إن الرسالة العلمية ليست مجرد بحث علمي يؤديه الطالب للحصول على الدرجة العلمية. إنها منهج ونظام يؤكد على الأسس والمبادئ التي تساهم في تشكيل شخصية الطالب العلمية والعملية كالدقة، والموضوعية، والأمانة العلمية، وحسن الإدارة، والصدق، والصبر. يعاني كثير من الطلاب من إشكالية كتابة الرسالة العلمية، ويلقي اللوم عادة على المشرف. يتوقع بعض الطلاب أن المشرف سوف يقوم بتدريبه على طرق الكتابة، والبحث في أوعية المعلومات، وأساليب الاستشهادات العلمية؛ بل إن البعض يطلب من المشرف قائمة جاهزة بالكتب والمراجع في مجال موضوعة البحثي. وفي مرحلة إعداد خطة البحث لا يتردد بعض الطلاب من سؤال المشرف عن العنوان البحثي المقترح للرسالة، دون أن يبذل جهداً ملموساً نحو دراسة الفجوات البحثية أو التحليل المتعمق للأدبيات والدراسات السابقة. في حين يتذمر بعض الطلاب من عدم متابعة المشرف أو ضياع الوقت بلا جدوى فهذا أحدهم يقول: مشرفي منشغل ولا يتابعني؛ والآخر يضيف: لا أعرف ماذا يريد المشرف، ففي كل لقاء له رأي مختلف، ويتعارض مع ما شرحه في السابق؟ والبعض يدعي أنه ينغمس في مرحلة تعديل لا نهائي للفكرة البحثية والمنهج البحثي. وعلى النقيض، يشتكي بعض الطلاب من المتابعة المستمرة للمشرف، ويقوم بحذف مقرر الرسالة حتى يريح ويستريح من عناء ضغط المتابعة. أما المشرف فغالباً ما يؤكد على عدم استعداد الطالب وجاهزيته لخوض غمار البحث العلمي؛ فالطالب لا يملك أدوات الباحث وغير قادر على استيعاب منهجية الكتابة، والمتابعة، وجدولة الأداء المنتظم. وبعيداً عن هذه الجدلية، فإن أبرز سمات الباحث المتميز تتمثل بكونه خلاق وقادراً على مواجهة مصاعب البحث العلمي. أنه يستمع بإنصات لتوجيهات المشرف من جهة، ولكنه يتمتع بالثقة بالنفس، والاستقلال الفكري، والنضوج العلمي من جهة أخرى. تجده شغوفاً بالاطلاع والكتابة والبحث وحريصاً على تسليم مسودات البحث أولاً بأول. لا يتذمر ويعرف أن مشوار الكتابة البحثية لابد أن يشوبها التحديات والمصاعب وهي جزء أصيل من مراحل إعداد الرسالة العلمية؛ أنه بحق يستحق لقب الباحث الحصيف.
د. وليد الزامل
أستاذ مشارك في قسم التخطيط العمراني
إضافة تعليق جديد