يُعَدّ يوم التأسيس تخليداً لذكرى قيام الدولة السعودية الأولى منذ ثلاثة قرون مضت، حيث تأسست على يد أول أئمتها الإمام محمد بن سعود- طيب الله ثراه-، كما جاء تأسيس الدولة السعودية الثانية تحت حكم ثاني الأئمة السعوديين الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، إلى أن قيض الله الملك عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- لتأسيس الدولة السعودية الثالثة وتوحيدها تحت اسم «المملكة العربية السعودية»، فوضع حجر الأساس لبناء الدولة الحديثة وتطوير مؤسساتها ومقوماتها، وبذل هو وأبناؤه البررة من بعده الجهود في جمع شتات الأمة وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار؛ لذا يتوجب علينا في يومنا هذا الوقوف والتأمل فيما حققته المملكة من إنجازات تنموية وتطويرية في شتى المجالات التعليمية والبحثية والصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن والمواطن وتنميتهما؛ مما جعلها ولله الحمد في مصاف الدول العالمية المتقدمة. كما أن هذا اليوم مناسبة عطرة لا بد أن نعيش ونستشعر بكل فخرٍ واعتزاز ذكرى الجذور الراسخة لهذه الدولة التاريخية المباركة، معتبرين أن هذه الذكرى تُخلِّد اليوم الأول لقيام أول دولة قوية ومتكاملة في الجزيرة العربية بعد دولة الخلافة الراشدة، حيث فقدت الجزيرة العربية مقومات الدولة وأصبحت تحكمها قبائل وقرى متفرقة، وبعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار قيض الله لهذه الأرض المقدسة الإمام محمد بن سعود الذي أعاد لها أهميتها التاريخية، وربطها بمبادئ الدولة الإسلامية الأولى، فأقام الدولة وأسّس مبادئها وانضمت القبائل والقرى والبلدات تحت رايتها، وصمدت أمام جميع محاولات القضاء عليها.
إن عصر تأسيس الدولة السعودية شهد اهتماماً بالغا بالتعليم عمومًا و بالتعليم العالي على وجه الخصوص، وازدهرت الحركة العلمية و البحثية والثقافية، حيث أولى قادتنا وأئمتنا التعليم عناية خاصة لمحوريته في تأسيس الدولة بجميع مراحلها، وذلك بوصفه ركيزةً أساسيةً لتطوّر وتقدّم الدول. إن تلك النجاحات التي حققتها المملكة في كافة القطاعات تأتي من منطلق اهتمام قادتنا بأن بناء الإنسان له أولوية بما تمنحه الدولة من ممكّنات أتاحت للمواطن الحصول على التعليم النوعي المجاني، والتحفيز على مواصلة التعلّم في مسيرة ممتدة؛ للإسهام في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، كما بذلت الدولة جهودًا عظيمةً في تطور التعليم على مدى ثلاثة قرون بداية من الانتشار في المساجد والساحات والكتاتيب وصولاً إلى المدارس والجامعات الحديثة التي تضاعفت في السنوات العشر الأخيرة وكانت الجامعة إحدى أولى تلك الجامعات، كما بذلت الدولة جهودًا عظيمة في تجويد التعليم وتحسين نوعيته من خلال تطبيق المعايير العالمية في الدراسة والتقويم والتدريب، وصولاً إلى التميّز وتحقيق المنجزات حتى أصبح التعليم في المملكة نموذجًا عالميًا.
إن الاحتفاء بهذا اليوم ترسيخ لقيم الولاء والانتماء للوطن وقيادته في نفوس الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والباحثين وتعزيزها من خلال ما تتضمنه المناهج الدراسية من قيم وطنية ومناشط تعليمية و بحثية، إلى جانب تعظيم تاريخ المملكة وثقافتها بوصفهما إرثًا حضاريًّا ضمن نسيج وطني واحد يُفتخر بقادته من أئمة وملوك ساهموا في وحدة الوطن واستقراره.
في هذه المناسبة التاريخية أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات بخالص الوفاء والولاء لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -يحفظهم الله- والأسرة الحاكمة والشعب السعودي الأغر، فكل عام والدولة السعودية بخير وأمان وازدهار، كما أدعو الله أن يحفظ وطننا وأمننا واستقرارنا، موجهاً عظيم الامتنان إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على دعمهم وحرصهم على قطاع التعليم الذي يصب في نهضة المملكة وازدهارها وخدمة خططها التنموية وتلبية احتياجات المجتمع والمواطن.
أ.د. يزيد بن عبد الملك ال الشيخ
نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي
إضافة تعليق جديد