الجمعية السعودية للأدب المقارن تنظم ندوة :(متخيل الرعب في الأدب العربي)

 

رسالة الجامعة ـ أريج السويلم

بدعم من هيئة الأدب والنشر والترجمة نظمت الجمعية السعودية للأدب المقارن ندوة بعنوان «متخيل الرعب في الأدب العربي»  يوم الاثنين 15/5/2023 م، شارك فيها كل من د. بسمة عروس الأستاذ المشارك في قسم اللغة العربية وآدابها،  ود. مصعب باجابر الأستاذ المساعد في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، وأدارتها  د. نورة العمر  المحاضرة في قسم اللغة العربية وآدابها التي افتتحت اللقاء مرحبة بالحضور، وشاكرة المساهمين في تنظيم اللقاء.

الرعب والخوف

بدأت د.بسمة عروس حديثها بشرح مفهوم المرعب Horror موضحة اختلافه عن مفهوم الذعر أوالخوف Terror،  فالمرعب يدخل في إطار تخييل الخوف والتعبير عنه، ويتجلى بأنواع ومجالات شتى، مثل وصف الحرب والقتال الذي هو نوع من تخييل الخوف أو تخييل المخيف. وعن الفرق بين الرعب والذعر ذكرت أن الذعر هو شعور الخوف والفزع الذي يتملكنا ويستبد بنا ونكون حينها موضوعاً له، أما الرعب فتلك الانفعالات المتداخلة والمتضاربة التي نستشعرها (ربما بصورة استباقية أحيانًا تكون في أذهاننا) أو المشاعر المتضاربة التي تستبد بنا عندما نشاهد ما يصيب الآخرين من أذى وأشياء مخيفة. وبذلك ترى أن مستوى المُرعب يسمح لنا أن نستجلي كيفيات تخييله أو كيفيات التعبير عنه، وأشارت إلى أن ما يدخل في المُرعب (Horror) سواء أكان خطابًا سينمائيًا، أو نصًا قصصيًا مكتوبًا، أو نصاً مصوراً Comics, أو قصة تفاعلية Interactive story teller، وما إلى ذلك، كله يصنف ضمن الأدب الموازي أو الآداب الصغرى.

أنماط المرعب

ثم تحدثت د. عروس عن أنماط المُرعب، مشيرة إلى أن هذه الأنماط تتداخل مع العجائبي والغرائبي والخيال العلمي ومن أبرزها : الرعب القوطي Gothic، والرعب السيكولوجي، والرعب الماوراء طبيعي أو ماوراء الواقع Paranormal، والرعب القائم على تخييل الفظيع والدموي الرعب المرتبط بجرائم القتل المتسلسل، والرعب المرتبط بمجاهل الكون والظواهر العلمية الغربية والكائنات الغريبة (الخيال العلمي)، والرعب المتعلق بالأتمتة (Uncanny Valley) شعور مخصوص بالغرابة حيال التعامل مع الرجل الآلي بنسخته المتطورة. وأشارت أثناء حديثها إلى أبرز رموز الرعب مثل  فرانكشتاين، والكونت دراكولا، والرجل الوطواط، والزومبي ونحوها .

ثم حللت د.بسمة عروس بعض المظاهر العامة محاولة من خلالها رصد ما يحدث من تفعيل أو استرفاد أو تحول لنمط أو ثيمة أخرى، فتحدثت عن النماذج الأصلية للرعب وبدأت بنمط شخصية الكائن المسخ؛ فاستعرضت أوصافه المعروفة وقدراته ورمزية تمثيله واستخداماته وارتباطه بصورة الكائن الحيواني الفتّاك وعددت بعض أنواعه الموجودة في النصوص الغربية والعربية، وتطرقت إلى ظاهرة تحول مفهوم ووصف المسخ إلى شكل آخر في السينما؛ فقد ابتعدت السينما عن شكل المسخ التقليدي واستخدمت الكائنات الضخمة والمخيفة كحيوان الأناكوندا الذي يظهر كثيراً في الأفلام الهوليودية، ثم انتقلت إلى النمط الثاني وهو تطبيع عوالم ماوراء الطبيعة وتأثيث فجوات اللايقين؛ وهو ماوصفته بالتطبيع والتطبيع المضاد مثل نسج قصة خيالية لتفسير الفجوات واللايقين في العالم الكوني من حولنا. فأشارت إلى قصة بهموت وليوثا التي تحكي عن (بهموت) وهو عبارة عن حوت ضخم يحمل الأرض، وفوقه ثوراً وهو( ليوثا).مؤكدة تكرار هذه القصة في العديد من المصادر الأجنبية والعربية، وبعدها ناقشت النمط الثالث وهو ما أسمته بإنتاج المرعب المرتبط بالعجيب الجنائزي، وتعني به المرعب المرتبط بثيمة الموت وما بعد الموت. مشيرة إلى أن هذا النمط هو أكثر الأنماط الذي تتفرع منه أنماط مختلفة وعديدة مثل الثيمات السينمائية والروائية،  ويتخذ أشكالاً متعددة مثل أسطورة هامة الميت المعروفة في الأعمال العربية، وقصص إدجار آلان بو، وحكايات الزومبي. وحول النمط الرابع وهو ما وصفته بنمط المُرعب بوصفه خياراً مجانيًا أو لازمًا؛ أشارت إلى أن هذا النمط يُشبع ميل البشر للمُرعب لأسباب غير واضحة لكنها إنسانية،وعرضت بعض الأمثلة لهذا النمط مثل: الرجل العث.

