رسالة الجامعة ـ التحرير:
نظّم قسم الجغرافيا بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية -الفصل الماضي- رحلة علمية تطبيقية لطلاب مقرر «أشكال سطح الأرض» وعددهم 60 طالباً بإشراف الدكتور عبدالله بن ناصر الوليعي إلى خشم الحصان ونفود طريف الحبل وسبخة القصب.
استغرقت الرحلة يوماً كاملاً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة السادسة مساء. وأسهم دعم الجامعة والكلية والقسم في تسهيل أمور الرحلة وإكمالها على أكمل وجه.
صرّح بذلك لـ(رسالة الجامعة) الدكتور عبدالله بن ناصر الوليعي حيث قال: يدعم العمل الميداني منهج الجغرافيا من خلال تعزيز المعرفة والفهم الجغرافي في سدِّ الفجوة بين الفصل الدراسي والعالم الحقيقي؛ إذ يساعد على تعزيز فهم الطلاب للمصطلحات والعمليات الجغرافية الطبيعية والبشرية. إن القيام بالرحلات العلمية يساعد الطلاب في تطوير مجموعة واسعة من المهارات المختلفة مثل: مهارات الاستفسار، ومهارات الملاحظة، وجمع البيانات، وتحليل البيانات، وعمل الخرائط، ومهارات التحقق، وكتابة التقارير.
وأضاف: كما يوفر العمل الميداني بوابة القبول بالجامعات وفرصة للطلاب لتطوير تقديرهم لمجموعة واسعة من البيئات المختلفة، فتمكين الطلاب من زيارة البيئات التي يصعب زيارتها بسهولة يوفر وسيلة مهمة أيضاً لرؤية التأثيرات الطبيعية والبيئية الكبيرة للتغيرات البيئية في محيطهم.
ومع هذه الفوائد نجد أن بعض هذه القيود قد طغت على تنظيم الدراسات الحقلية، مما يحبط أولئك الذين ينشدون العمل الميداني في السنوات الأخيرة. لذلك من المهم أن يدرك جميع المشاركين في عملية تخطيط العمل الميداني تنوع الأدوار المختلفة التي يمكن أن يؤديها العمل الميداني، بالإضافة إلى قدرته على إلهام وتحفيز جيل المستقبل من الجغرافيين، فهي جزء لا يتجزأ من الجغرافيا.
وأشار الوليعي إلى أن المرحلة الأولى شملت زيارة خشم الحصان في جبال طويق، حيث اتجهت الرحلة نحو خشم الحصان في جبال طويق، وذلك لتطبيق ما درسه الطلاب عن الحافات وتشكلها في المملكة العربية السعودية. والخشم هو نتوء من مقدمة الحافة نتيجة للتعرية المائية وللتراجع المستمر للحافة وتسمى خشوماً.
وقد تحدث الشيخ عبدالله ابن خميس عن هذا الخشم تحديداً في كتابه )معجم اليمامة(، ومما ذكره عنه:
الحِصَان: - كواحد الأحصنة من الخيل - أبرز أنوف العارض وأطولها وأكثرها شهرة وأوسعها ذكراً، )خَشم الحِصان( يشاهد من بعد كأنه حصان صافن مقلد عنانه، ولهذا تناوله الشعراء بالذكر وخصوه بالوصف.
وذكر أيضاً: يقع خشم الحصان في مقابل رغبة من منطقة المحمل من الشرق، وفي ظهره وادي عبيثران، وجنوبه يقع خشم التراب، وفي شماله قرية الرويضة وما حولها. وينحدر من هذا الأنف وما حوله شعب كبير يسقي بلدة رَغَبَة.
وقد رأى الطلاب هذه الحافة رأي العين، وشرح لهم طريقة تكونها، ورأوا بديع صنع الله وقدرته في هذه التشكيلات من البيئة الطبيعية. وبحث الطلاب عن الحفريات الجوراسية في حضيض الجبل وعثروا على نماذج منها تشمل: الحلزونات، والقشريات، والسمك الإسفنجي وغير ذلك. وظهرت فائدة اعتدال وزن الجسم مقارنة بزيادته، حيث إن معتدلي الوزن من الطلاب كانوا أكثر حركة واستجابة للشرح وقرباً من الظاهرة على خلاف أصحاب الأوزان الثقيلة الذين أخذوا وعدا بالتخفيف من أوزانهم لما رأوه من الفوائد ولما لمسوه من عوائق في الحركة والعمل.
بعد ذلك انطلقت الرحلة نحو الهدف الثاني وهو زيارة السبخة والمملحة في القصب. وكانت زيارة مفيدة لمس الطلاب من خلالها حقيقة السباخ وشُرح لهم كيفية تشكلها ودور الأملاح في ذلك، وتلا ذلك جولة نافعة على مناطق المملحة وطريقة استخراج الملح منها، وتتبع الطلاب مراحل إعداد الملح والأجل الذي يحتاجونه لتشكل الملح، و استفسروا من العاملين عن ذلك. واتضح لهم أن الحوض الواحد يحتاج إعداده إلى ستة أشهر أو أكثر إذ يضاف إليه ماء كل مرة وبعد أن يتكون الملح يضاف ماء آخر بالسمك نفسه، وهكذا. وبعد مضي المدة السالفة تبدأ عملية استخراجه، وتصنيفه إلى ملح خشن يغسل في الموقع وينظف من الشوائب ويعبأ في أكياس تباع في المحالّ التجارية، وملح ناعم ينقل للمصنع ويعبأ في علب بعد أن يغسل وينظف من الشوائب.
والسبخة مصطلح عربي يطلق على المسطحات الملحية الساحلية والداخلية، وهي أرض منخفضة تنتهي إليها مياه الشعاب المحيطة، وتتكون نتيجة إرساب الغرين، والطمي، والرمل الطيني في منخفضات ضحلة قد تكون واسعة في بعض الأحيان، وغالباً تتشبع الإرسابات بالملح نظراً لانعدام تصريف المياه المتجمعة، وقد يكون لها قشرة ملحية.
بعد ذلك اتجهت الرحلة إلى نفود طريف الحبل نهاية عريق البلدان وكان الغرض هو تطبيق ما درسه الطلاب عن الرمال من حيث الشكل، والحجم، والحركة. وقد لمس الطلاب من خلال مشاهدة حقلية هذه الأمور.
فبعد نهاية نُفُود المَظْهُور يبدأ نُفُود الثُّوَيْرَات الذي يبلغ طوله 250 كم، منها 126 كم يمثل نُفُود عُرَيْق البُلْدَان نهاية نُفُود الثُّوَيْرَات. وعريق البلدان يطلق على الجزء الجنوبي من نُفُود الثُّوَيْرَات ابتداءً من دَرْب أبَا الصَّلابِيْخ المزفت الذي يربط بين حَمَادَة الغَاط وأم حَزْم عند درجة عرض 50 َ 25 درجة شمالاً. وعرض نُفُود الثُّوَيْرَات يتناقص باطراد نحو الجنوب.
وفي الرمال شرح الدكتور الوليعي وطالب الدكتوراه بالقسم يوسف سالم عواقب تدمير النباتات الطبيعية ودهسها، وخطورة التطعيس في تحريك الطبقة السطحية التي تنتقل من مكان إلى آخر، حيث إن أدنى هبة -الآن- تستطيع إحداث عاصفة رملية. ثم قام الطلاب بالتعرف على بقايا بعض النباتات الطبيعية التي تنمو في الرمال، واقتنعوا -فعلاً- بأن الأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود لمنع التعدي على النباتات والحفاظ عليها لتفادي المشكلات البيئية التي تنجم من إزالتها أو إضعافها.
إضافة تعليق جديد