يقول أحد المختصين بصناعة الأفلام أن استحداث تقنيات الرسم بالحاسب الآلي في أفلام الرسوم المتحركة لم يغير مجرد الشكل و الطبيعة البصرية للفلم، إنما غير السردية و حكاية القصة. حيث لم تعد القصة كما في الرسم اليدوي حول الأميرة و الفارس، في مجتمع ريفي صغير، كما في فلم بياض الثلج أو علاء الدين، بل أصبحت تتناول تغير المجتمع نحو الأفضل و التعايش مع الآخرين كما في نيمو و حياة حشرة و شركة المرعبين وصولاً إلى زوتوبيا، و ماذلك، حسب رأيه، إلا بسبب ما أتاحته الوسيلة الجديدة وهي الرسم باستخدام الحاسب الآلي، من تصوير الحشود و الأعداد الضخمة من الشخصيات، بل رأينا البطل نفسه ينسخ إلى أعداد مهولة بشكل كارثي كما حصل لرالف حين أصبح فيروساً إلكترونياً في فلم (رالف يكسر الإنترنت).
يقول مارشال مكلوهان المفكر الإعلامي الشهير، في مقولته المتداولة: الوسيلة هي الرسالة. أي أن استخدام الوسيلة يضفي أبعاداً جديدة على طريقة تداول الرسالة أو المعلومة أو المعاني حتى تكون الوسيلة هي ذاتها الرسالة بسبب قوة التأثيرة و ماوراء الوسيلة من آفاق تؤثر بشكل كبير على الرسالة نفسها. وهذا مانراه اليوم حاضراً حين تغلغلت في مجتمعاتنا وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد بدأت هذه الوسيلة الجديدة للتواصل، والتي استحوذت على كثير من تواصلنا اليوم، في مجتمع طلاب الجامعة، حين بدأ مارك زوكربيرغ منصة تواصل أسماها كتاب الوجه أو الفيسبوك. أما ما أدى إلى شيوع الأخبار و الصحافة كما عرفناها سابقاً هو اختراع الطابعة قبل قرابة خمسمائة عام من قبل المخترع الألماني يوهان غوتنبيرغ. ولم يكن اختراعاً يخدم مجتمعاً شبابياً أو للترويح و التعارف، بل على النقيض، كان مقدماً لمجتمع ديني و لطباعة نصوص مقدسة و بأثمان باهضة.
الصحافة اليوم تواجهها تحديات كبيرة. فقد كانت رسائلها تنقل مطبوعة كما بدأها غوتنبيرغ، و اليوم تحاول أن تتكيف مع وسيلة زوكربيرغ، و لأن الوسيلة هي الرسالة كما قال مكلوهان، فإن الرسالة و المعنى الذي تنقله صحافة اليوم لابد أن يتكيف ليناسب الوسيلة الحديثة. الصحافة مسمى باذخ و عريق، لكن ارتباطها بالوسيلة وهي الصحف التي تحمل المعنى الصريح للطباعة، لا يعني توقفها على النص المطبوع إنما يتحقق معناها الأسمى ليتضمن صناعة القصص الخبرية النافعة للناس و بشكل يزيد الوعي ويقوي الأواصر، مما يعني اشتمال الصحافة اليوم لما نسميه صناعة المحتوى.
و من هذا المنطلق تسعى رسالة الجامعة لتشمل أنشطتها الإعلامية و الأكاديمية كمنصة لنشر المعلومة و تدريب الطلاب و احتواء إبداعاتهم و صقل مهاراتهم فتكون مركزاً لصناعة محتوى هادف، ممتع، و مستنير بشكل يلائم جامعتنا العريقة و تطلعاتها الطموحة. ولا أنسب لوسيلة زوكربرغ مثل مجتمعنا، مجتمع الجامعة، و نحن أهلٌ لها بإذن الله.
د. محمد بن إبراهيم المستادي
المشرف على الإدارة والتحرير
إضافة تعليق جديد