وختمت حديثها مؤكدة أن السينما تُبدع في تخييل المُرعب وتغذية النفوس التي تتقبله مما يغير كثيراً في نفسياتها لدرجة أنه أصبح تخصصاً في الباراسايكولوجي وفتح مجالات عديدة في علم النفس.

الوحش الطيب

جاءت ورقة  د.مصعب باجابر  بعنوان   (ماهية قصص الجن في الأدب العربي الحديث-قراءة نقدية في ثلاثية حوجن لإبراهيم عباس)، وتهدف هذه الورقة  إلى مناقشة ماهية أدب الرعب والماورائيات في اللغة العربية، ومقارنة الرواية بحكايات الفانتازيا الغربية.

بدأ د.مصعب ورقته مشيرًا إلى أن حكاية الرواية قد تكون  غير تقليدية لبعض القراء، فقد تكون في الوهلة الأولى مرتبط بقصص الفانتازيا الرومانسية الفكاهية البسيطة في الأدب الغربي.  موضحًا أن المظاهر المشتركة لهذه القصص تدور حول بطل ذو شخصية مرعبة في الموروث الشعبي، ويسعى البطل من خلال أحداث الرواية إلى تقويض هذه الصورة المعروفة عنه، مثبتًا للآخرين أنه ليس شخصًا مخيفًا بقدر ما هو مخلوق مُرهف يشابه البشر بي أحاسيسهم ومشاعرهم، مثل الغول (شريك) الذي يهوى الهدوء والعزلة، ومصاص الدماء في فيلم فندق (ترانسيلفانيا) الذي يحب ابنته كثيرًا ، أو الجني( كاسبر) الذي يحب تكوين الأصدقاء. موضحًا  التشابه بين تلك الحكايات وبين رواية حوجن -محل الدراسة -من ناحية الحبكة والأسلوب وحكايات الفانتازيا الغربية؛ فالقصة تبدأ بخروج الوحش الطيب عمّا يحذره أبواه، ووقوعه في براثن ومشاكل الإنس، ثم محاولته إرجاع الأمور إلى ماكانت عليه .

الموروث الشعبي للجن

يذهب د.مصعب باجابر إلى أن  رواية (حوجن) تحاول تفكيك الموروث الشعبي عن الجن وإعادة صياغته، حيث تصف الجني حوجن بأنه جني مسلم وشاب ‹كول› وله العديد من التصرفات القريبة من أهواء ومشاعر البشر.

ثم يشير إلى التصنيفات المختلفة للرواية وردود الفعل المختلفة أيضًا، فدار النشر صنفتها رواية خيال علمي، في مقابل ردود فعل وصفها بالعنيفة ذكرت أنها  رواية شركية ويجب منعها. مؤكدًا أن القصة لا يمكن فصلها عن أدب ماوراء الطبيعة في الموروث الغربي، كما أنه لا يمكن فصلها عن فلكلور الجن في الموروث الشعبي، ولهذا فهي قصة تستحق الدراسة؛ بسبب إثارتها للتساؤلات حول ماهية قصص الجن والماورائيات والرعب في الأدب العربي.

وضمّن ورقته أسئلة حول أسباب عدم وجود أدب رعب عربي حقيقي بمفهومه العالمي رغم وجود بعض الثيمات المناسبة لصناعته من الموروث الشعبي، فهو يرى أن ما نشر حتى الآن ما هو إلا استنساخ لحكايات الرعب الإنجليزية بكل أنواعها فنحن لا نجد مثل قصص فرانكنشتاين ودراكولا، ولهذا فمعظم الأعمال العربية-حتى القديمة منها- لا تتعدى الأدب العجائبي وليس المرعب.

تصنيف جديد

وختم حديثه مصرحًا بضرورة عدم تصنيف الأعمال بتصنيفات محددة قد تظلم العمل، كما أكد على  عدم أخذنا للتسميات الغربية للأجناس الأدبية، واقترح تصنيف الأعمال العربية بحسب مفاهيم الخيال والتخيل في الأدب العربي التي ازدهرت في الشعر خاصة، فيطرح اقتراحه بتصنيف أدب ماوراء الطبيعة بطريقة توازي أنواع الخيال التي قسمها العرب قديمًا  فنقول: أدب ماوراء الطبيعة الجزئي، الكلي، والمركب، والممتد ، شارحًا كل نوع مع ذكر أمثلة له، مؤكدًا أن هذا  التقسيم سيساعدنا قليلًا في حل معضلة التجنيس في الأدب، وفي فهم آداب ماوراء الطبيعة العربية بطريقة تتسق مع الموروث العربي بصورة أفضل من المعروف الغربي.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA