التراث الفني.. استراتيجيات لجذب السياح

 

يعد التراث الفني جانبًا أساسيًا من السياحة الثقافية التي اكتسبت اعترافًا متزايدًا كوسيلة لجذب السياح، فهو عامل جذب سياحي ثقافي يقدم تجربة فريدة وأصيلة للزوار كونه يعكس تاريخا وتقاليد وقيم المجتمع أو البلد، ويوفر فرصة للسياح للتعرف على الثقافات المختلفة وتقديرها.

يشمل التراث الفني أشكالاً متنوعة من أشكال التعبير الإبداعي، مثل الفنون البصرية، والموسيقى، والأدب، وفنون الأداء والفنون التقليدية المختلفة، ويمكن أن يكون لسياحة التراث الفني فوائد اقتصادية كبيرة للمجتمعات المحلية. فهو يدر إيرادات للشركات المحلية، مثل الفنادق والمطاعم ومحلات بيع التذكارات كما أنه يخلق فرص عمل في قطاعات الضيافة والسياحة والصناعات الإبداعية. كما تُحفز سياحة التراث الفني النمو الاقتصادي في المناطق الريفية والحضرية، حيث تشجع على تطوير البنية التحتية والخدمات لدعم السياحة.

لدى المملكة العربية السعودية تراث فني غني ومتنوع يعكس تاريخها وثقافتها الغنية، ويشكل تعبيرًا مهمًا عن الهوية الوطنية والقيم الثقافية للشعب السعودي، التي تسعى المملكة من خلال استخدام تراثها الفني لجذب السياح وإنشاء صناعة سياحية مزدهرة. وسنناقش ثلاث استراتيجيات رئيسة لتحقيق هذا الهدف: عرض التراث الفني للمملكة، والتعاون مع الفنانين والمنظمات الفنية، ودمج الفن في التجارب السياحية.

لجذب السياح إلى المملكة، ينبغي أولاً عرض التراث الفني بطريقة جاذبة، حيث تعد المملكة موطنًا لمجموعة واسعة من التقاليد الفنية، بدءًا من الحرف اليدوية التقليدية وصولا إلى أشكال الفن المعاصر. من خلال عرض الفن في الأماكن العامة مثل الحدائق والشوارع والمباني، يمكننا خلق جو حيوي وترحيبي يجذب السياح. بالإضافة إلى تنظيم المهرجانات الفنية والمعارض وورش العمل للسكان المحليين والسياح على حدٍ سواء، وهو ما يساعد في تعزيز هذا التراث وخلق شعور بالانتماء للمجتمع من خلال الفنون. ثانيًا ينبغي التعاون مع الفنانين والمنظمات الفنية المحلية أو العالمية مثل متحف اللوفر أو المتحف البريطاني وهي فرصة للترويج لفن المملكة عالميًا، وزيادة الوعي بالتراث الفني والثقافي، من خلال إقامة البرامج والمعارض الفنية الدائمة والمؤقتة وجذب عشاق الفن إلى المملكة. وأخيرًا، فإن دمج الفن في التجارب السياحية يمكن أن يخلق تجارب فريدة حيث يساعد تصميم البرامج السياحية التي تشمل زيارات إلى المعارض الفنية والمتاحف والمواقع الثقافية والأنشطة المتعلقة بالفن مثل ورش العمل والدروس والجولات السياحية في إبراز التراث الفني للمملكة وخلق شعور بالانغماس الثقافي لدى السياح.

وقد يكون الترويج لسياحة التراث الفني أمرًا صعبًا بسبب عوامل مختلفة منها نقص الاستثمار في الحفاظ على التراث الفني وتعزيزه حيث تتعرض العديد من الأعمال الفنية وعناصر التراث الفني لخطر الضياع بسبب الإهمال أو التدمير. عامل آخر، المنافسة مع الوجهات والمعالم السياحية الأخرى فالسياح لديهم مجموعة واسعة من الخيارات للاختيار من بينها، وقد يكون من الصعب جذبهم إلى وجهة معينة. فضلًا عن صعوبة تحقيق التوازن بين تسويق التراث الفني والحفاظ عليه، فقد يؤدي تسويق المواقع الثقافية والأعمال الفنية إلى تدهورها وفقدان أصالتها، في حين أن جهود الحفظ يمكن أن تكون مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً. لذلك، من الضروري الاستثمار في الحفاظ على التراث الفني وتعزيزه وإيجاد طرق مبتكرة لجذب السياح إلى المواقع والفعاليات الثقافية.

تهاني عبد الهادي القحطاني

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA