سعودية عظمى تحلم وتحقق

 

مسيرة الـ 93 عاماً ترفل بقصص كفاح ونجاح وتحديات عظيمة قادت -بلا شك- لانتصارات جليلة، سعودية حُق لها أن تحتفي بعرسها كل عام في الثالث والعشرين من سبتمبر، فلا يزيدها ذلك العرس إلا زهواً وتخليداً لأمجاد فرسانها، بدءا من مؤسس ذي حنكة، آمن بنفسه، الذي قاد جيشاً ليُنادي «الحكم لله ثم لعبد العزيز».

لتليها مرحلة فمرحلة تعتلي فيها تلك العروس عتبات المفاخر درجة تلو درجة مؤمنة بنفسها، شامخة بتاريخ عريق؛ يحتم عليها مقارعة المعالي. كيف لا وهي تصدح من أجلها المنابر في كل جائحة «سعودية عظمى» سعودية عظمى؛ لتتبختر بفستان أخضر من سندس، تختال به مصاف دول العالم بل سابقتهم وتتبعها وصيفاتها بكل حب وتسليم.

سعودية ضاربة بجذورها عمق التاريخ، عندما تنسل أمامك لا تقوى إلا أن تعود بذاكرتك للوراء مُستذكراً حكاياها مُفاخراً بمنجزاتها، ففي مجال التنمية العمرانية هذا المصمك حاضراً ثقافياً بكل محفل فمازال بابه شاهدا لعزم عبد العزيز بمجرى التاريخ، وهذه الدرعية التاريخية أصيلة من هذه الأرض تتألق جوهرة للسعودية، وهذه الرياض الخضراء والمربع والمسار الرياضي والقدية والعلا وشواطئ نيوم والبحر الأحمر وجبال السودة، أوكساجون، تروجينا، ذا ريج، سندالة، والقائمة تطول وتحلم إلى أمالا. سعودية إذاً فقد خطت رؤيتها بمجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، مُرحبة بالحالمين ولا مكان لغير الحالمين في أحضانها.

 أنحن نحلم؟؟ 

مضى الحلم فقد حققنا، وبيئتنا العمرانية خير تجسيد لكيان ذاك الحلم.

فعند التجول بطرقاتها في يوم عرسها تنبهر بمظاهر الاحتفاء والتجانس في تلك الوحدة السعودية لجزئيات أصغر فأصغر، فذاك الجندي مخبراً: إن العصر عصركن فاحلمن، وذاك الشيخ تعتلي المكرمة مبسمه، وتلك السيدة سرت بعد أن جابت الطرقات خضراء بسيارتها، وتلك أمي ما إن رأت تلك المظاهر وأكثر رفعت كفيها الطاهرتين نحو السماء «رباه رباه... أنعم حرير بلادي بقادته ليترنما»، وتلك الطفلة الوديعة طفلتنا جميعاً تهب الحلوى في حين أنها صُنعت لعينيها بل لشفتيها، وذاك الطفل المقدام يصرخ: « المسيرة المسيرة»، فلنسر طالما أننا سنحقق ما حلمنا.

 مظاهر تستشعر فيها عظمة التوحيد لهذه البلاد الشاسعة تحت راية واحدة، حدود لا يستطع المرء إلا إسنادها لبعضها بقلم أخضر، وكأنه يخط التجانس في أبهى صور التكافل الاجتماعي، ممثلاً بلهجات وعادات وسمات وملامح داعية للتأمل وناطقة يا عبد العزيز: «أ تلك نبوة برحابها نعمتنا»؟ 

فقد أمسينا نسيجاً واحداً نفخر بخصوصيته على حدة تحت راية سعودية، فتلك الشمالية والنجدية الشرقية فالحجازية والجنوبية تستتم كل منها بالأخرى، في عظمة وصمود حكمة وأصالة ورقة، راسمين معا حدودا روحية أخرى تشف نقابها على الحدود المادية لهذه البلاد السعودية في كل تقدم حضاري بانتماء وعراقة، وفق رؤية حالمة في توجهاتها نحو المستقبل حاكمة بأصالة ماضيها.

م. سالي محزري

كلية العمارة والتخطيط

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA