نحتاج للأسئلة المتقنة في الاختبارات والمسابقات، والمقابلات الوظيفية، والعروض التقديمية المميزة، والاستبانات والألغاز وغيرها.
وهي فن يحتاج لتعلم وتدريب، إذ الخلل في صياغتها يتفاوت في خطورته حسب الغرض من السؤال.
وتتنوع الأسئلة بين مفتوحة ومقننة، كما تتفاوت في مستوى صعوبة تأليفها، وكلما زادت الصعوبة؛ كثرت الأخطاء، وربما احتجنا في بعض الأحيان للجان مختصة تراجعها.
ومن أكثر الاختبارات إثارة للجدل واللغط؛ الاختبارات المقننة بأشكالها المختلفة (الخيارات والتصحيح والتوصيل وما إلى ذلك) وأبرز ما لاحظته من أخطاء فيها ما يلي: الأخطاء الإملائية والنحوية، وهذا من أكبر الأخطاء تأثيرا على فهم السؤال، فقد ينقلب المعنى المراد في السؤال بسببه، أو يظن المسؤول أن السائل تعمد ذلك كخيار مشتت، ومن ذلك؛ رفع المنصوب، فلا نعلم أيهما فاعل وأيهما مفعول نحو (أمر زيد سعد..) فأيهما الذي أمر الآخر، أو إثبات حرف العلة عند النهي بلا، فيختلط الأمر بين النفي والنهي والعكس..
ـ الإيحاء بالإجابة: فتكون جميع الخيارات غير منطقية إلا واحدا، وهذه إن تجاوزنا عن استعمالها في المرحلة الابتدائية، فإنها لا تقبل عند توجيه السؤال للأكبر سنا.
مثاله قول أحدهم: من مميزات مواقع التواصل: إضاعة الوقت -المشكلات الأسرية -التواصل مع الأقارب..
وأحيانا تكون بعض الخيارات من موضوع مغاير، فالسؤال عن العصر العباسي، وبعض المشتتات عن الوطن، أو تكون غير موجودة في المحتوى التعليمي أصلا.
وأكثر ما يشاهد ذلك في أسئلة المزاوجة بين الأعمدة، حيث تكون أحيانا من موضوعات شتى، أو تعريفات لأشياء متباينة، مما يسهل عملية التخمين.
ـ بعض الخيارات لا تشكل مع رأس السؤال جملة مفيدة: وأحيانا يكون كل خيار مبني على ما قبله، وليس على رأس السؤال، مثلاً لو قلنا: الشخص الذي يتولى بناء الجداول: -المرشد الأكاديمي -قسمه -البوابة الإلكترونية.
وغالبا ما يكون الخيار الصحيح هو الذي يشكل مع رأس السؤال جملة مفيدة، وهذا فيه إيحاء بالإجابة، وإن لم يكن هو فهو خطأ لغوي مضلل.
ـ جميع الخيارات محتملة بالنسبة نفسها لا مانع من أن تكون المشتتات صحيحة بنسبة يسيرة، أو بصورة متكلفة، لكن ينبغي أن يكون الصواب أقوى منها وأدل على المعنى، لذا لا بد من التوضيح للمختبرين أن المطلوب منهم اختيار الأصح.
مثال: تقدم الجامعة للطالب خدمة -الرعاية -التوظيف -التعليم
كلها صحيحة بنسبة معينة، لكن أقواها الأخير، فهذه الصياغة مقبولة.
لكن الغلط عندما تكون النسب متقاربة، مثلاً لو قلنا في السؤال السابق -البحث -التدريب -التعليم
ـ كل الأسئلة تقيس مستوى واحد من مستويات المعرفة
فتكون جميع الأسئلة تقيس الحفظ فقط أو الفهم فقط أو التحليل فقط.
ـ بعض الأسئلة لا تتناسب مع أهداف المحتوى ولا جدول المواصفات:
أحيانا تضع لجنة الجودة أهدافا عالية ومتقنة للمحتوى، فتأتي أغلب الأسئلة من جزئيات ثانوية، وربما ذكرت استطرادا، واستخدام جدول المواصفات الذي يربط بين المحتوى والأهداف والأسئلة، يحل هذا الإشكال بعون الله.
ـ اشتمال السؤال على أكثر من فكرة (الأسئلة المركبة)
ـ البسط والاستطراد في الخيارات، وعدم تناسبها في الطول
والأسوأ إن كان الصواب هو الأطول والأكثر تفصيلا، أما عندما تكون الخيارات آيات قرآنية أو أحاديث أو مقولات، فيكتفي موضع الشاهد منها.
ـ ترتيب الأرقام بصورة عشوائية
هكذا: -9 -2 -5 -6 والمفروض ترتيبها بصورة تصاعدية أو تنازلية، للتقليل من التوقع، والاعتماد على المعرفة.
ـ استعمال النفي، وأحيانا نفي النفي
وأكثر ما ألاحظ ذلك في الاستبانات، فيقول: لا أفضل عدم فعل هذا الأمر، ومن الخيارات لا أوافق.
ـ قلة عدد الخيارات (في الأسئلة متعددة الإجابة) مع استعمال جملة (جميع ما ذكر أو لا شيء مما ذكر)
وقد ذهب أهل الاختصاص في هذا المجال إلى أن العدد المثالي في الخيارات أربعة أو خمسة، وفي أسئلة المزاوجة يفضلون ألا يزيد عدد الخيارات في العمود الثاني عن عشرة، والأسئلة في الأول أقل منها.
وإن كان لا بد من وضع (جميع ما ذكر) فينتبه من خطأ شائع، وهو جعله الخيار الصحيح دائما.
ـ تكرار كلمة في بداية كل واحد من الخيارات، مما يسهم في إطالتها، والصواب أن تجعل في رأس السؤال.
ـ السؤال في أسئلة الصواب والخطأ عن مسألة خلافية، فحتى لو كان المدرس قد اختار عند الشرح قولا واحدا ولم يتطرق لغيره، فإنه لا يليق به تثبيط الطالب المثقف المطلع على مراجع متعددة للمادة العلمية، وهذا -بالطبع- عندما يكون الخلاف قويا، ولا اعتبار للآراء الشاذة.
هذا ويستحسن التنوع في الأساليب، فلا تكون كل الأسئلة في مستوى واحد من الصعوبة، ولا جميعها تتطلب إكمال جملة، فيمكن قول: واحد من الخيارات الآتية صحيح. أو السماح باختيار إجابات متعددة لكل واحد منها وزنه من الدرجة، أو كتابة قصة قصيرة مرتبطة بالمحتوى العلمي ووضع أسئلة عليها.
ختاما؛ من الجميل استشارة بعض الأساتذة والباحثين للمختصين، وطلب تقييم الاختبار والاستبانة لتقليل الخلل فيها، واتساع صدورهم عند الاختلاف مع الطلبة، ومراجعة السؤال محل الخلاف وتصحيحه إن كان موهما.
أسماء بنت محمد الحميضي
كلية التربية
إضافة تعليق جديد