السرطان، السعودية الأقل عالميًا وعربيًا )1-2(

 

 

ينتشر السرطان بشكل مُتزايد حول العالم، ولطالما سمعنا أخبارًا من هنا وهناك عن اكتشاف علاج جديد له، وطريقة ناجعة للقضاء عليه، ومع هذا ما زال يغزو المجتمعات ويتفشى بكل عمق بين الأفراد، لا يفرق بين عمر ولا فئة، فيصيب الجميع، السرطان لم يعد داء العصر وحسب، بل الداء المُقلق للحكومات والمنظمات والهيئات والمجتمعات والأسر، تدور حوله كثير من التساؤلات هل هو فعلاً مرض؟ أم عمل مُدبَّر؟ أم نتيجة لسلوك العصر؟ أم أنه الحظُ السيئ؟

 

يعرف السرطان بأنه: نمو غير طبيعي للخلايا يعمل على تدمير الخلايا السليمة، فلا تؤدي وظائفها بكل بساطة. إلا أننا هنا سوف نتطرق لنسبة السرطان في الوطن العربي ومقارنته ببعض دول العالم، وماهي الأسباب التي قد تحدُّ من عدد حالاته.

 

غصنا في بحث علمي حديث نُشر في أكتوبر 2022م حول السرطان والأسباب التي جعلت المنطقة العربية الأقل على مستوى العالم؟ فقد ذكر الباحثون كثيرًا من الأسباب، منها ما هي مادية  مثل نوع الغذاء كالتوابل، والمنكهات الطبيعية، والرياضة، ومنها أسباب روحية ومعنوية، كالعبادات، ومنها ما هو مُثير، ويدعو للتأمل والتدبُّر.

 

وفي إحصائية صادرة عن المرصد العالمي للسرطان )IARC ( للعام 2020م، سُلِّط الضوء على أكثر الدول العربية نسبةً في الإصابة بالسرطان، وقد استحوذت مصر على المركز الأول حيث إن هناك 160 حالة سرطان لكل مئة ألف نسمة، ثم لبنان 157، ثم الأردن 155، فالمغرب 148، والجزائر والعراق 135، وتونس 133، فليبيا 132، ثم الكويت 116، فالبحرين 112، فقطر والإمارات 107، فعُمان 104، وكانت النسبة الأقل  بين الدول المدروسة في المملكة العربية السعودية، وجمهورية السودان )96 حالة(.

 

وفي السياق نفسه تعتبر اليمن من الدول التي تعاني من ظهور السرطان وتطوره، حيث بلغ عدد الحالات طبقاً لآخر إحصائية متوفرة لسنة 2017م  11360 حالة سرطان، ولكن هذا العدد أعتقد أنه غير دقيق لعدة أسباب، منها: عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية ودقيقة؛ نظراً للظروف الراهنة التي تمرّ بها البلد، بالإضافة إلى غياب الاتصال الصحي الفعال بين المحافظات، واضمحلال نشاط مراكز السرطان في اليمن التي اكتفت بقليل من الرسائل التوعوية البسيطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وفي المقارنة بين دول العالم الأكثر من حيث انتشار حالات السرطان،  بلغ عدد الحالات في أستراليا 452.5 حالة لكل مئة ألف نسمة، وبذلك تكون في صدارة الدول التي تعاني من ارتفاع عدد حالات السرطان عالميًا، ثم نيوزلندا )423(، ثم أيرلندا )373(، فأمريكا )362(، فالدنمارك )351(، فهولندا )350(،فبلجيكا )349(، فكندا )348(، ففرنسا )342(، فهنجاريا )338(، فبريطانيا )320(، فسويسرا )318(، فألمانيا )313(  طبقاً لإحصائيات الدراسة البحثية نفسها، مما يدلل على أن أعلى دولة عربية كانت مصر بعدد 160 حالة، وهي لا تمثل سوى 51% أي تقريباً نصف  عدد الحالات في ألمانيا التي تعتبر الأقل بين دول العالم الداخلة في الدراسة. 

 

وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن السرطان يتسبب بوفاة 10 ملايين سنوياً حول العالم، وتقريباً نصف مليون سنوياً في منطقة الشرق الأوسط فقط، وذلك بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية 2022م، ومن المتوقع أن يزيد العدد للضعف بحلول 2030م، وكان العدد في الفترة نفسها في قارة أفريقيا أعلى حيث وصل إلى سبعمائة ألف وفاة سنوياً، ومن المتوقع أن يرتفع العدد في جميع أنحاء العالم إلى أكثر من 60 % في الخمسة عشرة سنة المُقبلة، أي إلى أكثر من ستة عشر مليون وفاة سنوياً، وذلك بسبب التحولات الغذائية، والصراعات، والإشعاعات، والحروب، والمواد البيولوجية المُستحدثة، والمواد الكيميائية المُسرطنة، وضعف الرعاية الطبية، وخاصة في الدول مُتدنية الدخل والفقيرة على حدٍ سواء، خاصة دول إفريقيا، وبعض دول العالم الثالث، والشرق المتوسط. هذا العبء على البشرية، يُضاف على أعبائها المختلفة، كما أن المجتمعات الثرية ستعاني الكثير ايضا، فالنمط الغذائي وشرب الكحوليات والراحة المُفرطة، والعلاقات المتعددة، تعتبر من الأسباب الرئيسة لانتشار الأمراض عموماً.

 

فيصل بن أحمد الشميري

 

*باحث في كلية علوم الأغذية والزراعة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA