رسالة الجامعة ـ التحرير:
أجرت الباحثة نورة العصيمي دراسة حديثة عن تحديد العلاقة بين متغيرين هما: دور الجامعة، ودور الإنفاق على نوعية البحث العلمي في جامعة الملك سعود.
اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، بالتتبع والتحليل وتحديد دور الجامعة في البحث العلمي ودور الإنفاق والتمويل باعتبارها من العوامل المؤثرة في نوعية إنتاج البحوث العلمية. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها أن للجامعة دورا أساسيا في إنجاح البحث العلمي في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية وتطبيقاتها العلمية والتكنولوجية. وأن ارتفاع جودة التعليم العالي وجودة الأبحاث يعتمد بالدرجة الأولى على نجاح الخطط التعليمية والبحثية للدول وكفاية التمويل الذي تحصل عليه المؤسسات التعليمية. اقتصار تمويل البحث العلمي للجامعات في الدول العربية على الدعم الحكومي وانعدام دعم القطاع الخاص كان له تأثير سلبي واضح على نجاح هذه البحوث. كما أن إغفال لائحة الدراسات العليا الخاصة بالبحث العلمي أهم جانب من جوانب البحث -فهي لم تفصل بين أنواع الأبحاث واحتياجاتها المعملية والمرجعية- كان له أثر سلبي واضح على هذه الدراسات. وأوصت الدراسة بتفعيل دور الجامعة في البحث العلمي من خلال الدعم المادي والمعنوي لمراكز الأبحاث داخل الجامعات، وإيجاد رابط بين مراكز الأبحاث والدراسات العليا من خلال وضع خطط وإستراتيجيات لدعم البحث العلمي، والتركيز على المشاريع الشاملة للبحث العلمي التي تلبي حاجات المجتمع بإيجاد فرق عمل متفرغة للبحث العلمي، والبحث عن إستراتيجيات تكفل للبحث العلمي القدرات والموارد المتوفرة في كل دولة.
إن مواجهة تحديات القرن القادم يحتاج إلى استيعاب جميع آلياته؛ لمواجهة التغير المطلوب، وبما أن الاستثمار في البحث العلمي هو في حقيقته استثمار في نشاط ذهني، يستهدف ارتياد آفاق معرفية جديدة بالبناء على آخر ما توصلت إليه المعرفة الإنسانية، فالمردود المباشر لمخرجات الاستثمار في البحث العلمي هو ازدهار المعرفة، وترقية الحياة الاجتماعية بتخفيض تكلفة المعيشة، وتحسين الخدمات، مثل: الصحة، والتعليم، والاتصالات، والترفيه وغيرها من الخدمات.
ونظراً لأهمية البحث العلمي في تقدم الأمم، ولما يتطلبه من تكاليف مرتفعة ومهارات عليا؛ نصت سياسة التعليم في المملكة على أن الطاقة البشرية هي المنطلق في استثمار سائر الطاقات، وأن العناية بهذه الطاقة عن طريق التربية والتعليم والتثقيف هي أساس التنمية العامة، وبالتالي تراعي الدولة زيادة نسبة ميزانية التعليم لتواجه حاجة البلاد التعليمية المتزايدة، وتنمو هذه النسبة مع نمو الميزانية العامة. وقد انعكست زيادة حدة المنافسة بين الدول في إيلاء الاستثمار في البحث العلمي اهتماما متزايدا، حتى أضحت ميزانيات وحدات البحث والتطوير -في يومنا هذا- مفتوحة؛ بهدف توفير كافة الموارد اللازمة. كما يعلل في الوقت ذاته ازدهار مؤسسات التمويل -خصوصاً في الدول المتقدمة- التي تعنى بهذا النوع من الاستثمار فكل التغيرات التي مرت بها مراحل تطور البشرية كانت نتيجة الإنجازات العلمية المعرفية للعلماء والباحثين والاختصاصيين وهؤلاء صفوة أجيال من المتعلمين.
لقد عُرِف البحث العلمي على أنه عرض مفصل أو دراسة متعمقة تمثّل كشفاً لحقيقة جديدة أو التأكيد على حقيقة قديمة سبق بحثها أو إضافة شيء جديد لها، أو حل لمشكلة تعهّد باحث بتقصّيها، لذا فالبحث العلمي له دور كبير في تصحيح بعض المعلومات عن الكون، والظواهر التي نحياها، وعن الأماكن الهامة، والشخصيات وغيرها، ويفيد في التغلب على الصعوبات التي قد نواجهها سواء أكانت سياسية أم بيئية أم اقتصادية أم اجتماعية وغيرها. كما يُسهم في تلبية احتياجات المجتمع بجميع فئاته؛ لكن عندما يعيش البحث في حالة من الغيبوبة والمعوقات والأزمات، التي تحول دون رقي البحث لمستوى الأبحاث في العصور السابقة كبيت الحكمة حيث اتصل بالمراصد والمعامل، أو مستوى الأبحاث الحالي في الدول المتقدمة. هذا التأخر يجعل البحث العلمي عاجزا عن مواكبة احتياجات المجتمع ومتطلباته، وتَضّعف كفاءته ونتائجه ويكون غير قادر على وضع حلول لمشكلات الواقع. وعلى اعتبار أن الهدف الرئيس للبحث العلمي هو التنمية، تعد جامعة الملك سعود مساهم رئيس في التنمية؛ لعراقتها وثقلها على مستوى الشرق الأوسط، وبالتالي يؤمل أن تكون الحاضنة سليمة لإجراء البحوث العلمية متى ما توفرت لها الكفاءات البشرية والتجهيزات والمكتبات المتخصصة واعتبارها مركز معلومات يقدم المناخ المتميز للبحث العلمي.
إضافة تعليق جديد