في 21 رمضان من عام 1431هـ )31 أغسطس 2010م( صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 324 بالموافقة على تغيير جهد توزيع الكهرباء للأغراض السكنية والتجارية في المناطق الجديدة والمشتركين الجدد في المناطق القائمة من الجهد الثنائي )127 و 220 فولت( إلى الجهد الموحَّد )230 فولت(، وبالطبع فإن هذا التغيير كان لا بد له من فترة انتقالية ليتم خلالها التخلص من المعدات والأجهزة التي تعمل على الجهدين 127 و 220 فولت؛ حتى يمكن في نهاية المطاف من تطبيق الجهد الموحَّد أسوة بدول العالم التي تسعى قاطبة إلى تبنيه وتطبيقه وتوحيد مواصفاته، ولهذا رؤي أنه من الأهمية بمكان استجلاء وإيضاح بعض الحقائق عن هذا الموضوع )التغيير( ومعرفة بعض الخفايا والملابسات التي ربما تخفى على البعض بشكل مبسط بعيدا عن التشعبات الفنية والتعقيدات العلمية؛ نظرا لما له من الأهمية وبُعد الأثر في حياتنا ومعاشنا أمنيّا واقتصاديّا وفنيّا.
إن استخدام جهدين كهربائيين )127 و 220 فولت( جنبا إلى جنب في المباني السكنية خلال عقود سالفة كان سببا رئيسا لحدوث مخاطر الصعق ونشوب الحرائق والخسائر التي يتعرض لها السكان في الأرواح واحتراق الممتلكات وتلف المعدات وذلك عند الخلط بين الجهدين عند استخدامهما، هذا بالإضافة إلى التكاليف الاقتصادية المضاعفة عند عمل التمديدات الكهربائية للجهدين إذْ يتطلبان كثيرا من التركيبات الخاصة بكل منهما على حدة، كما أن الجهد 127 فولت )غير القياسي( المستخدم في المملكة جعلها تبدو وحيدة ومنعزلة ومنفردة بين دول العالم عامة وبين دول المنطقة العربية والخليج العربي خاصة في استخدام هذين الجهدين الكهربائيين مما يكون له أثر سلبي على تبادل الأجهزة الكهربائية وتسويقها ورواجها واستخداماتها بين هذه الدول، كما كان ازدواج الجهد لدينا مدعاة إلى تفاقم المشاكل وتكاثر شكاوى المستهلكين والمستوردين للأجهزة الكهربائية على حد سواء بسبب تباين الجهود الكهربائية المصممة عليها تلك الأجهزة عن الجهود الكهربائية المستخدمة في المملكة، وها نحن الآن نشهد كيف نمت تلك النواة التي زُرعت تمهيدا للشروع في التغيير الشامل نحو تبني الجهد الموحد )230 فولت( لاستكمال تطبيقه والقضاء تماما على مخلفات الجهد المزدوج. وكان من البدهي أن هذا التغيير والتحول للجهد الكهربائي المفرد لا يتحقق بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى فترة زمنية انتقالية كافية حتى يمكن في نهاية المطاف من تبنى الجهد القياسي الدولي الموحد 230 فولت أسوة بدول العالم الأخرى وأن نسير مع ركبها جنبا إلى جنب دونما تخلف أو ضياع، وكلما كان تسريع هذه الفترة الانتقالية حثيثا كانت الخسائر المترتبة على استمراره أخف مئونة وأقل حجما.
ومن جملة المزايا التي ستكون للمشتركين على اختلاف فئاتهم وقطاعاتهم: التوفير في عملية التمديدات والتركيبات الكهربائية، وإمكانية تفادي أخطار التوصيل الخاطئ بين المقابس للأجهزة الكهربائية نتيجة لوجود جهدين معا جنبا إلى جنب، كذلك تحسين كفاءة الأجهزة وزيادة عمرها الافتراضي حيث إنها سوف تعمل على الجهد المقنن لها، كذلك التوفير في أسلاك وكابلات التمديدات ومساحة مقاطعها وتقليل عدد المقابس وتوحيد أنواعها، ومن جانب آخر سيكون هناك توافق في المواصفات القياسية للأجهزة مع المواصفات القياسية العالمية، ومن ثَمّ ستكون هناك سهولة في استيراد معدات الإنتاج اللازمة للمصانع المتوافقة مع المواصفات القياسية الدولية مما يؤدي إلى مرونة وسهولة في تصدير منتجات مصانع الأجهزة والمعدات الكهربائية إلى الخارج؛ نظرا للتماثل والتطابق مع النظم العالمية في الجهود الكهربائية، ومن ثَمّ الاستفادة من انتقال التقنية وتبادلها بأقل التكلفة المادية والمعوقات الإجرائية.
وأخيرا، فإن موضوع توحيد الجهد في المناطق السكنية كان متطلبا يهم جميع القطاعات الاستهلاكية )سكني، تجاري، صناعي، حكومي، مرافق عامة(، ولذلك فإن كل الأطراف المعنية مدعوة للعمل الجاد والسعي الحثيث نحو تطبيقه والالتزام به، حيث لم تعد تلك المشاكل والمخاطر الناجمة عن ثنائية الجهد أمام المشترك، بل يكفيه أن يلتزم بالتمديدات للجهد الموحَّد 230 فولت فقط وأن تكون المقابس )الأفياش المثبتة في الجدار( والقابسات )الأفياش المثبتة في سلك الجهاز( من نوع واحد للعمل على هذا الجهد فقط، حيث روعي ذلك في المتطلبات الكهربائية لكود البناء السعودي، ويمكن الرجوع إليها والعمل بها، وهذا بلا شك سيوفر على المشتركين )مستهلكي الطاقة الكهربائية( ما يعادل نصف التكاليف تقريبا مقارنة بالجهد الثنائي السابق، هذا مع ضمان السلامة والأمان بمشيئة الله عند تشغيل الأجهزة والمعدات الكهربائية وبخاصة ذات السحب العالي للتيار الكهربائي نظرا لقدراتها الكبيرة مثل: المدافئ والمكيفات والسخانات والكاويات والغلايات والأفران والغسالات.
الدكتور/ عبد الله محمد الشعلان- كلية الهندسة
إضافة تعليق جديد