الجودة وأبو فاس ( 2 - 2 )

وجود «أبو فاس» بأي مصلحة أو إدارة أمر مفروغ منه وشيء حاصل، لكن تختلف النسبة من مرفق إلى آخر، ويجب على المسؤول عنه تجحيمه بلياقة، وإشغاله بعمل مُضْن، بعيدا عن البيئة الداخلية لبقية الموظفين، ويجب تجنب المواجهة معه، وعدم محاولة تغييره، والبحث عن نقاط ضعفه، وقبل أن تتحدث معه، قم بالثناء والإطراء عليه، ثم اطرح بعض الأفكار ولا تطلب منه سرعة القرار، إلا بعد مُدة لعله يستفيق، ولكنه يحتاج إلى فترة طويلة حتى يصبح سويّا وفعّالا ومنسجما ومتقبلّا للآخر.

وفي الوقت الراهن أضحت الأخلاقيات والجودة من أهم المعايير لدى المؤسسات والشركات والجامعات والمدارس والمصانع والإدارات وكل المرافق، ويقصد بها استمرار العمل بوتيرة مُتزنة متناسقة متكاملة مستدامة دون توقف، وتخدم المؤسسة والمجتمع.

بمعنى آخر، فإنها سهولة قيام أي شخص آخر بعمل وظيفة ما، داخل أي مؤسسة، مهما كان موقع هذه الوظيفة، حيث إن الوظائف يجب توصيفها بدقة متناهية، مع طرق إجرائها وأدائها، زمنيا ومكانيا وفعليا، بحيث لو تم ترقية فرد ما، أو استقال أو ذهب دُون رجعة، وُجِدَ البديل، وما على هذا البديل سوى قراءة المُسودة ودليل الوظيفة في الموارد البشرية، وما هي حيثياتها؟ على أن يمتلك الفرد الأوليات العلمية والبدنية والعقلية، أما الخبرة فتُكتَسَب خلال فترة التجربة، لينتج في الأخير مُنتج أو خدمة تُلبي احتياجات العملاء ضمن مُواصفات ومعايير عالمية مُدونة طبقا لنوع النشاط وتخصصه، وهِي إقْرار باستيفاء المنتج النهائي لكافة معايير الجودة.

وقد أصبحت كل الكيانات اليوم تتنافس للحصول على الجودة؛ لِأَنَّهَا دَليلٌ عَلَى الْكَفَاءةِ وحسن المنتج والإبداع وتَصُبُّ جَمِيعُهَا فِي قالب التَّجْوِيدِ والاستدامة..!

إذن لماذا عُملت فترة التجربة، التي لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد على سنة في الغالب؟ إنما كان ذلك لهدف معرفة مدى إلمام الفرد بتلك الوظيفة للقيام بها، وبكل واجباتها، وسلامة ما ينتجه، هنا فقط تكمن الجودة، وهي مُتعددة المعايير: جودة الإدارة، وجودة العاملين، وجودة المنتج، وجودة خدمة العملاء...إلخ.

إننا أمام مُتطلبات توجب على كل الكيانات -في أي مكان- توصيف الوظيفة أيا كان موقعها من أعلى الهرم حتى قاعدته، توصيف المنتج، وتوصيف العمليات، وتوصيف الخدمة، وضمان استدامتها...إلخ.

ومن هذا المنطلق وحرصا على ذلك، يجب تفعيل النُظم الإلكترونية لجميع المعاملات، للابتعاد قدر الإمكان عن «أبو فاس»، وتسهيل مرور المعاملات بيسر وسهولة، وسرعة الإنجاز، مع توصيف كل المتطلبات بوضوح لكل معاملة، ولكل عملية، ومع كل منتج، أيا كان نوعه. ووضع الفرد المناسب في المكان المناسب، وتفعيل مبدأ المشاركة والعمل الجماعي، وإعطاء كل ذي حقٍ حقّه، ويجب احترام التخصصات والكفاءات، وتفعيل مبدأ التقييم والرقابة بشكل مُطلق مع كل عملية، ولكل منتج وبكل شفافية، وأخيرا، فإن ادعاء الغباء من الذكاء، والابتعاد عن النرجسيين سلامة للبال وحسن للحال.

فيصل بن أحمد الشميري

طالب دكتوراه

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA