اللغز وزهرة الحياة

 

 

  يحكى أن رجلا كبيرا في السن كان يسكن في قرية بعيدة وهادئة عن ضجيج وصخب المدن، وفي يوم من الأيام زاره مجموعة من الشباب؛ للاطمئنان عليه وتبادل أطراف الحديث معه والسمر في ليالي تلك القرية الهادئة.

 

    ولفت انتباه الرجل أن أحاديث الشباب يغلب عليها الحديث عن الأمور التافهة التي لا تعود عليهم بالفائدة وحزن على اهتمامهم بهذه التوافه وسفاسف الأمور، وأراد -عندئذ- إشغالهم عن تلك الأشياء فبدأ بطرح لغز فقال: يا أبنائي سأطرح عليكم لغزا وأريدكم أن تبحثوا عن إجابته، أبدوا تقبلهم واستعدادهم لذلك، فقال: )الجماعة تفرقوا، والبعيد أصبح قريبا، والليل صار نهارا) ما المقصود هنا؟، احتاروا في فهم المقصود ولم يجدوا إجابة، ولكنه أصر وطلب منهم التفكير ومعرفة الحل ولو كان بعد عدة أيام.

 

    جاؤوا إليه بعد عدة أيام وأخبروه بأنهم -جميعاً- لم يعرفوا حل اللغز، وأعطاهم فرصة أخرى للبحث عن الحل؛ لكن لم يستطيعوا الوصول للإجابة، فقال: سأعطيكم الإجابة وبعدها أقول لكم القصد من طرح هذا اللغز الذي احترتم فيه ولم تجدوا إجابته.

 

 يا أبنائي أنظروا إلى أسنان فمي كانت سليمة وكثيرة والآن سقطت مني وتفرقت وأصبحت أُحاداً متفرقة، وأما البعيد الذي أصبح قريبا فهو بصري؛ فلم أعد أرى الأشياء البعيدة بوضوح تام، وأما الليل الذي أصبح نهاراً فهو بياض شعر رأسي. تفاجئوا من الإجابة التي لم تخطر على بالهم، وقال: لقد تعمدت -عن قصد- أن ألفت انتباهكم إلى شيء مهم جداً وهو أن أغلى ما تملكون أنتم أيها الشباب هو «عمركم زهرة حياتكم» فلا تضيعوه وتشغلوه بالتوافه التي لا تنفعكم في دنياكم وآخرتكم، بمثلكم تنهض الأمم إذا استقمتم، وإن مما يفرح أعداؤكم انشغالكم بالتوافه إذ يسهل عليهم أن تكونوا ألعوبة بين أيديهم.

 

     عبد الله عسيري 

 

كلية العلوم

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA