حان الوقت لإنشاء مركز إقليمي لصون التراث غير المادي

 

احتفلت وزارة الثقافة ممثلة بهيئة التراث -مؤخرًا- بمرور ٢٠ سنة على اعتماد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، مستعرضةً جهود المملكة على المستوى الوطني لتنفيذ الاتفاقية وصون التراث والمحافظة عليه. ومنذ اعتماد الاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي في عام 2003، أصبحت المنطقة العربية واحدة من المناطق النشطة في تنفيذها، حيث بلغ عدد الدول العربية الأطراف فيها 18 دولة، واستطاعت إدراج 69 عنصرًا ثقافيًا في قائمة التراث الثقافي غير المادي (60 عنصرًا في القائمة التمثيلية، 8 في قائمة الصون العاجل، وعنصر واحد في سجل ممارسات الصون الجيدة) من إجمالي 676 عنصرًا جاءت من 140 دولة.

وفي إطار جهود المملكة العربية السعودية في صون التراث الثقافي غير المادي، وبما يتفق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، ربما يكون إنشاء المركز الإقليمي لصون التراث الثقافي غير المادي في البلدان العربية، ومقره الرياض خطوة مهمة وطموحة تعكس التزام المملكة واهتمامها المتزايد بالثقافة والتراث، كما يُضاف إلى دورها الرائد في قيادة العمل الثقافي في المنطقة العربية، وهو ما يتفق مع توجهات منظمة اليونسكو في توسيع شبكة مراكز الفئة 2 تحت رعايتها؛ لتعزيز صون التراث الحي في البلدان الأعضاء من خلال التنفيذ الفعال لاتفاقية 2003.

والرياض جديرة للقيام بهذا الدور؛ نظراً لكثافة عناصر التراث غير المادي، والمبادرات والمشاريع الرائدة للحفاظ على التراث، ووجود مؤسسات متخصصة، ومراكز الخبرة، والعدد الكبير من الخبراء والباحثين والمُيسرين المعتمدين، والتخصصات الأكاديمية المعنية بحماية التراث الثقافي.

المركز المقترح سيكون مركزًا رائدًا لصون التراث الثقافي غير المادي على المستوى الإقليمي عن طريق تنفيذ بنود اتفاقية 2003. بحيث يضم المركز مكتبات تحوي مصادر متعددة عن التراث الثقافي، وقاعات تعليمية لتنظيم ورش العمل والمحاضرات، ومناطق للعروض الفنية والفعاليات الثقافية، كما يتضمن العديد من البرامج والأنشطة التي تسهم في تعزيز وتوعية الجمهور بالثقافات العربية المتنوعة.

تتمثل المهام الرئيسة للمركز، في تشجيع الدول العربية على اعتماد تدابير تشريعية وإدارية لصون التراث الثقافي غير المادي الموجود على أراضيها، وتحفيز التعاون وتبادل الخبرات، وعقد المؤتمرات على المستوى العربي، وتنظيم أنشطة لتعزيز القدرات الوطنية في مجالات التحديد والتوثيق والجرد المجتمعي، كما سيشكل المركز منصة للبحث والتطوير في مجال توثيق وحفظ التراث الثقافي غير المادي ونقله إلى الأجيال القادمة. فضلًا عن تعزيز التعاون والتواصل بين الممارسين والمجتمعات والخبراء والمسؤولين ومراكز الخبرة وغيرها من المنظمات والمؤسسات النشطة في مجال صون التراث الثقافي غير المادي في الوطن العربي.

تتولى هيئة التراث تحديد مقر المركز وهيكلته ومصادر تمويله، بحيث سينضم إلى المراكز الثمانية المعتمدة من الفئة 2 لليونسكو بعد مراكز الصين، وكوريا الجنوبية، واليابان، والبيرو، وإيران، وبلغاريا، والجزائر، والإمارات. مع العلم أن مركز الشارقة معنيٌ بدرجة أساسية ببناء القدرات.

وحتى لا يُفهم أن هذا المركز سيكون منافسًا للمركز الدولي لبناء القدرات في مجال التراث الثقافي غير المادي في الدول العربية الذي مقره الشارقة، أو سيتعارض معه، فإنه وبحسب إجراءات اليونسكو مع مراكز الفئة 2، يمكن افتتاح أكثر من مركز في نفس الإقليم، كما هو الحال في منطقة آسيا والمحيط الهادي، هناك مركز دولي للمعلومات والشبكات للتراث الثقافي غير المادي ومقره كوريا، ومركز آخر في الصين للتدريب على التراث الثقافي غير المادي.

الجدير ذكره، أن المملكة سجلت حتى الآن 11 عنصرًا في قائمة التراث الثقافي غير المادي هي: البن الخولاني، فن القط العسيري، رقصة المزمار، العرضة النجدية، حداء الإبل، السدو، الخط العربي، نخيل التمر، الصقارة، القهوة العربية، المجلس. كما شاركت في إثراء العديد من الملفات الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي.

د. ياسر هاشم الهياجي

كلية السياحة والآثار

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA