المناعة النفسية لدى الطفل

 

ظهر مفهوم المناعة النفسية بناء على قائمة مكونة من سمات الشخصية الإيجابية المقاومة لمواجهة الضغوط، وبناء شخصية متماسكة ومتوازنة، وهذه السمات مجتمعة تعبر عن مصادر قوة الشخصية في المواجهة والتعامل مع المشكلات والضغوطات، وهنالك العديد من العوامل المؤثرة في المناعة النفسية، وتشكلها من مثل: غياب المرض النفسي، ونمط التنشئة الأسرية، والقدرات العقلية، والمزاج، وغيرها من العوامل.

ويمكن النظر إلى المناعة النفسية على أنها نظام متكامل لأبعاد الشخصية؛ يهدف لإعطاء الفرد القدرة على إدراك المخاطر النفسية من أجل زيادة عملية التكيف النفسية والاجتماعية الطبيعية، وهي مجموعة من السمات التي تمكّن الفرد من تحمل كل التأثيرات الناتجة عن الضغوط والإرهاق النفسي، ودمج كافة الخبرات المكتسبة لاستخدامها في مواقف متشابهة.

وبما أن مرحلة الطفولة من أخصب وأخطر المراحل العمرية التي يمر بها الطفل؛ نظرًا لأن الخبرات التي يتم إكسابها له في هذه الفترة من نمو يكون لها الأثر الأكبر في تكوين وتشكيل شخصيته، وتحديد مسار هذه الشخصية السوي أو غير السوي، ولما لها من تأثير حيوي مباشر على المراحل العمرية المستقبلية التي تليها، يمكن تنمية المناعة النفسية لدى الطفل من عدة جوانب من أبرزها الجانب الصحي الجسدي والعقلي.

ويمكن تحصين الطفل وتقوية مناعته النفسية من خلال

1ـ إمداده بالفيتامينات والمكملات الغذائية التي تعمل على تعزيز المزاج، وتحسين الحالة النفسية، وذلك من خلال دمجها في نظامه الغذائي؛ لتمكين الجسم من أن يعمل في أفضل حالاته من النواحي الجسدية والنفسية والعقلية؛ فعلى سبيل المثال يمكن أن تسهم فيتامينات B مثل (B12) أن تعمل على تحسين الحالة المزاجية والأداء العقلي لدى الطفل من خلال إنتاج هرمون (السيروتونين)، وهو هرمون الناقل العصبي الذي يعزز مشاعر الرفاهية في الدماغ، ويقوي المناعة النفسية.

2ـ يمكن مد الطفل به من خلال أغذية مثل اللحوم والأسماك، أو المكملات المدعمة بالفيتامينات. أما عائلة الدهون الصحية مثل (أوميغا3) فهي وسيلة مهمة لضبط إيقاع المزاج ورفع المعنوية لدى الطفل، حيث إن نقصها يسبب حالات من التوتر والقلق ونوبات الغضب، وبالتالي لا بد من توفيرها للطفل أمام بشكلها الصيدلاني، أو من خلال الغذاء البحري المتنوع.

3ـ إن فيتامينات مثل المغنيسيوم والزنك تؤدي دورًا بالغ الأهمية في تقوية مناعة الطفل النفسية، فالمغنيسيوم بدعم تفاعلات الجسم المختلفة وبخاصة النفسية والمزاجية للمحافظة على قوة الأعصاب، في حين أن الزنك يقلل من الاكتئاب والقلق، وهذه الفيتامينات متوفرة بكثافة في الفواكه والخضروات، إلى جانب المكملات الغذائية الصيدلانية، والتي إن تم إدخالها بكميات معتدلة في غذاء الطفل ستعمل على تقوية مناعته النفسية والعصبية.

4ـ إن البيئة المشجعة والداعمة للطفل ذات أثر بالغ في تقوية مناعته النفسية، في عبارات التشجيع والثناء تعزز من دافعية الطفل لمواجهة المواقف الصعب، وتكسبه الشخصية المتوازنة.

5ـ إن تكليف الطفل بمهام قيادية وأعمال يقوم بها بمفرده سيعزز لديه المهارات العقلية والجسدية والنفسية؛ وبالتالي ستتطور قدراته على المواجهة وتحمل الضغوط المختلفة.

من ناحية أخرى، فإن تقليل اللوم عند وقوع الأخطاء، وتدريب الطفل على حل المشكلات، له أثر بالغ الأهمية في تعزيز المناعة النفسية، فكلمة (لماذا) عند إسقاط الطفل للعبة وكسرها ستزيد التوتر والقلق لديه، أما كلمة (كيف) نصلح المشكلة، ونواجهها يعزز مهارات حل المشكلات والإيجابية لدى الطفل، ويدفعه لمواجهة مواقف مماثلة بحلول أكثر صلاحية وفائدة.

د. منيرة حمد العتيبي

علم نفس إرشادي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA