ويزداد شعوره بالعجز.

 

 

 

* ماهي مراحل الاحتراق الوظيفي؟

 

 

 

 هناك عدد من المراحل التي يمر بها من يعاني من الاحتراق الوظيفي، تبدأ بمرحلة الحماس التي تتميز بطاقة عالية والتزام كبير في العمل، ومن ثم يلي هذه المرحلة نقص الطاقة، وهنا يبدأ التباطؤ بالظهور على الموظف وينخفض مستوى نشاطه ليصل إلى المرحلة الثالثة وهي الشعور بالإحباط، وظهور الأعراض الجسدية والنفسية المزمنة للاحتراق، وحينها يبدأ الفرد بالشعور بأنه غير قادر على الإيفاء بمتطلبات العمل، ليصل إلى مرحلة فقدان التحكم واللامبالاة في العمل.

 

 

 

 

 

* هل هناك إحصائية -محلية كانت أو عالمية- تبين نسبة من يعانون من الاحتراق الوظيفي، ومن الأكثر تأثرا بالاحتراق الوظيفي النساء أم الرجال ؟

 

 

 

تُظهر بعض الدراسات الاستقصائية أن 77% من المهنيين قد عانوا من الاحتراق النفسي، ولهذا أدرجت منظمة الصحة العالمية الاحتراق النفسي المهني ضمن قائمة التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض، وتم الاعتراف بهذه المتلازمة عالمياً في العام 2022م . لكن من المهم القول إنه لم يدرج مرضًا وإنما بوصفه حالة قد تؤدي إلى خطر ظهور اختلالات جسدية ونفسية.

 

 

 

وفيما يتعلق بالأكثر تأثراً الذكور أم الإناث، حقيقة لا توجد أدلة على أن الاحتراق الوظيفي يصيب الذكور أكثر من الإناث أو العكس، وإنما تكاد تتفق معظم الدراسات في هذا المجال حول العوامل التي تجعل بعض الموظفين أكثر عرضة من غيرهم للاحتراق الوظيفي، فهي غالباً ما تصيب العاملين في المهن ذوات الطابع الإنساني، كالعاملين في المهن المساعدة مثل مهن: الطب، والتمريض، والتدريس، والمختصين النفسيين والاجتماعيين، ورجال الشرطة، والمحامين، وغيرهم من العاملين في الخدمات الإنسانية والاجتماعية. كما اتفقت عديد من الدراسات على أن هناك أفرادًا أكثر قابلية من غيرهم لمعاناة أعراض الاحتراق النفسي الوظيفي؛ وفقاً لبعض خصائصهم الشخصية، فهم يتصفون بأنهم أكثر التزاماً وتفانياً في العمل، إضافة إلى أنهم يتميزون بالقلق والاكتئاب، وعدم الاستقرار الانفعالي، مما يجعلهم أكثر استهدافاً لمعاناة أعراض الاحتراق، ويظهر كذلك لدى الموظفين المخلصين، الذين يبدون اهتماماً زائداً بأعمالهم، ويتسمون بالمثالية والالتزام، كما أن أصحاب الطموح العالي، والذين لديهم مثل عليا في الأداء والنجاح هم أيضاً لهم نصيب كبير في التعرض للاحتراق الوظيفي.

 

 

 

* ماهي طرق الوقاية من الاحتراق الوظيفي وهل للمديرين والرؤساء دور فيما يحدث لموظفيهم من خلال إجهادهم بالأعمال وخلق صراعات داخلية... إلخ؟  وماذا تقولين لهم ؟

 

 

 

نظراً لخطورة هذه الظاهرة على العاملين وعلى المنظمات المهنية التي يعملون بها تزداد الحاجة إلى اتباع عدد من الإجراءات التي تهدف إلى مساعدة العاملين في المحافظة على صحتهم الجسدية والنفسية والمهنية، يكون ذلك من خلال استخدام عدد من الإستراتيجيات سواء على المستوى الشخصي أم التنظيمي. ويُقصد بالإستراتيجيات الشخصية تلك المهارات النفسية والمعرفية والسلوكية والاجتماعية التي يستخدمها الفرد للتخفيف من حدة الاحتراق الوظيفي، ومن أهمها: الاسترخاء بكل أنواعه، والحوار الذاتي الموجه والإيجابي، وطلب الدعم، وتطوير الشبكة الاجتماعية، إضافة إلى مهارات التواصل الاجتماعي.

 

أما فيما يتعلق بالإجراءات التي تتخذها المنظمات لمواجهة مسببات الاحتراق الوظيفي لدى العاملين عندها، فمن أهمها: تطوير برامج الاختيار والتعيين للمتقدمين للعمل، واستخدام نظم تدريب متطورة، والتشجيع على المشاركة في اتخاذ القرارات، ولا ننسى ما ينبغي أن يقدمه نظام الأجور من حوافز عادلة تساهم في رفع مستوى الدافعية لدى العاملين، والاهتمام بالإثراء الوظيفي والتقدم المهني، كل ذلك وغيرها من الإستراتيجيات والمهارات الشخصية يمكن لها أن تساعد الأفراد العاملين في مواجهة المواقف الضاغطة؛ بل يمكن أيضا أن تدعم قدرتهم وتزيد صلابتهم النفسية في تحمل الإحباط والضغوط والتعايش معها، ومن جهة أخرى يمكن أن تساهم في  تحويل الضغوط ومواقف الاحتراق إلى عوامل منشطة ومحفزة للعمل، تزيد من الطاقة الفكرية والانفعالية لأداء المتطلبات المختلفة.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA