إن اللغة تستمد قوتها من قوة أبنائها وناطقيها؛ فهي تقوى بقوتهم وتضعف بضعفهم، ولئن سادت لغتنا قديمًا بسيادة أجدادنا، وتصدرت اللغات بتصدرهم، فإن علينا أن نقوم بمجهود كبير في سبيل سيادتها وريادتها وإعادتها إلى سابق مجدها، وأول ما ينبغي لنا أن نفعله في سبيل ذلك: هو العمل على تطويرها لتواكب التقدم المعرفي الهائل الذي يتميز به هذا العصر.
وفي سبيل تحقيق ذلك المبتغى، فإن على المختصين في اللغة أن ينظروا إلى اللغة العربية بمنظور عصري يتوافق مع الحياة الحديثة التي تشهد متغيرات كبيرة على عدة مستويات اجتماعياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً وتقنياً. ومن ذلك النظر -على وجه خاص- في ضرورة تطوير مناهجها ومقرراتها ووسائل تدريسها، وتبسيطها على نحو ينطلق من القديم ليصوغَه ويعلمَّه في صورة عصرية حديثة متجددة ومتطورة، يحبها أبناء العربية ويتفاعلون معها. وفي هذا الصدد قطعت جامعة الملك سعود ممثلة بقسم اللغة العربية وآدابها شوطًا كبيرًا في تطوير مقررات الإعداد العام التي تُقدم باللغة العربية إلى طلاب الجامعة، فأعادت صياغتها على نحو عصري، ونَحَّت عنها ما كان يثقل كاهلها، وزادت فيها ما يتطلبه سوق العمل الحديث من مهارات ومعارف. فقدمت مشروعاً نوعياً يقوم على تقديم مقررات جديدة تستجيب للمتغيرات المتسارعة معرفياً وتقنياً، وتعيد للغة العربية رونقها وألقها. وتسهم في إعداد الطلاب وتزويدهم بمهارات يتطلبها سوق العمل في ظل التطور الهائل فيه مثل مهارات التصويب الكتابي والتدقيق اللغوي للمحتوى الإلكتروني ومهارة تحرير المحتوى القانوني والإداري والإعلامي والسياسي والسياحي، ومهارات التحليل النقدي والتفكير الإبداعي وتنمية قدراتهم على الملاحظة والبحث والتعليل، وتطوير مهاراتهم في التفكير اللغوي الديناميكي، إضافة إلى تدريبهم على مهارات كتابة الرسائل الإدارية والتقارير وغيرها من أجناس الكتابة الوظيفية.
د. فهد العامر
إضافة تعليق جديد