الزلزال وخطر الطبيعة

 

 

لا يخفى على القارئ الكريم مايمر به عالم اليوم من تحديات كبيرة، ولعل من أكبر هذه التحديات مخاطر الطبيعة ومفاجآتها المؤلمة، مثلما حدث بالأيام الماضية في سوريا وتركيا.

فقد ضربت مناطق شاسعة من هذين البلدين زلازل عنيفة، أحالت المدن إلى أنقاض، ووقع تحتها آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، ودفعت ملايين البشر إلى العراء في برد الشتاء.

إن السرعة التي حصل بها هذا الدمار لتجعل الإنسان يقف عاجزاً أمام جبروت الطبيعة، ومدركاً لضعف إمكاناته أمام نوبات غضبها المفاجئة؛ رغم كل ماوصلت إليه الحضارة الإنسانية المعاصرة من تقدم كبير في شتى المجالات التي إن كانت قدمت أنظمة سابقة للوقاية من أمثال هذه الزلزال مثل الأبنية المقاومة للزلازل وأنظمة الإنذار والطوارئ فإنها لم تفلح عند الحاجة، فكانت الخسارة المؤلمة. وهنا أذكّر القارئ الكريم بكارثة انفجار المفاعل النووي في اليابان، التي نتجت أيضاً عن زلزال قوي، حيث لم يمنع حصولَ الكارثة ماعُرف به اليابانيون من فطنة وحرص.

إن مثل هذه الكوارث التي هي فوق إرادة الإنسان العاجز لتحتم على الجميع الوقوف سوياً لمساعدة المكلوم وإغاثة اللهفان؛ بغض النظر عن لونه ودينه ولغته أو أية فروق أخرى، فمابالنا والمصاب شقيق وقريب! فماذا يكون الموقف إذن؟

لقد اتخذت حكومتنا الرشيدة موقفاً موفّقاً يشعر الجميع بالفخر والرضا حينما أرسلت على وجه السرعة وبعد سويعات قليلة من حدوث الكارثة سلسلة من الطائرات الكبيرة المحملة بمواد الإغاثة والإعاشة للمناطق المنكوبة في البلدين الشقيقين وفرق الطوارئ وخبراء الإنقاذ الذين باشروا العمل سريعاً في إنقاذ العالقين ومعالجة المصابين، تلا ذلك التوجيهات السامية الكريمة بعقد الحملة الشعبية لجمع التبرعات، التي أسفرت عن مسارعة المجتمع للمساهمة في جهود الإنقاذ تقديراً منه لخطورة هذه التحديات الطبيعية، وصعوبة الحياة للإنسان بعدها، مع حاجته الماسة ليد العون الحانية التي تقيل عثرته وتقيم كبوته.

إن المرء بعد الانتباه من صدمة حجم الكارثة ليطيل النظر والتأمل في خطورة الطبيعة وأهمية مراعاتها، فربما لا نملك إيقاف الزلزال، ولكن الفرصة مازالت متاحة لإنقاذ البيئة من التلوث والتصحر وغيرها من المشكلات البيئية التي قد يفضي إهمالها لنتائج وخيمة.

عبدالله عبدالمحسن العبدالكريم

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA