يُعد البحث العلمي عنصرٌ هامٌ في مجال التربية الخاصة فقد أكد قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة لعام 2004؛ وقانون لن يترك طفل يتخلف2002؛والنجاح للجميع2015؛ على دور البحث في تحديد واتخاذ القرارات التعليمية(Cook,2013&Cook).
ويُلاحظ الباحث في دراسات التربية الخاصة تباينا في مستوى طرح الموضوعات والمنهجيات المستخدمة في البحث، ففي دراسة أجراها رالستون وآخرون(Ralston et al.,2019) لتحليل دراسات التربية الخاصة المنشورة في المجلة الأسترالية، وجد الباحثون بأن الدراسات ركزت على ممارسات التدريس الشامل، والخطط العلاجية للإعاقات السلوكية والانفعالية، وتعليم المهارات الاجتماعية في الفصل العادي، كما أن أساليب البحوث في التربية الخاصة قبل عام 1990 كانت كمية في الغالب، إلا أن تحليل الدراسات في الفترة من 2005-2015 أوضح بأن الأساليب الكمية التي تبحث في التدخلات الفردية المكثفة استبدلت بتصاميم نوعية ومختلطة للبحث في أساليب تعلم التلاميذ وممارسات المعلمين في بيئات التعليم الشامل والفصول العادية. كما ركزت المواضيع البحثية على توفير الدعم لجميع الطلاب بلا استثناء.
ويشير ترياك أوغلو(Tiryakioğlu,2014)في دراسته التي هدفت إلى تحليل محتوى المقالات المنشورة في مجلة التربية الخاصة بجامعة أنقرة خلال السنوات 2004-2013، أن معظمهما كان عبارة مراجعة وتحليل،على الرغم من توفر فرص لدى الباحثين لإجراء الدراسات التجريبية، لاعتقادهم بصعوبة إجراءاها.
أما على الصعيد المحلي، ففي تحليل وصفي لدراسات التربية الخاصة في المملكة العربية السعودية أجراه القحطاني وآخرون(Alqahtani et al.,2021) من عام1984إلى2016، توصل الباحثون إلى أن فئات الإعاقة التي تناولتها البحوث اقتصرت على الفئات التي تشملها برامج إعداد المعلم، مع ندرة الدراسات التي تشمل فئات ضعف الكلام واللغة، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والإعاقات الانفعالية والسلوكية، والإعاقات المتعددة. وقد كانت المواضيع المتعلقة بالممارسات المبنية على الأدلة، وخدمات الانتقال، وتقييم البرامج من أقل المواضيع التي لم تنل اهتماماً كبيراً في البحث، وقد أشارت نتائج هذه المراجعة إلى أن غالبية الدراسات اعتمدت على الأساليب الكمية والوصفية، مع ندرة في استخدام الأساليب النوعية والمختلطة.
مما سبق عرضه يتضح لنا أن هناك اختلافات متعددة بين التوجهات العالمية والمحلية في بحوث التربية الخاصة فيما يتعلق بالموضوعات، ومناهج وأساليب البحث المستخدمة، وقد يعود ذلك إلى عدة أسباب: أولاً: وجود القوانين التي تؤكد على أهمية اتخاذ القرار واختيار الممارسات التعليمية بناء على البحوث عالية الجودة.
ثانيًا: الميزانيات المخصصة للبحث العلمي ووجود قطاعات خاصة لتمويل البحوث، والتي تؤكد على أن نتائج هذه البحوث ستنعكس على تقدم المجتمع وتطوره، في حين أن تمويل البحوث في العالم العربي غالباً مايكون من جهات حكومية(عبداللطيف،2016).
ثالثاً: غياب التنسيق بين الجهات الحكومية والجامعات والمجتمع المحلي، مما أدى إلى ضعف الاعتماد من قبل صانعي القرار عن استخدام نتائج البحوث العلمية بسبب عدم توافقها مع توقعاتهم واهتماماتهم ومصالحهم(السلطاني،2011).
إن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 تسعى إلى دعم جهود البحث والتطوير، وذلك من خلال اعتماد ميزانية بمبلغ 6 مليار ريال سعودي، بالإضافة إلى دعم وإشراك ذوي العلاقة في المراحل المختلفة في جمع البيانات وتحليلها لوضع الخطط التطويرية وزارة التعليم .
كذلك من المهم أن تعمل وزارة التعليم ممثلة بالجامعات والمراكز البحثية مع الجهات ذات العلاقة على إجراء دراسات مسحية لمعرفة الوضع الراهن، والرفع من مستوى الخدمات المقدمة وزيادة فاعلية هذه البرامج.
والعمل على تحديد الأولويات البحثية بناء على نتائج الدراسات المسحية، لتوجيه الباحثين إلى المواضيع الهامة والتي لم تنل اهتماماً بالبحث. فالميدان مازال بحاجة إلى إجراء العديد من الدراسات التجريبية للممارسات المبنية على الأدلة، لإثبات فاعليتها وأهميتها في تعليم الطلبة ذوي الإعاقة، كذلك التركيز على خدمات التدخل المبكر في مرحلة ماقبل المدرسة لضمان تطوير المهارات في وقت مبكر، والتعليم الشامل وكيفية إعداد العاملين.
أماني بنت عبداالله المعمر
التربية الخاصة
إضافة تعليق جديد