تعيش المملكة العربية السعودية هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني الثالث والتسعين وقد حققت الكثير من المنجزات على الصُعد الاقتصادية والعلمية والرياضية والثقافية. لقد أعطت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي أماط اللثام عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زخماً جديداً لتحقيق هذه الإنجازات وشكلت بوصلة للعمل التنموي المشترك وأخرجت الرؤى والخطط من دائرة التنظير إلى إطار من الفعل والإنجاز. ولعل الحديث في هذه المنجزات يطول ويتشعب إلا أنني سأقصر هذه المقالة على ما تقوم به وزارة الثقافة من جهود في خدمة الثقافة تحقيقاً للمستهدفات التي تسعى هذه الوزارة الفتية إلى تحقيقها.
سعت وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية منذ إنشائها إلى بلورة العديد من الرؤى حول العمل الثقافي والأدبي وشجعت أفراد المجتمع ومؤسساته الأهلية والمدنية على الانخراط في المناشط الثقافية المتعددة وتعزيز الوجود الثقافي بكل تمظهراته مثل صناعة الكتاب والاهتمام بالفنون الأدائية وإقامة المناشط الثقافية والمعارض الفنية لدفع عجلة الثقافة في بلادنا. هناك نشاط محموم في ميادين الترجمة والكتابة الإبداعية وهناك تشجيع للمبادرات التي تهدف إلى تهيئة جيل جديد في كافة مناحي العمل الثقافي من خلال تحفيز وتشجيع العديد من المواهب الشابة على الانخراط في العمل الثقافي.
وإيماناً من وزارة الثقافة بأهمية الشاشة في نشر وتشجيع العمل الثقافي فقد أطلقت القناة الثقافية بحلة جديدة تواكب العمل الثقافي وتحتفي به وتبثه وتتفاعل معه. وعلى الرغم من أن هذه القناة لم تعانق الفضاء بعد إلا أن هناك تفاؤلا كبيراً بنجاحها ذلك أن من يقوم على إدارتها جيل شاب واعٍ بأدوات العصر وعارف بوسائط التأثير فيه.
هناك أيضاً اهتمام واسع بالتراث ومحاولات دؤوب في الغوص عميقاً في تربة هذه البلاد بحثاً عن كنوز أثرية اندرست وطواها النسيان. هذا ليس بمستغرب فالمملكة العربية السعودية مهد حضارات عدة تعاقبت عليها منذ فجر التاريخ. إن المكتشفات الحديثة عن تلك الكنوز وتقديمها في متاحف عصرية سيشكل بلا شك عنصراً يجذب العديد من أرباب الفنون وعشاق التراث في العالم أجمع.
لا شك أن أمام الوزارة الكثير لكي تقوم به فهناك حاجة ماسة لأرشفة التراث الشفهي في المملكة وحفظه من الضياع وهناك حاجة لتعميق القراءة في قلوب الناشئة وحفزهم على المطالعة وتيسير سبل الحصول على الكتاب وتفعيل دور المكتبات المدرسية والعناية بمكتبات الحي وتوفير الكتاب في صور أخرى إلكترونية وسمعية. هناك أيضاً ضرورة إلى العناية بالكتاب السعودي وترجمته إلى اللغات الأخرى ترجمة متقنة بحيث يقف القارئ الآخر على جمال النصوص الأدبية التي صنعها الأدباء السعوديون طوال الأعوام الماضية. إن انتخاب النصوص السعودية وترجمتها وتسويقها للقارئ الغربي أمر في غاية الأهمية ذلك أن هناك أدباء في المشرق والمغرب اشتهرت أعمالهم وذاعت مواهبهم بعد ترجمتها إلى لغات أخرى.
في الختام إنني على يقين أن مبادرات وزارة الثقافة وعملها الدؤوب سوف تساهم في خلق نهضة ثقافية غير مسبوقة تليق بهذه البلاد وتاريخها العريق.
د. عبد الله بن علي الأسمري
أستاذ مشارك في علم اللغة
كلية اللغات وعلومها
إضافة تعليق جديد