في الآونة الأخيرة، انتعش المشهد الرياضي السعودي، وأصبحت كرة القدم السعودية -على وجه التحديد- حديث العالم ووسائل الإعلام العالمية. حيث اتضحت ملامحه بعد الانتصار الذي حققه المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين في كأس العالم 2022م، وما قدمته الأندية السعودية في مشاركاتها الآسيوية والعالمية، نتيجة الدعم الكبير الذي توليه حكومتنا -رعاها الله- لقطاع الرياضة، وما وفرته من مناخ جيد لاستقطاب أفضل نجوم العالم.
هذا التطور الهائل في الرياضة السعودية لم يواكبه تطورًا في الإعلام الرياضي السعودي، بل إن بعض رجالات الإعلام الرياضي اتّخذ اتجاهًا معاكسًا لهذا التطور، وتناسى دوره بوصفه إعلاميا في إيصال الرسائل الإعلامية التي تشجع على نبذ الانحرافات الرياضية التي يُعد التعصب أحد أشكالها الأشد انتشارًا.
التعصب الرياضي ظاهرة واضحة وملموسة وواسعة الانتشار، وهي من التحديات التي يجب مواجهتها كي لا تقف عائقًا في وجه التطور، وتقوم وسائل الإعلام بدور أساسي في تشكيل اتجاهات ومفاهيم الجماهير، كما أن دورها في استثارة اتجاهات التعصب الرياضي فاق دورها في الحد منه في دراسة أُجرِيت على )462( من الطلاب الجامعيين في مدينة الرياض في عام )2018(.
لا يخفى على أحد أن المحرك الرئيس للمتعصبين هم بعض الإعلاميين في الوسط الرياضي ،حيث اتخذ البعض منصاتهم متاجرة بالتعصب الرياضي، كما جاء في برنامج «كورة» المختص بمتابعة الرياضة و تحديدًا كُرة القدم، فقد صرّح الإعلامي ماجد التويجري ناقلًا عن أحد زملائه المحامين أن هناك إعلاميًا استغل التعصب الرياضي بطريقه تدر له )250.000-300.000(ريال شهريًا، و ذلك من خلال التغريد بتغريدة مسيئة تجاه أحد الفرق، فتنهل عليه الشتائم التي يتكسب منها بعد رفع القضايا على هؤلاء المتعصبين، وأضاف التويجري «أن هؤلاء المتعصبين نقطة سوداء ولا نتشرف بهم بيننا «.
إن كل ما نراه يحدث في الوسط الإعلامي الرياضي من تعصب وتهجم في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي تأثيرها يصل إلى مرحلة الجنون.
فالجهل بالمعنى العميق للمنافسة والروح الرياضية، وغياب وسائل الإعلام للتعريف عن هذه القيم والكشف عن هذا الجهل من خلال تقديم محتوى يُعزز من القيم المتمثلة في التسامح والتعاون والاستسلام للنتيجة كون أن الخسارة ليست نهاية العالم. سيحد من انتشار التعصب وسينتج لنا جمهور واع لا تهزه الإثارة من بعض الإعلاميين وما يقدمونه من تأجيج وتضخيم إعلامي.
أشار الكاتب نصير أحميده في مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية عن القيم الجمالية في الرياضة والواقع حيث قال: «الرياضة فرصة للتنفيس الانفعالي بصورة مقبولة، وفرصة للتعارف بين الأفراد، لكن نرى حاليا العكس أصبح الميدان حلبة مصارعة يتبارى فيها فريقين متعصبين من أجل الفوز، وينتج عنها العديد من الكوارث التي من الممكن أن تصل إلى حد وفاة أحد المشجعين».
ما يحدث في الوسط الإعلامي الرياضي من تجاوزات لم يمر مرور الكرام بحرص قادتنا -رعاهم الله- وبقرار مجلس الوزراء رقم )95(، بتاريخ 05/02/142هـ ، قامت المملكة باتخاذ إجراءات وعقوبات للحد من التعصب الرياضي والحد من الإساءات في وسائل الإعلام المحلي بأنواعه، ووزع القرار على الجهات الحكومية والخاصة؛ للتأكيد على منسوبيها بتجنب كل ما يؤدي لإثارة التعصب الرياضي بأي وجه كان؛ ليستمر المشهد الرياضي السعودي متصدراً القمم بوعي إعلامه وجماهيره .
إعداد:
(أثير االقرني ، مشاعل ال قريش، لمى القحطاني ،رند الحبيب )
إضافة تعليق جديد