لماذا تُهمل المهارات الناعمة رغم أهميتها؟

 

نشأ معظمنا على أن التفوق الأكاديمي وامتلاك المهارات التقنية هي مفاتيح النجاح في الحياة. لذلك ركّز نظامنا التعليمي دائمًا على الرياضيات والعلوم باعتبارها المواد الأساسية، بينما أهمل تدريس المهارات الناعمة مثل الإبداع والعمل الجماعي.

لكن في عصر الذكاء الاصطناعي وتقلص عمر المهارات التقنية إلى 18 شهراً، أصبحت تلك المهارات الناعمة هي الميزة الحقيقية التي تميز الإنسان عن الآلة. فبينما يتفوق الذكاء الاصطناعي في المهام المنطقية والحسابية، لا يزال العقل البشري يتفرد بالحدس والإبداع والتعاطف.

ما المهارات الناعمة؟

تُعرّف المهارات الناعمة (Soft Skills) بأنها الصفات والقدرات الشخصية والاجتماعية التي تمكّن الفرد من التفاعل بفعالية مع الآخرين والنجاح في بيئة العمل. وتشمل مهارات مثل: الإبداع والابتكار، والتواصل الفعال، وبناء علاقات إيجابية، والمرونة والتكيف، وحل المشكلات، وإدارة الوقت، والعمل الجماعي.

على النقيض من المهارات التقنية الصلبة (Hard Skills)، فإن المهارات الناعمة ترتكز على الشخصية والسلوك أكثر من المعرفة المكتسبة. وهي مهارات قابلة للتطوير والتحسين مدى الحياة.

لماذا أصبحت المهارات الناعمة مؤثرة في نجاحنا اليوم؟

في دراسة لـ LinkedIn عام 2020، صُنّفت المهارات الناعمة الخمس الأكثر طلبًا في سوق العمل كالتالي: الإبداع، والإقناع، والتكيف، والتعاون، وإدارة الوقت.

كما وجدت دراسات أخرى أن المهارات الناعمة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنجاح في العمل وزيادة الإنتاجية. فعلى سبيل المثال: وجدت إحدى الدراسات أن القادة الذين يتمتعون بذكاء عاطفي أعلى حققوا أرباحًا أكبر بنسبة 139%، بالإضافة إلى مستويات أعلى من رضا العملاء.

في المقابل، إن نقص هذه المهارات لدى الخريجين يُعد سبباً رئيسياً في البطالة، حيث تفتقر معظم المناهج التعليمية إلى تنمية الجوانب العاطفية والاجتماعية لدى الطلاب.

إذن كيف يمكننا تطوير هذه المهارات وتعظيم أهميتها؟

مفتاح تنمية المهارات الناعمة هو جعلها جزءًا من المناهج الدراسية، وتشجيع المؤسسات على تبني برامج تدريبية تركز عليها بالتوازي مع التدريب التقني والمهني.

ومن الطرق الفعالة لتعزيز هذه المهارات: التعلم التجريبي من خلال أنشطة جماعية ولعب أدوار ومواقف حية، والتوجيه الذي يساعد الأفراد على تحديد نقاط القوة والتحسين، والتقييم الذاتي لزيادة الوعي بالسلوك الشخصي وتأثيره، والقدوة حيث يتعلم الأشخاص من نماذج إيجابية في بيئة العمل، بالإضافة إلى التغذية الراجعة التي تزود الأفراد بملاحظات بّناءة لتحسين أدائهم.

الخلاصة: نعم، إن المهارات الناعمة ليست ناعمة البتة! إنها مجموعة من المهارات الحياتية الأساسية التي تتيح لنا التكيف والنجاح وإحداث تأثير إيجابي. لذا حان الوقت لإعطائها الأهمية ذاتها التي نوليها للمهارات الصلبة، فالكل مسؤول عن غرسها وتشجيعها في المنزل والمدرسة والعمل. واستثمر في نفسك، واجعل من نقاط قوتك الشخصية مفتاحًا لمستقبل واعد.

أ.د. هند بنت سليمان الخليفة

قسم تقنية المعلومات

كلية علوم الحاسب والمعلومات

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA