لماذا نبحث إحصائياً ؟

 

 

في نبضة سابقة طرحنا قضية «لماذا نبحث منهجياً؟»، وفي هذه النبضة سوف نتناول البحث من الزاوية الإحصائية )القياس(. عندما نحدد الهدف من البحث فإننا نكون قد حددنا مسألة البحث تحديداً أولياً، أو بمعنى آخر حددنا المتغير التابع بصورة أولية.

 

بعد الوصول إلى تحديد دقيق لمسألة البحث في نهاية البحث في الأدبيات )المعرفة، الدراسات السابقة، النظرية(، فإننا قد حددنا المتغير أو مجموعة المتغيرات التي لعبت دوراً في تحديد مسألة البحث. بعد ذلك التحديد يأتي دور القياس الإحصائي، ويتمثل القياس الإحصائي في مكونات أربع رئيسة هي )فقط في البحث التطبيقي(:

 

-       الاختلاف.

 

-       الارتباط.

 

-       كشف الغموض.

 

-       التأثير.

 

-       الاستقلالية.

 

1-   الاختلاف: يمثل الاختلاف إبراز إلى أي مدى تختلف مجموعات مجتمع الدراسة المستهدف بالبحث. وقد يكون ذلك الاختلاف بين الأفراد أو المجموعات أو المجتمعات. ويقف هذا القياس الإحصائي عند مسلمة واحدة، تتمثل في أن ذلك الاختلاف معنوي أو غير معنوي، فالاختلاف لا يبرز قوة علاقة أو تأثير.

 

2-   الارتباط: يمثل الارتباط درجة قوية في القياس الإحصائي، فهو يعمد إلى توضيح كيف يرتبط تغير قيم المتغير المستقل بالتغير في قيم المتغير التابع. وتمثل العلاقة الارتباطية قوة في التنبؤ بحال قيمة المتغير التابع إذا عرفنا قيمة المتغير المستقل. على الرغم من أهمية قياس الارتباط فإن الواقع يختلف، وذلك راجع إلى أنه من النادر أن نعزو التغير في قيم المتغير التابع  فقط للتغير في قيم المتغير المستقل؛ لذا فإن هذا القياس غير كافٍ من الزاوية الإحصائية.

 

3-   كشف الغموض: نظراً لأن قياس الارتباط قد لا يكون كافياً لكشف الغموض عن المتغير التابع، لذا يتم اللجوء إلى قياسات أكثر تنوعاً كقياس الانحدار، حيث يتم التعامل مع عدد من المتغيرات المستقلة بوصفها حزمة واحدة لكشف الغموض عن المتغير التابع. هذا القياس يحدد وبشكل دقيق مساهمة كل متغير في نسبة كشف الغموض، وكلما ارتفعت تلك النسبة فإن الباحث يتمكن من تحديد جيد للمتغيرات التي تلعب دوراً رئيساً في ذلك. كما يعمد قياس الانحدار إلى استبعاد أي متغير تم اختياره وليس له تأثير يذكر، وهذا يعني أنه كلما ارتفعت نسبة كشف الغموض فإن الباحث أبلى بلاءً جيداً في الأدبيات، والعكس صحيح أيضاً.

 

4-   التأثير: ويمثل ذلك القياس التجريبي، وهو أقوى القياسات الإحصائية، حيث إن هذا القياس يتطلب التحكم في أي متغير قد يكون ذا تأثير على المتغير التابع. ويسمح فقط في تحديد دور مؤثر خارجي على مجتمع دراسة ما. علماً أن هذا المقياس لا يتطلب متغيراً مستقلاً أو تابعاً، وإنما ينتج متغيراً جديداً هو الفروق بين القياسين )القياس القبلي والقياس البعدي(، ومن خلال ذلك المتغير الجديد يحدد الباحث ما إذا كان للمؤثر تأثير أم لا.

 

5-   الاستقلالية: وهو مقياس يكثر استخدامه في القياسات الإحصائية ويعرف بقياس «مرع كاي»، وهذا القياس -على الرغم من شيوع استخدامه- لا يبرز إلا حقيقة واحدة تتمثل في مدى استقلالية متغيرين عن بعضهما، حيث ينعدم تحديد المتغير سواء كان مستقلا أم تابعاً. فهذا القياس يجيب عن تساؤل بسيط: هل المتغيران يعرفان بعضهما البعض، كأن نقول إن متغير الجنس معتمد مع متغير مستوى العنف، أي أن العنف المنخفض يتفق مع الإناث، والعنف العالي مرتبط بالذكور، ونقف عند ذلك التحديد.

 

إن معرفتنا لماذا نبحث منهجياً مرتبطة بكيف نقيس إحصائياً، وعند تحققهما نجزم بأن البحث سوف يسهم بإضافة علمية جديدة.

 

أ.د.سعود بن ضحيان عبدالعزيز الضحيان

 

 

أستاذ المناهج والقياس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA